IMLebanon

ناشطون: الأولوية لإسقاط الحكومة

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

تستمرّ التحرّكات المتفرّقة التي يشهدها الشارع اللبناني بزخم خفيف، ما يسهّل على القوى الأمنية مهمة قمعها. في هذا الوقت، يسوّق البعض أن الانتفاضة تنجح في توحيد صفوف مجموعاتها. وتضرب بعض هذه المجموعات موعداً لـ”عودة الثورة” نهار السبت في 6 حزيران، وكأنّ الثورات تخمد لتعود بمواعيد محدّدة مسبقاً! وبعيداً ممّا يروّج له، يبدو واضحاً استمرار فشل المجموعات في محاولتها التوحّد ضد السلطة، بسبب استمرار الخلافات حول الرؤية والأولويات والمطالب بين المجموعات. ما دفع بمجموعات للتريث بانتظار إعلان موقفها من الدّعوة إلى التّظاهر في 6 حزيران، والذي يرفع الداعون إليه مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

تنطلق الدعوة إذاً من مطلب خلافي، لا يرفضه الكثير من المعارضين فحسب بل يتخوّفون من خطره على الانتفاضة وإمكانية التّغيير. وفي حديث إلى “نداء الوطن” يصف الناشط في “لحقي”، ماهر أبو شقرا، مطلب إجراء انتخابات مبكرة بالخطر جداً، “فمن سيجري ويدير هذه الانتخابات؟ وهل سنثق بأن تدير هذه الحكومة الإنتخابات؟ وهل القانون عادل؟”، هي أسئلة معروفة أجوبتها. يطرحها أبو شقرا، لعلّ المطالبين بانتخابات مبكرة يعيدون التفكير بمطلبهم. ويرى أبو شقرا أن الانتخابات المبكرة ستؤدي إلى انتخاب بعض المعارضين “وتنهي 17 تشرين ببعض المقاعد في مجلس النواب وهو أمر محبط لا يغير في الواقع على الأرض”.

كذلك يعارض أستاذ العلوم السياسية، ميشال دويهي، مطلب الإنتخابات النيابية المبكرة. وفي اتصال مع “نداء الوطن” يلفت الدويهي إلى أن هموم الناس أهم من الدعوة لانتخابات مبكرة لا تحل المشكلة. “في أفضل الأحوال، سيؤدي إجراء انتخابات وفق القانون الحالي إلى فوز 10 مرشحين من الانتفاضة، ولن يؤدي إلى نتيجة، وفي حال تمت الموافقة على المطلب فستجري الانتخابات بعد مدة تكون خلالها الديناميكية السياسية قد تغيّرت”. أما الأولوية اليوم، بالنسبة إلى الدويهي، فهي النزول إلى الشارع والمطالبة بإسقاط حكومة دياب وفرض حكومة من جو الثورة، غير محسوبة على “حزب الله” ولا المنظومة كي تستطيع الحصول على دعم مالي. “فالقمع هو المسألة الوحيدة التي تنجح فيها الحكومة، دورها قمع انتفاضة تشرين لتتمكن المنظومة من إنهائها واستعادة نفسها”.

وفي ما يتعلّق بعمل المجموعات، يؤكد الدويهي وجود عدة مبادرات لمحاولة الاتفاق على ورقة سياسية. لكنه يعترف بتقصير المجموعات في صياغة مشروع سياسي يواكب تحركات الناس في الشارع. كذلك، يتوقع أبو شقرا استمرار التحركات، “لأن الثورة لا تزال مستمرة في الوجدان المجتمعي لمجتمع الثورة، فهي لم تهزم ولم تنتصر بعد، ما زالت في البرزخ الذي لا حسم فيه. بالتالي أي ردود فعل سواء على الوضع المعيشي أو الممارسات القمعية للسلطة ستنعكس في الشارع وتأخذ طابعاً عفوياً”.

لكن يظهر قلق لدى أبو شقرا من طريقة تعاطي البعض مع الثورة، إذ يشبّه ما يحصل اليوم بما حصل قبيل الانتخابات النيابية في العام 2018. “حيث خُلِقت ماركة “المجتمع المدني”، وسمح لمن هبّ ودبّ بالانضواء تحتها بغض النظر عن الطروحات الأساسية السياسية والاقتصادية. واليوم “الثورة” باتت كماركة توحي بأن لدى كل من ينضوون تحتها توجهاً معيّناً. ما يجعل الناس تطالب “الثورة” وكأنها واحدة موحّدة، بغض النظر عن الطروحات”. ويحذر أبو شقرا من وجود “تكتّل” هدفه الانتساب لنادي السلطة يرى المشكلة بالأشخاص لا بالنظام. “يقولون تعالوا نغيّر هؤلاء الأشخاص ضمن حدود الدستور ونحلّ مكانهم، المشكلة مشكلة حوكمة وفساد”. بالمقابل يدعو الناشط السياسي إلى عرض طروحات فعلية على الأرض، لتحقيق فرز سياسي حقيقي واتّضاح الخطابات ليظهر الخطاب الذي سيأخذ مسلكه للتغيير، والذي ستتكتّل الناس حوله وتبنى الأهداف على هذا الأساس.

وفيما تزداد الأزمة المعيشية سوءاً، يتوقع دويهي حصول موجات عنف بعد انهيار الدولة، ولا يحصر هذا العنف بشارع الثورة، بل يتوقعه لدى الجميع. ويرى أنه من الصعب تحديد الجهة التي سيوجّه ضدّها العنف. أما الزخم، “فمن الممكن عودته بحكم الظروف وتحتاج مواكبته لمشروع سياسي لم تتمكن بعد المجموعات من بلورته”.