IMLebanon

باسيل يبتزّ “الحزب”… “سلّم سلاحك”!

ليست تفصيلية تلك الرسائل السياسية المشفرة التي يدأب “التيار الوطني الحر” في الآونة الأخيرة على توجيهها عبر الأثير إلى “حزب الله”، سيما وأنها بدأت مع تصاعد وتيرتها تثير أكثر من علامة استفهام حول المدى الذي ستبلغه في المرحلة المقبلة في إطار صراع “الحياة أو الموت” الذي يخوضه العهد العوني على شفير الهاوية الاقتصادية والمالية والاجتماعية. فمنذ عبارة “قوى الأمر الواقع” التي استخدمها رئيس التيار جبران باسيل في إطار تحميلها المسؤولية الناتجة عن تفلّت المعابر على الحدود اللبنانية – السورية، توالت الإطلالات المدججة بالرسائل الموقوتة على “الموجة نفسها” من جانب قيادات “التيار الوطني” لوضعها عبر شاشة “أو تي في” في صندوق بريد الحزب، وصولاً إلى حد ملامسة قضية سلاحه الوجودية والتلويح بخطر انكشافه داخلياً والتلميح إلى إمكانية وضعه على طاولة البازار العوني على قاعدة “سلّم تسلم”… فإما يسلّم الحزب بوجوب الوقوف كلياً إلى جانب باسيل في معركته السياسية من دون مواربة ولا مراعاة لحليف من هنا وحليف من هناك أو أن سلاح الحزب سيكون عرضةً لنزع الغطاء المسيحي عنه.

وفي هذا السياق، توقفت أوساط سياسية عند الحملة الممنهجة التي يخوضها “التيار الوطني” ويمارس من خلالها لعبة “الغمز واللمز” من قناة “حزب الله”، بدءاً من إشارة باسيل إلى مسؤولية الحزب دون تسميته عن معابر التهريب، مروراً بالإشارة إلى سطوة مسلحي الحزب على طريق مطار رفيق الحريري الدولي ورعايتهم عمليات التهريب والتهرب الجمركي للبضائع، وهذا ما ألمح إليه تحديداً المسؤول العوني ناجي حايك في مقابلة مع الـ”OTV” حين سرد واقعة تعرض دورية من الجمارك على طريق المطار لكمين من قبل مسلحين على متن سيارات رباعية الدفع ذات زجاح داكن أثناء قيام عناصر الدورية بضبط عملية تهريب بضائع فهددوهم بالقتل ما لم يطلقوا سراح المهربين والبضاعة فوراً، وصولاً خلال الساعات الأخيرة إلى رسالة “سلّم سلاحك” التي توجه بها النائب زياد أسود مباشرةً إلى “حزب الله” على اعتبار أننا في لبنان “مش رح فينا نضل حاملين بارودة وشعبنا جوعان”، مؤكداً أنّ ثمن وجود سلاح “حزب الله” يدفعه “كل اللبنانيين” وبالتالي “ما بيقدر “حزب الله” لحالو يصمد إذا ما في تضامن وطني حولو وما بيصمد لو قاعد تحت مية طابق بالضاحية”.

الأوساط نفسها لاحظت أنّ هذه الصحوة المفاجئة على سلاح “حزب الله” من جانب “التيار الوطني” ليست وليدة استفاقة وطنية على وجوب نزع السلاح غير الشرعي في البلد إنما واضح من سياقها الزمني وتوقيتها أنها تأتي من ضمن أجندة “ابتزاز” الحزب والتلويح له بالعصا الأميركية وتذكيره بأهمية الغطاء المسيحي الذي يمنحه رئيس الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني” لسلاحه، لا سيما وأنّ أسود كان صريحاً في استشهاده بقرار الأميركيين بضرورة نزع سلاح الحزب وإلا “روحوا دبروا حالكن يا لبنانيين”. وعليه كانت خلاصة الرسالة بأنّ ثمن الغطاء العوني حان قطافه ولا مجال للميوعة بعد الآن في اصطفاف “حزب الله” إلى جانب باسيل في معاركه الحكومية والسياسية والرئاسية تحت طائل إمكانية الانقلاب في الموقف العوني من قضية السلاح، وهذا ما اختزنه قول أسود: “إذا ما اقتنعوا أهل المقاومة إنو ما رح يمشي الحال وبدنا نلاقي حل، بدهم يلاقوا كتير من الناس عم تتفكفك من حولهم وهيدا الخطر الأساسي عليهم إنو يصير الداخل رافضهم”.

وتعليقاً على هذه الرسائل، وبينما قللت أوساط مواكبة للعلاقة بين الجانبين من جدوى هذه الرسائل على المستوى الاستراتيجي من دون أن تستخف بمدى تأثيرها على أرضية التوليفة الحكومية المتصدعة أساساً، لم تستبعد في الوقت عينه أن يؤدي هذا الكلام العوني المستجد إلى رفع مستوى الاحتقان بين “التيار الوطني” و”حزب الله”، خصوصاً على مستوى القاعدة الجماهيرية لكل منهما وهذا ما بدا واضحاً في سلسلة الردود النارية التي أطلقها مناصرو الحزب على كلام أسود مساءً متهمين إياه بأنه يأتمر بأوامر السفارات وصولاً إلى اتهام تياره بأنه “تاجر مواقف” يهمه أن يقبض ثمنها بلا أي عقيدة أو مبدأ.