IMLebanon

“القوات”: رسالة إيجابية من “بعبدا” لمشاركة جعجع في لقاء الأربعاء

كتب عمر البردان في “اللواء”:

بقدر ما جاءت مشاركة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في اجتماع بعبدا الأربعاء الماضي، لتؤكد احترام الرجل لموقع رئاسة الجمهورية، من خلال تلبيته الدعوة رغم الخلافات العميقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون «والتيار الوطني الحر» ومن يدور في فلكهما، بقدر ما أظهرت تباعد القوى المعارضة وغياب التنسيق بينها، من خلال تغيب رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، إضافة إلى رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل عن هذا الاجتماع، في مؤشر يعكس عمق المأزق السياسي الذي تعانيه مختلف الأطراف السياسية التي تفاوتت في مواقفها من خطة الحكومة الاقتصادية التي عرض لها اللقاء في القصر الجمهوري. وهذا بالتأكيد سيزيد من حجم العقبات التي ستعترض تنفيذ الخطة التي لا تحظى بإجماع اللبنانيين.

وبالرغم من المواقف المعلنة، فإن مشاركة جعجع كانت بمثابة «ضربة معلم» على ما أجمعت عليه ملاحظات المراقبين الذين اعتبروا أن الرجل يقرأ الأمور بشكل دقيق ويتعامل مع التطورات بكثير من الحكمة والمسؤولية، تقديراً منه للظروف الدقيقة والخطيرة التي يمر بها لبنان .

تقول لـ«اللواء» في هذا الخصوص أوساط قيادية في حزب «القوات اللبنانية»، «أنه منذ اللحظة الأولى فإن السؤال المطروح عند الدكتور جعجع لم يكن ما إذا كان سيشارك أم لا؟ بقدر ما كان السؤال لماذا عدم المشاركة؟ ولذلك كان أمر المشاركة في اجتماع بعبدا بديهياً، باعتبار أنه دأب على المشاركة في اجتماعات من هذا النوع في مراحل سابقة، وليست هي المرة الأولى التي يشارك فيها»، مشيرة إلى أن «القوات وانطلاقاً من تموضعها السياسي، تعتبر نفسها تحت سقف هذه المؤسسات، وما ينطبق على رئاسة الجمهورية، ينطبق على الرئاستين الثانية والثالثة. وهي تعبر عن موقفها المؤيد أو المعارض، من خلال رؤيتها للملفات».

وتضيف الأوساط «القواتية»: «لذلك صعد الدكتور إلى بعبدا، وكان لديه تصور واضح لمسألة الخطة الاقتصادية التي يراها بأنها لا تخرج عن سياق الفذلكات التي كنا نراها في الموازنات السابقة والبيانات الوزارية، وغيرها من الفذلكات في الخطابات والجلسات النيابية. ومن هنا فإن الدكتور جعجع يشدد على أن الناس ما عادت تريد خطابات ومواقف، بل أفعال لأنها جائعة، عدا عن أن البلد في ورطة كبيرة. فالمطلوب برأي رئيس القوات الذهاب إلى خطوات عملية وعملانية. ولذا فإنه عارض التوقيع على البيان لأنه اعتبره عمومياً. وهو أكد من على منبر قصر بعبدا أنه ضد العهد، بالتالي فإنه لا يوافق على سياساته، وهذ حقه لأنه شارك في الاجتماع لكي يشير إلى الخطوات التي على الحكومة أن تلجأ إليها».

وأشارت الأوساط، إلى أن «جعجع كان واضحاً في كلامه للمجتمعين، بحيث سأل أنه كيف يمكن أن نطلب من المجتمعين العربي الدولي مساعدة لبنان، في حين أن الدولة اللبنانية غير ممسكة بقرارها السياسي، وغير ممسكة كذلك بقرارها الاستراتيجي والسيادي في آن. ولذلك فإننا كما يقول رئيس القوات، إذا كنا نريد دعماً خارجياً، فعلى الدولة أن تحزم أمرها باتجاه استرداد قرارها الاستراتيجي، وأن تمسك بمفاصل السلطة في لبنان»، مشددة على أن «جعجع شارك في الاجتماع، ليقول أنه لا يحق للحكومة ولا للخطة الاقتصادية، أن تمس بأملاك الناس التي هي أملاك خاصة يكفلها القانون والدستور، ولذلك لا يجب أن يتحمل المواطن تبعات السياسات المتبعة. وقد أكد رئيس القوات على سيادة الناس على أملاكها، وسيادة الدولة على أراضيها. فكيف يمكن للدولة برأيه أن تتدخل في سيادة أملاك الناس، وهذا ما لا يحق لها، فيما تبدو عاجزة عن استرداد سيادتها المنتهكة؟

وإذا كانت مشاركة جعجع في اجتماع بعبدا، قد أخذت حيزًا من الاهتمام السياسي والإعلامي، إلا أنها لم  تسهم في كسر الجليد على صعيد العلاقات المسيحية المسيحية، وتحديداً مع «التيار الوطني الحر»، بما يعيد الاعتبار ل»اتفاق معراب» الذي أفرغ من مضمونه. إذ لم يحصل حتى مجرد سلام بين جعجع والنائب جبران باسيل الذي تعمد تجاهل رئيس «القوات» خلال دخوله قاعة الاستقبالات في القصر الجمهوري.

لا تريد الأوساط «القواتية إعطاء الموضوع أكثر من حجمه، فتشير إلى أن «جعجع وصل في تمام الساعة الحادية عشرة، وبالكاد عندما أراد أن  يأخد مقعده في قاعة الاستقبال، طلب إلى المشاركين الدخول إلى قاعة الاجتماع، في حين كان باسيل يتحدث مع أحد المشاركين»، مشددة على  أن «العلاقة مع باسيل مقطوعة»، لكنها تكشف في المقابل، أنه «كان هناك نوع من ارتياح وتقدير عبرت عنه دوائر القصر الجمهوري للدكتور جعجع، لمشاركته في الاجتماع، وهو ما عبر عنه أيضاً رئيس الجمهورية ميشال عون». لكنها في الوقت نفسه استبعدت أي تحسن في العلاقة بين «القوات» و»العوني»، في ظل «وجود حالة انعدام ثقة نتيجة ما حصل في السنوات الماضية، وبالتالي فإن أي مقاربة لهذا الملف، لا بد أن يكون لها جدول أعمال من طبيعة وطنية. وفي الوقت الحاضر فإن هذا الموضوع غير مطروح» .