IMLebanon

مقتل ورود على أيدي تجار مخدرات.. والفصائل الفلسطينية تعلن الحرب عليهم

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

بحرقة وأسى يطالب محمد كنجو، عبر “نداء الوطن” الدولة اللبنانية أن تأخذ حقه وحق ابنته ورود، إبنة الـ 23 ربيعاً، التي قتلت أمس الأوّل برصاصة تاجر مخدّرات أصابتها برأسها أثناء مرورها في الشارع الواقع بين مخيّم شاتيلا وحيّ فرحات، خلال اشتباك بين تاجرين اختلفا في ما بينهما. فسقطت ورود أرضاً وهي تحتضن إبنها البالغ 7 أشهر. ظلّت الأمّ متمسّكة بطفلها حتى استسلم جسدها لقوة الرّصاصة بينما كانت تقاوم إفلاته. فانتُزعت الأمّ باكراً عن طفلها.

وفيما نجح التّاجر الذّي قتلها بالفرار خارج المخيم، تمكنت القوى الفلسطينية في المخيم من القبض على التاجر الآخر لتسبّبه أيضاً بالإشكال، وسلّمته إلى القوى الأمنية اللبنانية. وأدى الحادث إلى استنفار أمني كبير في المخيم، وأعاد إلى الواجهة قضية الإتجار بالمخدرات في المخيمات. فيما أثارت المشاهد الموثقة للحظة وفاة الأم وهي تحتضن ابنها موجة من السخط والصدمة نظراً لمأسويّة المشهد.

يعبّر كنجو عن قلقه لمصير حفيده الرّضيع، “فكيف سيتمكّن والده، العامل لقاء أجرٍ يوميّ، من تأمين ثمن الحليب له بعد وفاة والدته التي كانت ترضعه؟!”. سؤال يعكس الواقع المعيشي السيّئ للعائلة التي نزحت من طرابلس إلى بيروت علّ ربّها يجد فرصاً أفضل للعمل والعيش هنا. وعوضاً عن تلقي أيّ خبر سعيد، تلقّى والد ورود عند السّاعة الثالثة من بعد ظهر الأحد اتصالاً يتبلّغ فيه وفاة ابنته، وتيتّم أطفالها الثلاثة الذين يبلغ أكبرهم الثلاث سنوات. فعادت ورود إلى مدينتها طرابلس جثّةً، ودفنت فيها عند الساعة الثانية عشرة منتصف ليل الأحد – الإثنين. ووفق كنجو فإن والدة ورود أصيبت بجلطة بعد تبلغها بالنبأ الحزين.الفصائل الفلسطينية تعلن الحرب على المخدرات

في حديث إلى “نداء الوطن” يقول أبو إياد شعلان، أمين سرّ اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، أنّ في المخيّم ومحيطه خليط من ناس من جنسيات ومناطق لبنانية مختلفة له تأثيره على الوضع هناك. ويكشف شعلان أنه وقع قبل فترة إشكال بين تجار المخدرات، فجرت على أثره 4 أو 5 عمليات إغتيال قام بها تجار في ما بينهم، ما دفع بالقوى الأمنية الفلسطينية لتشكيل قوة وبدأت مداهمة الأوكار.

كذلك يكشف شعلان أنه ومنذ حوالى الأسبوعين وقع أكثر من إشكال بين التجار في مخيم الرشيدية، وأنه تم تسليم كل من كانوا على علاقة بالأمر إلى الدولة اللبنانية. واللافت، وفق المسؤول، أن مدة توقيف هؤلاء لم تتجاوز الثلاثة أيام، قبل إطلاق سراحهم وعودتهم إلى المخيم. ويحكي شعلان أن الدولة اللبنانية تذرّعت بعدم وجود أماكن في السجون وبـ”كورونا”.

في جولة لـ”نداء الوطن” في مخيم شاتيلا، يفرض مقتل ورود نفسه على السكان. يقترب أحد الفلسطينيين منا ليعبر عن سخطه من الوضع فيقول: “كيف لقوى لا تستطيع تحرير شارع طوله 20 متراً من التجار، أن تحرّر فلسطين”. يرافقنا في الجولة زميل فلسطيني يعرف خبايا المخيّم من ضمنها خبايا هذه التجارة. في المبنى المواجه للمكان الذي قتلت فيه ورود اتخذ التاجر مقراً له، يعدّ فيه بضاعته قبل بيعها ويسمى “الهنغار”. أغلق “الهنغار” بعد الجريمة، لكنّ الزميل يتوقع عودته مجدّداً للعمل بعد أيّام عدة “كما تجري العادة”. ويشير الصحافي إلى أن “الهنغار” لم يكن خافياً على أحد، لكنّ الفصائل الفلسطينية لم تقترب منه كونه خارج حدود المخيم. ومن خلال معايشته لما يجري، يحكي الزميل أنّ التّاجر وبعد إلقاء القبض عليه يخرج ليصبح مخبراً لصالح القوى الأمنية، فيبدأ بكتابة التقارير وتوزيع الاتهامات الملفّقة والكيدية لينتقم من غيره. فيعاني البريء لحين إثبات براءته في المحكمة، ويصبح عرضة للتوقيف على الحواجز في أيّ لحظة.

وفي مكتب العقيد في حركة فتح، أحمد عودة، اجتماع لشبان يطرحون قضية ورود ومشكلة تجار المخدّرات. أحدهم يتخوف من أن ينقلب الرأي العام على الفصائل في المخيم بعد الحادثة. فيصور العقيد “فيديو” يعلن فيه عن اعتقال 9 من التجار الكبار في مخيم برج البراجنة، وعن مداهمة المنازل للبحث عن 5 فارين مؤكداً قراراً حاسماً للانتهاء من آفة المخدرات في المخيمات.

وفي حديث لـ”نداء الوطن”، يلفت عودة إلى أن الشارع الذي وقعت فيه الجريمة، ويشهد على جرائم وقتل بين التجار يقع خارج سيطرة المخيم وهو على أطرافه. “دوماً يذكر إسم مخيّم شاتيلا، لكن جهات من الجوار مسؤولة أمنيا أكثر منّا عن هذه المواقع لأنها أقرب إليها. لكننا نتحمل جزءاً من المسؤولية لأن أفراداً من المخيّم يشاركون أحياناً في هذه الجرائم. لا نغطّي أيّ تاجر أو قاتل. والقيادات السياسية وعلى رأسها قائد الأمن الوطني اللواء صبحي أبو عرب، اتخذت قراراً بتسليم أي تاجر مخدرات أو قاتل إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية”.