IMLebanon

ماذا وراء قبول استقالة رئيس “القومي”؟

كتب عمار نعمة في صحيفة “اللواء”:

يوم بعد الآخر، تتصاعد الأزمة داخل أروقة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» وهذه المرة سكب قبول استقالة رئيس الحزب فارس سعد، في توقيته خاصة، المزيد من الحبر في موضوع المعركة الأزلية بين الرجل القوي رئيس «المجلس الأعلى» أسعد حردان ومعارضيه.

من الواضح أن حردان قد احتفظ بنفوذه القوي في الحزب برغم تمكن المعارضة من تنحيته عن التجديد لنفسه على رئاسة الحزب قبل سنوات أربع. لكن المعركة تتصل اليوم بمحاولة إضعاف الرجل قدر الإمكان في محاولة لمنعه من العودة على رئاسة الحزب.

لكن معارضي حردان يخوضون «أم المعارك» ضده، وخاصة عبر أسماء تاريخية لا تزال تخوض الجبهة في «المجلس الأعلى» وهم الأمناء الذين كانوا قدموا استقالتهم: غسان الأشقر، توفيق مهنا، أنطون خليل، عصام بيطار، بشرى مسوح وعبد الكريم عبد الرحمن، ومعهم الرئيس السابق للحزب حنا الناشف.

مراكز قوى؟

خرج هؤلاء أخيراً ببيان عالي النبرة احتجاجا على قبول «المجلس الأعلى» لاستقالة سعد من حيث توقيتها الزمني الذي أثار ريبتهم، وهم بذلك يشتركون مع طيف واسع من المعارضين والمحتجين على أداء القيادة الهدف الأول له يتمثل في إرجاء المؤتمر الذي دعا إليه المجلس في شهر آب المقبل لانتخاب قيادة جديدة.

والحال أنه مع استقالة سعد، فقد آلت الأمور الى نائب الرئيس وائل حسنية الذي سيُدير مرحلة انتقالية حتى 12 آب المقبل تحت عنوان التحضير للمؤتمر. على أن المطلعين على بواطن الأمور يعيدون استقالة سعد الى عدم قدرته على مواجهة بعض النافذين في الحزب ومنهم أعضاء في «مجلس العمد» لم يتمكن من استبدالهم لتمتعهم بدعم حردان.ويشير البعض الى أن حسنية نفسه يحتفظ بموقف رافض لنفوذ هؤلاء وعلى رأسهم عميد الدفاع زياد معلوف الذي تتصاعد قوته ونفوذه في الحزب، ويريد حسنية استبدال بعض العمداء تحضيرا لمؤتمر آب مثل عمداء الدفاع وعبر الحدود والداخلية والمالية.

وتتمثل خشية معارضي حردان على إصباغ مؤتمر آب شرعية جديدة على حردان تُمكنه في المستقبل من تعديل دستور الحزب والسماح لنفسه بالتجديد لولايات ثلاث متتالية، وهم بذلك يريدون منع عقد المؤتمر في توقيت كهذا.

وفي محاولة لن تكون الأخيرة لمنع عقد المؤتمر، أصدر هؤلاء بياناً على شكل نداء توجهوا به الى «جميع السوريين القوميين الاجتماعيين من أجل الصالح والوحدة».

هاجم البيان حردان بشدة من دون أن يسميه، خاصة لناحية تفرده واستهتاره من جديد بأنظمة الحزب عبر قبوله ومن معه في «المجلس الأعلى» باستقالة رئيس الحزب التي مرّ عليها ثلاثة أشهر ونصف.

ويعتبر هؤلاء أن قبول الاستقالة في هذا التوقيت كان لسبب إقناع رئيس الحزب سعد بحضور جلسة المجلس وأخذ موافقته على تمديد مدة المؤتمر القومي آب، وذلك ليتسنى له إجراء إنتخابات شكلية لإعادة إنتاج نفسه في السلطة، قبل أن يُبلغه حردان ومن معه رفضهم أي تغيير في «مجلس العمد».

يؤكد المعارضون أنه ليس من اختصاص رئيس المجلس وفريقه إملاء اختيارات كهذه على رئيس الحزب. هذا مع العلم أن حردان و«المجلس الأعلى» لم يعرضا استقالة سعد على المجلس ومثله موضوع تقديم أعضاء في المجلس لاستقالاتهم منذ أكثر من عام.

والواقع أن كواليس الحزب تحفل بأحداث يرويها كل طرف حسب رؤيته، وثمة أحاديث حول تنامي مراكز قوى في الحزب تتمحور حول حردان منعت الرؤساء الذين تعاقبوا على خلافته منذ العام 2016 من العمل.

لذا، فإن المعركة اليوم تتمحور حول الكباش الدائر لإجراء المؤتمر من دون تعديل في موعد آب المقبل، وهو ما تمضي به القيادة به عبر إجراءات سريعة تسابق الوقت الذي تبقى منه أقل من ثلاثة أشهر.

ومن ناحيتها، ترفع المعارضة الصوت رفضاً لحشرها في الزاوية تمريراً لمؤتمر تسفر عنه انتخابات معروفة النتائج سلفاً. وتحت شعار التمسك بالدستور وبالقانون، يضغط المعارضون، بدعم من مناشدات كثيرة داخلية وعبر الحدود، لتمديد مهلة المؤتمر سنة على الأقل، إذا لم يكن هناك من خيار آخر، وهو الرأي نفسه الذي احتفظ به رئيس الحزب المستقيل قبل موافقته على المضي بالوعد المقرر في آب. ومن شأن إرجاء المؤتمر كونه سيفيد المعارضة الحزبية عبر توفير الوقت لتنظيم النفس عبر المؤتمرات الفرعية وأعضاء الخارج، للوصول الى بعض التغيير.

لا يمكن استشراف صراع القوى هذا، ويبدو أن الكفة ما تزال تميل الى صالح القيادة وعلى رأسها حردان لأسباب داخلية تتعلق ببنية الحزب الموالية بغالبيتها له، كما لتلك الخارجية وهو الحاصل على ثقة الراعي الإقليمي، وهو ما يعلمه المعارضون تماماً الذين سيكون عليهم في المقبل من المراحل تنظيم النفس والجهد وتوحيد الرؤى ولملمة الشتات، في وجه خصم ما يزال محافظاً على تماسكه الحزبي وصلابته.