IMLebanon

تحذير إسرائيلي للبنان: أغلقوا مصانع صواريخ حزب الله

كشفت مصادر سياسية لبنانية أن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش نقل الأربعاء إلى الرئيس اللبناني ميشال عون تحذيرا من إسرائيل بضرورة إزالة حزب الله مصانع الصواريخ التي أقامها داخل الأراضي اللبنانية وإلّا فسيتحمل لبنان تبعات النتائج المترتبة على وجود هذه المصانع.

وأوضحت المصادر أن الرئيس اللبناني أكد للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حرص بلاده على استمرار الهدوء في الجنوب بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في المنطقة، متفاديا في الآن ذاته إبداء أي موقف حيال مصانع صواريخ حزب الله من منطلق أنها ليست موجودة.

وقالت المصادر إن الرئيس عون لم يتجاهل التحذير الإسرائيلي فحسب، بل أيضا القرار الدولي 1701 الذي يؤكّد صراحة ضرورة سيطرة السلطة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية وليس على الجنوب وحده.

وأطلع كوبيتش الرئيس عون “على المداولات التي تمت الأسبوع الماضي خلال مناقشة مجلس الأمن الدولي للتقرير الذي أعده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مراحل تنفيذ القرار 1701، والاهتمام الذي أبدته دول مجموعة دعم لبنان لإقرار الخطة الاقتصادية، وتداعيات النزوح السوري إلى لبنان“.

وأكّد كوبيتش، بحسب البيان، “أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن لا تزال تدعم عمل ‘يونيفيل’ في جنوب لبنان بهدف تطبيق القرار 1701.

ويرى مراقبون أن موقف الرئاسة اللبنانية من الاتهامات الإسرائيلية كان متوقعا لاسيما وأن الرئيس عون هو حليف استراتيجي لحزب الله وقد حرص منذ توليه منصبه في العام 2017، على تلميع صورة الحزب، والتغطية على نشاطاته.

ويشير المراقبون إلى أن فرص اندلاع نزاع مسلح جديد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني قائمة وإن كان الطرفان لا يرغبان فيها. وسبق وأن هددت إسرائيل مرارا بأن أي حرب جديدة مع الحزب لن تستثني لبنان وأن الأخير سيكون الخاسر الأكبر، لاسيما في ظل حالة الضعف الشديدة التي يعيشها نتيجة أزمته الاقتصادية والمالية.

وتدرس إسرائيل وحزب الله سيناريوهات الحرب المقبلة، التي يقول الجانبان إنها حتمية، وذلك بعد مرور 14 عاما عن آخر جولة بينهما و20 عاما على خروج القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.

وصعدت إسرائيل منذ بداية العام الجاري من غاراتها الجوية على أهداف لحزب الله في سوريا المجاورة، مع زيادة وتيرة المناورات العسكرية التي تحاكي حربا مع الحزب في لبنان، في المقابل يعمل حزب الله الموالي لإيران على تعزيز قدراته القتالية والتسليحية استعدادا للمواجهة.

وقال الكولونيل يسرائيل فريدلر، القائد الإسرائيلي الذي أشرف على مناورة استمرت لأسابيع في محاكاة لحرب مع الحزب في قاعدة بشمال إسرائيل، “نحن نستعد بجدية للحرب القادمة. ولا نسلك أي طريق مختصرة لأننا نفهم أننا يجب أن نكون أقوياء للغاية لهزيمة العدو”.

وظهر حزب الله كمجموعة فدائية في ثمانينات القرن الماضي، بتمويل من إيران لمحاربة القوات الإسرائيلية التي تحتل جنوب لبنان. ونجح الحزب في دفع إسرائيل إلى الانسحاب من الجنوب في مايو 2000، بفضل حرب العصابات التي خاضها ضدها والتي تقوم على زرع قنابل على جوانب الطرق التي تمر بها القوات الإسرائيلية، فضلا عن استخدام القناصة.

وتطورت قدرات حزب الله منذ ذلك الحين، إلى أن تحول إلى أقوى كيان عسكري وسياسي في لبنان. ويسيطر الحزب وحلفاؤه اليوم على رئاسة الجمهورية والبرلمان اللبناني وعلى الحكومة برئاسة حسان دياب.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان “على الصعيد المحلي، بات حزب الله القوة المهيمنة في لبنان، لكن وضعه على الصعيد الإقليمي محفوف بالمخاطر بسبب الضغط الإسرائيلي والاضطراب الداخلي وأزمة داعميه الإيرانيين المركبة”.

