IMLebanon

هذه الشواطئ الآمنة… فاسبحوا وتشمّسوا وتباعدوا

كتبت جنى جبّور في “نداء الوطن”:

ما إن لوّح الصيف بمنديله حتّى هرول اللبنانيون الى الشواطئ العامة، غير آبهين بكورونا ولا بشح الدولار ولا بالتعبئة العامة، التي ما إن تخفّ قليلا، حتى يتوجهون صوب المسابح للاستجمام، المسابح؟ يؤذن بارتيادها. السان بلاش؟ لا، بلاش وجع راس.

قرار منع اللبنانيين من ارتياد “البحر” لا، أحواض السباحة قابلتها موجة من الانتقادات والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي فالبعض ربط سبب منع ارتياد الشواطئ العامة بالبلوك رقم 4، قائلاً “الدولة خائفة من ان نبتلع غازاً من البلوك “الغازي”، والبعض الآخر تساءل اذا كان قانون المفرد والمجوز سيطبق ضمن المسابح وبالتالي سيحدد يوم للباس البحر قطعة واحدة ويوم آخر قطعتين. لكن بعيداً من السخرية برّرت هذه الخطوة من ناحية عدم التعرض لرذاذ مياه البحر المتطاير، وتلوث مياه البحر ولا سيما التي تصب فيها المجارير. وطُرحت علامات إستفهام كثيرة حول قرار الحكومة السماح بفتح المسابح في ظل استمرار إنتشار كورونا، بحجة أنّ مادة الكلور تقتل الفيروس…وهل الكمامة إلزامية في “البيسين” أم لا؟

شروط التوجه الى الشواطئ العامة

الدكتورة فيفي كلّاب، خبيرة الشؤون البيئية لديها رأي آخر في هذا الموضوع. هي تبرر هذا القرار بالمعلومة العملية التي تثبت انتقال الفيروس بالبول والبراز، وبما أنّ الدولة لا تعرف شواطئها الملوثة، رأت أنه من واجبها منع السباحة في بحر لبنان. وكون موضوع العدوى متعلقاً بكمية الفيروس المركزة في المياه تسأل كلّاب:هل قامت الدولة بالفحوصات السنوية اللازمة، لمعرفة بحر اي مناطق تصب فيها المجارير؟ واذا اتكلنا على خريطة البحار الملوثة بالمجارير للعام 2019 الصادرة عن معهد أبحاث علوم البحار التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، فيمكننا الاشارة الى أنّ شاطئ كفرعبيدا والبترون وبعض شواطئ عمشيت وشمال طبرجا وصور صالحة للسباحة، عكس انطلياس وضبية والرملة البيضاء وجنوب طبرجا. كذلك، كل منطقة تعلم جيدّاً أين تصب مجاريرها، وبالتالي يمكن تحديد الشواطئ السليمة من الاخرى الملوثة مناطقياً. وبالتالي، مساحة البحر واتساع المساحة الشاطئية يساعدان على الالتزام بمبدأ التباعد الاجتماعي، ولكن هل يمكن ضبط ذلك في أحواض السباحة؟”.

اذاً، الشواطئ التي لا تكتظ برواد البحر والتي يمكن تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي فيها والخالية من المجارير، تعتبر آمنة ولا تدعو للقلق، شرط تمتع الفرد بالوعي الكافي لحماية نفسه والآخرين. واذا كان الكلور في الأحواض كافياً لقتل الفيروس، فان ملح البحر أو ما يعرف بالـ”chlorure de sodium “، كافٍ أيضاً للتعقيم. في المقابل، تحذر كلّاب من “التوجه الى الشواطئ الشعبية المجهزة بالطاولات والكراسي، وخصوصاً أننا لا نعرف مدى نظافتها والإلتزام بتعقيمها”، لافتة الى “أننا بحاجة الى أشعة الشمس لتعزيز مناعتنا والتمويه والحد من الاكتئاب”.

بيروتي: ننعي قطاع السياحة

لم يفرمل فيروس كورونا أو شح الدولار أكثر من مياه سد بسري، عزيمة اللبنانيين وحبهم للحياة. وكأننا شعب مخدّر لا يأبه للمصائب التي تهب عليه من كل حدب وصوب. شعب تعوّد أن ينفض عنه رماد الصعاب وأن يستمر قدر المستطاع بحياة الرفاهية. وبعد أن شعر غالبية اللبنانيين أنّ الجائحة مستمرة، ومع تراجع قدرتهم الشرائية وصعوبة تحملهم كلفة المنتجعات السياحية، حوّلوا أسطح منازلهم الى منتجعات، وكأن صيف لبنان برعاية “Intex”، حوض السباحة سريع التجهيز، الذي بات موجوداً أمام المنازل وعلى سطوحها. فماذا ينتظر موسم السياحة هذه السنة، بعد أن سمح للمنتجعات البحرية بفتح أبوابها بنسبة استيعاب لا تزيد عن 50 في المئة؟ يجيب أمين عام اتحاد المؤسسات السياحية البحرية جان بيروتي “ننعي بكل اسف القطاع السياحي هذه السنة في لبنان”. ويقول “ستفتح المسابح التي ستحصل على ترخيصها السنوي تباعاً. ولكن حتّى الساعة لا نعلم من سيأخذ قرار افتتاح الموسم في منتجعه، مع غياب الطلب وتراجع عدد الزبائن بسبب الأزمة المالية وارتفاع سعر صرف الدولار”. وعن احتمال رفع الأسعار، أوضح “أننا أصدرنا توصياتنا لجميع المؤسسات بألا تتعدى نسبة الأسعار زيادة الكلفة. لكن علينا تسديد بعض المصاريف بالدولار مثل “الكلور” والمعدات وغيرها، وبالتالي قد تزيد الكلفة بنسبة بسيطة والتي يمكن أن تشمل تعرفة الدخول وبعض المأكولات والمشروبات التي ارتفع سعرها أصلاً. وإذا عمدت بعض المسابح الى رفع أسعارها بشكل جنوني سنكون لها بالمرصاد، وسنتخذ إجراءات بحقّها بالتعاون مع وزارة السياحة. في المقابل، يوجد من يحاول البقاء على أسعار الموسم السابق، للمحافظة على زبائنه، ولكن لا نعلم كيف سيضمن استمراريته في ظل وضع متأزم كهذا”.

