IMLebanon

كارتيل المدارس: إدفع… تنجح!

كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:

نال اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة مراده لجهة عدم الترفيع التلقائي للتلامذة خلافاً لاقتراح وزير التربية طارق المجذوب، وحصر إعطاء الإفادات المدرسية بالمدارس بعد استكمال التعليم عن بعد لغاية التاريخ الذي يناسبها، بما يحفظ «مشروعية» مطالبتها بالأقساط باعتبار أنها أنهت العام الدراسي كالمعتاد!

وقد بدا مريباً أن لا تعلن وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، بعد جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، تفاصيل القرار الذي أعطى المدارس الكلمة الفصل في صفوف الشهادات وباقي المراحل. ومع أن وزير التربية أعلن مراراً أن التعليم عن بعد ليس البديل من التعليم في الصفوف، قرر المجلس استكمال العام الدراسي/ الجامعي الحالي عن بعد من دون حضور الصفوف في التعليم العام والمهني والجامعي لصعوبة تطبيق الإجراءات الصحية الوقائية، مع لحظ تعويض الكفايات والمعارف التي منعت الظروف من إكمالها إلى العام الدراسي المقبل، وتعلن كل مديرية عامة أو جامعة تاريخ التوقف عن التدريس المباشر. وعند انتهاء العام الدراسي عن بعد في التعليم العام والتعليم المهني والتقني، يرفع التلامذة إلى الصف الأعلى وفق ضوابط تحددها وزارة التربية، وتستند إلى معدل التلامذة السنوي في المدارس. كذلك يستكمل العام الدراسي لصفوف الشهادات الرسمية في التعليم العام والمهني بالسبل المتاحة وإعطاء إفادات للطلاب وفق الضوابط عينها (أي معدلات التلامذة في المدارس). لكن القرار لم يحدد مصير الطلبات الحرة في الشهادات الرسمية، فيما تكرر السؤال: «هل يستوي الذي يعيد صفه من العام السابق والذي تجاوز السن وينتظر فرصة فقط؟». فيما علمت «الأخبار» أنه يجري إعداد مشروع قانون ينظّم الضوابط المتعلقة بإنهاء العام الدراسي والامتحانات.

وكان قرار مجلس الوزراء قد ترك ردود فعل مختلفة طالبت وزير التربية بعدم التراجع عن قراره، وأُطلقت حملة على تويتر تحت هاشتاغ «#طارق _لا تتراجع». ودعا التيار النقابي المستقل المجذوب الى الثبات على القرارات أو الاستقالة، ووصف مطالبة وزير التربية السابق الياس بو صعب بتحويل أموال الامتحانات إلى المدارس الخاصة بـ«السرقة الموصوفة»، إذ إن «الأولى أن تصرف هذه الأموال على تعزيز التعليم الرسمي وتأهيله ليستوعب الأعداد الكبيرة المنتظرة للتلامذة». وفيما طالب التيار بإلغاء إعفاء كارتيل المدارس من الضرائب والرسوم الجمركية، رأى أن حكومة الرئيس حسان دياب «خضعت ووضعت رقبة التلامذة وأهاليهم تحت سكين أصحاب المدارس. إذ سيجري هؤلاء امتحانات للتلامذة كما يريدون، ومن لا يدفع لا يُرفّع»!

في المقابل، رحّبت إدارات المدارس بقرار مجلس الوزراء، ووصلت الوقاحة بمدير مدرسة «تي أس سي» (TYRE COMMUNITY SCHOOL) فؤاد خوري (المدرسة عضو في تجمع المدارس – الدكاكين) إلى حد السخرية من لجان الأهل، ووصفها في تسجيل صوتي بـ«جمعية التطبيل والتزمير والجعجعة». وقال إن القرار أتى بضغط من المدارس ووضع الترفيع في ملعبها.

وربط بصفاقة بين الترفيع وبطاقة المحاسبة، أي «تدفع ترفّع»، مؤكداً أن الحسم من المصاريف التشغيلية لن يتجاوز 12.5%. في غضون ذلك، تدرس الإدارات خياراتها في ما يخص استكمال التعليم والتقييم والترفيع. المسؤول التربوي في مدارس المصطفى محمد سماحة قال لـ«الأخبار» إن «الأمور ليست واضحة تماماً، وكل الخيارات موضوعة على طاولة النقاش بشأن ما إذا كنا سنجري الامتحانات عن بعد أو نستدعي التلامذة إلى الصفوف بالمفرق مع مراعاة الإجراءات الوقائية والصحية». فيما أكدت المسؤولة التربوية في جمعية المقاصد الخيرية سهير زين أن مدارس الجمعية مستمرة في التعليم عن بعد حتى آخر حزيران، وسيدرس مجلس المديرين خيارات التقييم الذي يمكن أن يكون «أونلاين»، نظراً الى «أننا أجرينا أكثر من اختبار عن بعد. أما الترفيع فسيكون ميسراً مراعاة للظروف الصحية التي يمر بها البلد».

الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيلية نبيل القسطا أوضح أيضاً أن المدارس ستكمل التعليم عن بعد، إلا أن عملية التقييم عن بعد ستكون صعبة وتحتاج إلى درس كافٍ. ولفت إلى «أننا سندرس الطريقة الفضلى بين خيارات عدة؛ منها اعتماد علامات التلميذ في التعليم الصفي لهذا العام، أو إضافة هذه العلامات إلى ما درسه التلامذة عن بعد». الشرط الأساسي بالنسبة إلى القسطا هو «ترفيع التلامذة عن جدارة ومساعدة من لا يستحقون الترفيع ومن لم يستطيعوا متابعة التعليم عن بعد خلال الصيف حتى لو اضطروا الى أخذ الإذن لإحضارهم إلى الصفوف لترفيعهم عن استحقاق في هذه السنة التعليمية الصعبة، وهذا كان مشروعنا منذ بداية أزمة كورونا».

وزير التربية يخضع لـ«دكاكين المدارس»

لم يمر يوم واحد على اقتراح وزير التربية طارق المجذوب إنهاء العام الدراسي والترفيع التلقائي للتلامذة، حتى وقّع في اليوم التالي قراراً حمل الرقم 240 /م/2020، بتاريخ 18 أيار الجاري، يفوّض فيه المدير العام للتربية فادي يرق بعض الصلاحيات، وأبرزها الموافقة على قبول لوائح ونتائج التلامذة في المدارس الرسمية والخاصة خارج المهلة القانونية، والموافقة على تبرير أوضاع التلامذة في المدارس الرسمية والخاصة، والموافقة على تسجيل التلامذة في الثانويات والمدارس الرسمية خارج المهل القانونية!

القرار لم يشترط أن تكون اللوائح صادرة وفق الأصول، أي عن مدارس تملك تراخيص أو أذونات بمباشرة العمل، وبالتالي سيفتح المجال أمام بازار الصفقات بين «دكاكين التعليم» الخاصة والأهالي تحت عنوان «ادفع تنجح»، وبرعاية وزارة التربية وتواطؤ رئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر وموظفين في المصلحة.

التفويض لا يمنع أيضاً المدارس الخاصة المرخصة التي رفعت لوائحها قبل 31 كانون الأول (موعد انتهاء المهلة القانونية وقد مددت هذا العام استثنائياً شهراً إضافياً بسبب الانتفاضة) أن تعدّ ملاحق بأسماء تلامذة جدد، كما يمكن شبكة المدارس ــــ الدكاكين التي شكلت تجمّعاً في الآونة الأخيرة المطالبة بالحصول على موافقات استثنائية، وهي مخالفة للقانون، من الاستمرار في تسجيل طلاب وهميين وترفيع راسبين من دون حصولها على إجازات لفتح المدارس أو ترخيص لمباشرة العمل فيها. وعلمت «الأخبار» أن الثمن الذي يتقاضاه بعص أصحاب الدكاكين لقاء إعطاء الإفادة وصل إلى 5 آلاف دولار! علماً بأن مؤسس التجمع ن. ع. يدّعي أنه مدير مدرسة الضياء الجديدة التي كانت «الأخبار» قد ذكرت اسمها من ضمن أسماء المدارس المخالفة التي حرم طلابها من إجراء الدورة الأولى لامتحانات البريفيه في العام الدراسي الماضي 2018 -2019 (راجع «الأخبار» الخميس 29 آب 2019)

ويجدر التذكير هنا بأن وزير التربية السابق، أكرم شهيب، أقفل في العام السابق 14 مدرسة بالشمع الأحمر وأعطى، بموجب المذكرة 57، فترة سماح لعشرات المدارس ــــ الدكاكين لمدة سنة تنتهي في نهاية شباط 2020، لتسوية أوضاعها والحصول على الترخيص، على أن تتعهد بعدم تسجيل أي تلميذ في العام المقبل (هذا العام) ومن ثم الإقفال يومها، جزم شهيب بأنه «لن تكون هناك مدرسة غير مرخصة بحلول العام الدراسي 2020 -2021 (العام الدراسي المقبل).