ورغم مراكمته للخبرات العسكرية على الأراضي السورية وتعزيز قدراته التسليحية بيد أن الحزب لا يبدو أنه قادر على تحمل الدخول في صراع عسكري مع إسرائيل. حيث يعيش الاقتصاد اللبناني في حالة من الفوضى، وبات حوالي نصف اللبنانيين يقبعون في فقر، بما في ذلك معاقل حزب الله، ويعاني الحزب من الناحية المالية بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه وعلى إيران.

وللحرب في سوريا أيضا ثمنها حيث خسر حزب الله حوالي 2000 مقاتل أثناء القتال إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد.

ويرى الخبير في شؤون حزب الله قاسم قصير أن الحزب ليست لديه مصلحة في خوض حرب ضد إسرائيل لكنه يستعد لها منذ فترة طويلة، مضيفا “لن تكون معركة بالصواريخ فقط”، في إشارة إلى أن حزب الله قد يحاول اجتياح أجزاء من شمال إسرائيل.

وفي منطقة مليئة بالخصوم، تعتبر إسرائيل حزب الله أشد تهديداتها وأكثرها إلحاحا. وخلال حرب عام 2006، أطلق الحزب نحو 4 آلاف صاروخ على إسرائيل، معظمها مقذوفات غير موجهة ذات نطاقات محدودة.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن حزب الله بات يمتلك اليوم حوالي 130 ألف صاروخ وقذيفة قادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل. ويؤكد المسؤولون أيضا أن الحزب يمتلك صواريخ متطورة مضادة للدبابات ومعدات رؤية ليلية وقدرات لا بأس بها في الحرب السيبرانية.

ويعمل حزب الله على طول الحدود، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار للأمم المتحدة الذي أنهى حرب 2006. وأسس الحزب وجودا في جنوب سوريا، بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، مما يوفر جبهة إضافية في حرب مستقبلية. ولعل التحدي الأخطر بالنسبة لإسرائيل هو سعي الحزب لتطوير صواريخ موجهة بدقة.

وقال أحد كبار المسؤولين في حزب الله الشيخ علي دعموش إن الإسرائيليين يخشون من برنامج الصواريخ الخاص بحزب الله. وشدد “يجب أن يشعر الإسرائيليون بالقلق والخوف لأن المقاومة لديها الآن الإرادة والنية والقدرات والقوة لجعل إسرائيل تواجه هزيمة كبيرة في أي مواجهة قادمة”.

وقد تأتي تلك المواجهة في وقت أقرب مما كان متوقعا، حيث اعترفت إسرائيل بتنفيذ العشرات من الغارات الجوية في سوريا المجاورة في السنوات الأخيرة، ويعتقد أن معظمها كان يهدف إلى وقف شحنات الأسلحة الإيرانية أو تكنولوجيا الصواريخ لحزب الله.

واتهمت سوريا إسرائيل بتنفيذ سبع غارات جوية على الأقل في الشهرين الماضيين فقط، ويعتقد أنها استهدفت المصالح الإيرانية وميليشياتها. ولا تكاد الطائرات الحربية الإسرائيلية وطائرات الاستطلاع ذاتية القيادة تغادر الأجواء اللبنانية في الفترة الأخيرة.

وفي الأسابيع الأخيرة، شاركت عشرات الآلاف من القوات الإسرائيلية في مناورة واسعة النطاق في قاعدة “الياكيم العسكرية”. كما قامت القوات البرية بإجراء مناورة داخل قرية لبنانية وهمية. وانضمت القوات الجوية والبحرية ووحدات الفضاء الإلكتروني إلى التدريبات.

وقال القائد الإسرائيلي فريدلر “إذا كانت هناك حرب أخرى، فلن يكون أمام إسرائيل خيار سوى عبور الحدود لوقف نيران حزب الله”. واعتبر أن محاربة عدو راسخ في المناطق المدنية يشبه “القتال وأنت مصفد الأيدي”، لكنه أصر على أن قواته جاهزة. وأضاف “لن يكون الأمر سهلا. ولكن دون شك سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لهم. فهم لا يمتلكون الوسائل لإيقافنا”.