IMLebanon

سيناريو الفتنة يتكرّر بنجاح أكبر.. شعار السلاح ضرب المطالب الشعبية

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

عادت الإحتجاجات إلى وسط بيروت نهار أمس الأوّل، بعد غيبة قسرية فرضتها إجرءات التعبئة العامة. لكنّ النّهار الذي بدأ بمطالب معيشية انتهى بفتن حاول بضع مئات من مناصرين حزبيين إشعالها في أكثر من منطقة في بيروت، بهدف ضرب التحرّكات بذريعة رفض مطلب تسليم السّلاح، على الرّغم من تأكيد معظم المتظاهرين على أنّ الأولوية هي للمطالب المعيشية، وإن بات السّلاح يقف عائقاً بوجه تحقيقها. أمّا الجديد في تحرّكات السّبت، فكان مقاطعتها من قبل مجموعات يساريّة لطالما لازمت السّاحة، بذريعة رفضها المسّ بسلاح “حزب الله” وطرح مطلب نزعه. وإن فشل التحرّك في إعادة استنهاض الشّارع بالشكل الذي انتظره الدّاعون إليه، غير أنّه نجح في فرز المجموعات، وإظهار طبيعة علاقة بعضها بالمنظومة القائمة ومدى رغبتها بمواجهة حقيقية. كذلك أظهر أكثر من أيّ وقت مضى الحاجة إلى حدّ أدنى من التنسيق بين المجموعات التي باتت تتكفّل بضرب بعضها.

وبدا لافتاً منذ الصباح حجم استنفار بعض الشبان في الضاحية وفي المناطق المحاذية لوسط بيروت استعداداً للتظاهرة، على الرغم من استخفاف هؤلاء بالمتظاهرين والسخرية من طرح فكرة المطالبة بنزع سلاح الحزب. وفي حين كانت المجموعات الداعية للتحركات تحيّد هذا المطلب في خطاباتها، كانت جيوش الحزب الالكترونية تروّج عبر مواقع التّواصل الإجتماعي بأنّ مطلب الإنتفاضة هو تسليم السّلاح. ما دفع بشبان للتوجّه من الخندق الغميق وبشارة الخوري للاعتداء بالضرب على المتظاهرين، فعمل الجيش على التفريق بين الطرفين. وفي حين كانت الأنظار على ساحة الشّهداء، عملت مجموعة ثانية من مناصري الثّنائي على إشعال فتنة في منطقة عين الرمّانة. ما استدعى تدخّلاً سريعاً من الجيش اللبناني ونشر تعزيزات أمنية كثيفة وآليات عسكرية للعمل على تهدئة الوضع، بعدما قام أنصار الثنائي بالتجمّع عند مفرق عين الرمّانة للدخول إلى المنطقة بشكل عدواني، ما استدعى استنفار شبّان المنطقة واستعدّوا للتصدّي للمحاولة قبل تدخل الجيش. وتجدّدت مساء أمس هذه التوترات في المنطقة.

محاولات إحياء الفتنة كمخرج لوأد المطالب الشعبية لم تنته عند هذا الحد. فانتهى السبت الطويل باشتباكات مسلحة في منطقة بربور بين مناصري الثّنائي ومجموعة استفزها نشر فيديو يظهر شباناً يشتمون فيه السيدة عائشة إحدى زوجات النبي محمد، وقيل إنّ المجموعة تابعة لبهاء الحريري.

سبعة”: مجلس ثوري

إذاً وعلى الرّغم من استعادة الشّارع شيئاً من حركته، غير أنّ المنتفضين وجدوا أنفسهم مجدّداً أمام تحدّي مواجهة مطالبهم بالفتنة. لكنّ السيناريو المكرر بدا هذه المرة أكثر نجاحاً، خصوصاً أنه جاء مسبوقاً بفتن داخل المجموعات وفي ما بينها. وفي حديث إلى “نداء الوطن” بدت غادة عيد، الأمينة العامة لحزب سبعة، محبطة من المشهد، وتعترف بأنها لامست حدود اليأس. فالمرحلة تتطلب اليوم الإعلان عن مجلس ثوري وفق عيد. “فالثوار ليسوا وحدهم على الأرض والسلطة تنجح في خلق حالة تشوّه الثورة. لم تنجح المجموعات بعد بالتوحد حول الآليات ولا حول رؤية مشتركة، ولا يمكن للثورة أن تستمرّ بأشباح. البلد انتهى ونحن بحاجة الى مغامرين يشكلون البديل الذي ينتظره جحيم الحكم”. ولا تعتبر عيد أن السلاح هو الذي يفشل التحركات، إذ تعتبر أن انتفاضة تشرين لم تفشل على الرغم من وجود السلاح. وإذ تؤكد ضرورة حسم مسألة سلاح الحزب، لكن عيد لا ترى الوقت مناسباً لهذا الطرح، إنما “عندما نحسم أمرنا ونصبح دولة قوية”.

أنا خط أحمر”: جبهة سياسية

من جهته يلفت وضاح صادق، من مجموعة أنا خط أحمر، في اتصال مع “نداء الوطن” إلى أن الذين شغلوا الشارع نهار السبت هم حوالى 400 أو 500 شاب، بينما تظاهر الآلاف في ساحة الشهداء، “في بربور أيضاً لم يتجاوز عدد الذين افتعلوا المشاكل الـ300 هؤلاء يبرزون لكنهم ليسوا الأكثرية”. ويرى صادق أن التحرك استبق بإحدى أذكى الحملات لمدة أسبوعين، حيث جرى التحريض والتخوين عبر مواقع التواصل الإجتماعي. كما بقية المجموعات، يتبرأ صادق من مطلب نزع سلاح الحزب، ويعتبر أن هذا المطلب يحتاج لمفاوضات معقدة. ويلفت الناشط إلى أن طرح الموضوع استخدم لمنع مجموعات مؤيدة للأحزاب من المشاركة في التحرك. ويعترف صادق بارتكابهم كمجموعات لكثير من الأخطاء، وفي فكرة مشابهة لطرح عيد، يطرح تأسيس جبهة سياسية تتفق على الحد الأدنى، وتضع ورقة بالعناوين السياسية. “الثورة بحاجة إلى وقت لفرز وجوه جديدة، وهناك إحصاء يظهر أن 40% من الشيعة لا يعتبرون أن الثنائي يمثلهم. هؤلاء ليسوا بالضرورة مع الثورة لكنهم ينتظرون بديلاً”. ويشير صادق إلى أن “عناصر القوة الأمنية كما المتظاهرين يشعرون بفائض القوة الذي يشعر به المعتدون على المتظاهرين ما يدفعهم للتهاون معهم. فهناك شعور بفائض القوة هو الذي يسبب الحملة على السلاح، وهناك سلاح المقاومة وسلاح الشارع”.

اما مجموعة “لحقي” التي أصرت على إبراز المطالب المعيشية، فاعتبرت التحرك ناجحاً نسبة لما واجهه الثوار على الطريق من عوائق تمنع وصولهم إلى الساحة والفتن التي تعتمدها الأحزاب. وتقول وصول غنيم، من “لحقي” لـ”نداء الوطن” بأنّ لدى المجموعة موقفها من السلاح، لكنها لن تطرحه الآن. “حالياً لا نؤيد المطالبة بطرح مسألة السلاح، أولويتنا مطالب الناس وهمومها وسنواجه ما يجر للفتن”.