IMLebanon

سرّ بترا خوري وعناد حسّان دياب

كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:

يكتشف اللبنانيون، يوماً بعد يوم، في رئيس حكومتهم البروفسور حسّان دياب شيئاً من العناد يتظهّر في مقارباته لبعض الملفات، ومنها على سبيل المثال إصراره على تعيين مستشارته للشؤون الصحية الدكتورة بترا خوري باسيل محافظاً لمدينة بيروت، بعدما كان اسمها مطروحاً للتوزير بدلاً من زينة عكر عدرا، المتزوجة من سني كما حال فيوليت خيرالله الصفدي… ما يوحي أن المقاعد الأرثوذكسية، هجينة!

فلنتصور في المعادلة الطائفية القائمة، أن يختار رئيس الجمهورية الماروني الأسماء الشيعية في الحكومة وخارجها أو أن يمنح رئيس الحكومة نفسه هذا الحق. للطوائف الكبرى خطوطها الحمر لمن مع المراكز التي تخص طائفة اللاطائفيين، أي الروم الأرثوذكس يجوز ما لم يكن جائزاً، والخط الأحمر يصبح برتقالياً وأزرق وأخضر وأصفر…

إذا كانت خوري قد شكّلت نقطة تقاطع بين “التيّار” ورئيس الحكومة، في فترة ما، فاليوم باتت محور الكباش القائم بين الرئاستين الثالثة والأولى، في التعيينات، والمسكوت عنه سابقاً طفا على سطح العلاقات “المصلحية” القابلة للإهتزاز عند كل مفترق، وجديد التباعد غير الصحي، تلقي رئيس الحكومة رسالة، غير مشفرة، من “الناشط” على خط السراسقة ـ بعبدا من جهة، وعلى خط المرشحين لخلافة القاضي زياد شبيب، أي نائب المتن الأرثوذكسي الياس بو صعب الذي غرّد متوجهاً إلى الرئيس دياب، “التشبث بالرأي يعرقل ولا يفيد، كنا اعتقدنا أن نظرتك للتعيينات مختلفة إلى أن اكتشفنا أن هدفك هو تعيين مستشارة لك بموقع مهم، القوة ليست بإظهار الصلابة أمام الرأي العام، بل عندما تكسب احترام الجميع وتحترمهم لاظهارهم مرونة كبيرة، أتمنى ألا تكون اعتبرتها ضعفاً”.

ومع استمرار شد الحبال حول خليفة شبيب، استغرب مصدر سياسي من خارج التركيبة الحالية “إصرار دياب على فرض مستشارته عديمة الخبرة في الشؤون القانونية والإدارية في مركز محافظ بيروت، وكذلك عدم رفع الوزير المختص، الأسماء المقترحة إلى مجلس الوزراء، وكأن دياب يخيّر الجميع بين المستشارة وبين تعيين محافظ جبل لبنان بالوكالة إذا حصل الشغور، وهو على الأرجح حاصل” ما يعني أن دياب، عدا تجاهله الكفاءة يتجاهل دور الوزير المخوّل دستورياً رفع أسماء المرشحين الى مجلس الوزراء. والأنكى أنه لم يعر الموقف الموحد (وربما النادر) لبطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، ولا للمتروبوليت الياس عودة، بما خص الغبن اللاحق بأبناء طائفتهما في التعيينات، وعدم الوقوف على رأيهما بأسماء مرشحة لخلافة القاضي شبيب، وبعضها يُطرح ليُحرق، وبذلك يتخطى دياب الأعراف (وحتى اللياقات) بأن يُكون لمتروبوليت بيروت رأي في اسم المحافظ، كما في الأسماء الأرثوذكسية المرشحة لعضوية مجلس بلدية بيروت. ومن لديه ذاكرة يعرف ذلك تماماً”.

وتوقف المصدر نفسه “عند تصرف رئيس الحكومة في ملفات التعيينات، الذي لا يتبع آلية واضحة تعتمد الكفاءة كأساس”. وتساءل “ما سر بترا خوري التي وضع فيها دياب هذا المنسوب من الثقة وكان يريدها في موقع نائب رئيس مجلس الوزراء، ولمّا لم يوفّق في ذلك وضعها مستشارة ممتازة له وسلمها التنسيق في المواضيع الصحية، ومن أهمها لجنة “كورونا” التي بدأ فشلها يظهر بعد ان صفق لها واعتبرها انها هي من أنقذت البلاد والعباد من الوباء. أدى الفشل الى عودة “كورونا” بقوة فرميت الملامة على الناس الجياع القابعين في بيوتهم بانتظار لقمة عيش حرمتهم منها حكومة دياب بعد إخفاقها حتى بتوزيع المساعدات عليهم؟”.

ويسأل المصدر: “ألم يعد هناك من قضاة إداريين وماليين او محامين لامعين في هذه المجالات من الطائفة الأرثوذكسية ليشغلوا منصب محافظ بيروت؟ ولو كانت بترا خوري تعي ما معنى ان تكون محافظاً لبيروت غير مرغوب به من مكونات المدينة لما وافقت على ان يبقى اسمها مطروحاً. فهذا الموقع يجسد تاريخياً العيش المشترك بين ابنائها ويرتبط بهيكلية المحافظة والبلدية وهو نموذج فريد بتركيبته يختلف عن المحافظات الأخرى، فلا يمكن التعامل معه كأي منصب اداري آخر”.

ويتابع المصدر: “لكن كما يبدو واضحاً فإن القضية اكبر من موقع اداري بل إن ما يفعله دياب يشكل تصرفاً خطيراً في إدارة الدولة، يهدد بالفشل الذريع. فعجز دياب عن اجراء إصلاحات ولو بسيطة حتى الآن هو خير دليل على ما يحدث عند وصول أشخاص غير مؤهلين إلى موقع مسؤول. وخير دليل ان الشهادات لا تكفي ليكون الإنسان مؤهلًا للقيادة. كما أن البعض يخلط بين العناد والشخصية القيادية”.  والتمسك ببترا خوري، ليس عناداً بالحق بقدر ما هو محاولة لتعزيز سلطته على مواقع أساسية في الإدارة، وخيِّل لدولة الرئيس “اللاطائفي” أن لا باس في أن يخطف محافظة بيروت بغفلة من الزمن، بغياب أقطاب زمنيين لطائفة الروم الأرثوذكس الكريمة بالنُخب…