IMLebanon

ماذا لو صعّب صندوق النقد شروطه على لبنان؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

خلال زيارته الى بعبدا مشاركاً في الحوار المالي طرح رئيس حزب “القوات” اللبنانية سمير جعجع جملة نقاط أو خطوات يعتبر ان تنفيذها شرط من شروط تنفيذ الخطة الاقتصادية للحكومة، مسلطاً الضوء على المعابر غير الشرعية والمرفأ والتهريب وغيرها. وتلتقي مطالب جعجع مع شروط المجتمع الدولي للموافقة على طلب لبنان مساعدة صندوق النقد. وهي شروط ظهرت أيضاً في مقالة كتبها مؤخراً السفير الاميركي السابق جيفري فيلتمان معلناً: “أيّ دعم من الشركاء الخارجيين للحكومة يجب أن يكون وفق شروط سياسية واقتصادية”. فماذا اذا صعّد الصندوق شروطه فعلاً وما البديل للبنان ليقول لا للشروط الدولية؟

بعد أقل من اسبوعين تبلغ الحكومة مئة يوم من عمرها. مناسبة يطل خلالها رئيس الحكومة حسان دياب على الرأي العام مقدماً جردة حساب لعمل حكومته، مكامن النجاح والاخفاق وأسبابه. سيصارحهم لماذا لم تنجز حكومته التعيينات المالية واين أصبح موضوع التدقيق في حسابات مصرف لبنان. يتحضر دياب لخطاب مكاشفة ومصارحة للبنانيين ايفاء لوعد قطعه عليهم عند توليه مقاليد السلطة التنفيذية.

يبدو رئيس الحكومة وفق مطلعين على اجوائه عن قرب مرتاحاً للخطوات الايجابية التي خطتها الحكومة منذ تشكيلها لغاية اليوم. يتابع تنفيذ مقررات مجلس الوزراء بتفاصيلها، وموضوع ارتفاع سعر صرف الدولار وإنعكاسه على أسعار السلع والمواد الغذائية في المحلات والسوبرماركت، والتدقيق في حسابات مصرف لبنان ومتابعة الخطة الاقتصادية… ملفات كثيرة لبلد منهار مالياً واقتصادياً لم يخرج منها الا القليل الى العلن كنتائج ملموسة فيما المعالجات تحتاج وقتاً والناس عادة لا ترحم لشدة يأسها والفقر.

أما في التقييم السياسي لسياسة المئة يوم من عمر الحكومة فتشعر الحكومة كما رئيسها أن التعاطي الدولي العام معها بات أفضل ومريحاً أكثر من يوم شُكّلت، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية التي تبدو أقل عدوانية في التعاطي معها ما يشكل قوة دفع باتجاه التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وعملياً باشرت الحكومة اجراءاتها المتعلقة بطلب برنامج مالي إنقاذي من صندوق النقد الدولي وهي بانتظار الإجابة رسمياً لإنطلاق المفاوضات.

لكن مسار هذه المفاوضات، في حال تمت الموافقة على طلب لبنان المساعدة، وهذا المتوقع، لن تكون سهلة وميسرة، او لنقل بعبارة اخرى ان الطريق الى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي لن تكون معبدة والمفاوضات معه ستكون حذرة في ظل وجود مخاوف من شروط سياسية سبق وظهرت في خفايا تصريحات المسؤولين الاميركيين.

ربما هو حظ لبنان العاثر يجعل موعد التجديد لقوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان متزامناً مع تقديم لبنان طلب مساعدة ملحة من صندوق النقد، ما يعيد الى الواجهة مجدداً الطرح القديم الجديد بتوسيع صلاحياتها ورقعة انتشارها. شرط بُعده اسرائيلي بمسعى اميركي لن يكون بمقدور الحكومة ان تقبل به وسيفتح الباب على خلاف سياسي داخلي وانقسام حاد وسيتصدى له “حزب الله” بالتأكيد. فـ”حزب الله” قد يغض الطرف عن طلب مساعدة صندوق النقد لكنه بالتأكيد لن يرضخ لاي شرط مساعدة اسرائيلي عبر أميركا.

والى موضوع اليونيفيل ثمة شروط كثيرة تتخوف منها الحكومة من أن يفرضها صندوق النقد استباقاً لأي مساعدة مالية من شأنها أن تسبب توترات سياسية واجتماعية. وقد يكون من بين الاجراءات زيادة الضرائب على الشعب اللبناني أو بيع أملاك الدولة والحض على الخصخصة وتقليص حجم الادارة اللبنانية وتخفيف عدد الموظفين.

تعرف الحكومة انها قد تكون قادمة على مشكلة اذا ما واجه صندوق النقد حزمة مطالبها المرفقة بالخطة الاقتصادية بشروطه القاسية ويأتي في سياق التوقعات المستقاة من خلال ردود الفعل الاولية التي نتجت عن اتصالات داخلية وخارجية ان الاجواء لن تكون سهلة. ولذا هي حاولت ان تضمّن خطتها كل الافكار المعقولة وغير المعقولة في سبيل ان تشكل احداها مدخلاً لقبول طلب المساعدة.

والحكومة التي تضع كل الفرضيات امامها تعمل تحسباً على مجموعة اجراءات داخلية استناداً الى التدابير التي أقرتها مؤخراً بناء لاقتراح وزيرة العدل ماري كلود نجم. والجديد المستجد في الموضوع ايضاً ما نقلته المعلومات عن ابلاغ رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزيرة نجم موافقته، ومن ضمن شروط وأصول محددة، على وقف تحويل الاموال الى الخارج، كما سيتم تحريك مجموعة القوانين التي سبق واقرتها اللجان النيابية مؤخراً وتصب في سياق ملاحقات ورفع غطاء عن مرتكبين في ملفات معينة وهذا ما بدا واضحاً من خلال ما ظهر في ملف الفيول المغشوش.

ما يعني اتخاذ تدابير تصب في خانة شروط صندوق النقد و”سيدر”، أللهم الا اذا كان المطلوب شروطاً سياسية كيدية من باب النيل من ايران عبر “حزب الله” ارضاء لإسرائيل. مقابل الخشية من شروط صندوق النقد الملغومة ثمة من يرى ان المصلحة الاميركية لا تقتضي الذهاب بعيداً في معاقبة لبنان او التضييق عليه أكثر لا سيما في الموضوع المالي والاقتصادي وحفظ الامن حيث لها شبكة علاقات وحلفاء يهمها الحفاظ عليهم. وبين حاجة الحكومة الملحة للمساعدة وأجندة صندوق النقد يقف لبنان امام حقائق صعبة لا يمكن ان يهرب منها، ووقائع موجعة والخوف ان تتسبب الاجراءات المنوي تطبيقها على مستوى استعادة الاموال المنهوبة والمحاسبة الى انقسام داخلي لا سيما ان المتوقع ان يكون البلد امام كباش كبير وحامٍ في محاولة البعض حماية نفوذهم.