أمّا بالنسبة للاجراءات الوقائية، فيؤكد بيروتي أنّ “وزارة السياحة أبلغت جميع المسابح بضرورة الالتزام بالمقررات الوقائية والالتزام بها تحت طائلة المسؤولية، ولا سيما قياس درجة الحرارة على باب الدخول، قياس نسبة الكلور في المياه أكثر من مرتين في اليوم الواحد، نشر المعقمات في جميع ارجاء المنتجع وتخصيص فريق عمل يحرص على المحافظة على التباعد الاجتماعي بين المجموعات المختلفة أو الأفراد”. وعما اذا كانت المسابح ستلتزم باستقبال ما لا يزيد عن الـ50 في المئة من الزبائن، أوضح بيروتي “ستلاحق الاجهزة هذا الموضوع، وبالتالي واجب الجميع تحمل مسؤوليته في هذا الاطار”، خاتماً “القطاع السياحي يتجه الى المجهول في ظل انكفاء الدولة عن اقرار اي خطة للحفاظ على هذا القطاع. وكنا قد تقدمنا بسلسلة مطالب لوزارة السياحة على اساس إذا كانت الدولة عاجزة عن إعطائنا فلتتوقف عن الأخذ منا” بمعنى آخر عدم تقاضي الرسوم الثابتة التشغيلية منّا، وبدورها عرضت الوزارة هذه المطالب على مجلس الوزراء منذ أكثر من شهرين، من دون حصولنا على أي اجابة حتّى الساعة”.

واذا كان القطاع السياحي يترنّح نتيجة الأزمة المالية وانتشار فيروس كورونا، فان الرياضات المائية، ليست بأفضل حال، اذ سيشهد هذا الموسم أيضاً، اختفاء بعض الرياضات المائية، وتراجعاً في تعليم السباحة. يقول مدرب السباحة طوني يموني إنّ “كورونا لا تتحمل بمفردها مسؤولية تراجع عملنا، فالوضع الاقتصادي ساهم في ذلك ما قبل انتشار الفيروس. وعلى رغم السماح بفتح احواض السباحة في النوادي الا اننا لم نبدأ العمل بعد، فالامر ليس بهذه السهولة، فيتوجب على النادي تأمين رواتب فريق العمل، ودفع كلفة الكلور والأسيد بالدولار، في ظل عدم وجود عدد كافٍ من الزبائن، وخصوصاً انه يسمح بتواجد شخص واحد في كل ممر داخل الحوض، وبالتالي لا يمكن استقبال اكثر من 6 اشخاص، ما سيؤدي الى رفع كلفة تعرفة الدخول الى الحوض ومستحقات مدرب السباحة. وهل يمكن للناس فعلاً تحمل هذه الاعباء؟”

لم يتوصل مدربو الرياضة حتّى الساعة الى ايجاد حلّ لهذه المشكلة، فهم لن يعملوا مجاناً، والناس غير قادرة على تحمل ارتفاع كلفة تعليم السباحة. كذلك، تلعب كورونا دوراً اساسياً في تراجع الرياضة المائية، فمن سيوافق على تعلم السباحة ضمن مجموعات؟ ومن سيمارس رياضة الـ”water polo” التي تتطلب احتكاكا مباشرا بين الاشخاص؟ وبحسب يمونّي “يمكن ممارسة صفوف “Aqua gym ” التي يُحافظ في خلالها على مبدأ التباعد الاجتماعي، ويمكن تعليم السباحة نظرياً من خارج الحوض بالنسبة للاشخاص الذين يتمتعون بمستوى سباحة جيّد، ولكن لا يمكن تعليم اي مبتدئ لان ذلك يتطلب منّا احتكاكا مباشراً معه. من هنا اتساءل كيف يمكن ضبط التباعد الاجتماعي داخل احواض السباحة داخل المنتجعات غير المقسمة اصلاً الى ممرات، وكيف يمكن للمنقذ البحري (maître nageur) انقاذ الغريق من دون الاحتكاك به”؟