IMLebanon

ميشال بو سليمان: لبنان مفلس ونعيش أقصى درجات الذلّ!

كتبت مايا الخوري في “نداء الوطن”:

لبنان برأي الممثل ميشال بو سليمان مفلس منذ 20 عاماً، ولن يصمد شعبه أكثر من عامٍ على هذه الحال. فالحكّام يجرّون الطبقة الوسطى إلى الفقر، والفقير يموت جوعاً، وهم يسرقون على “عينك يا تاجر”. لكن، رغم سوداوية الواقع اللبناني، واظبت جمعيته “The Grace” على مساندة ذوي الإحتياجات الخاصة فضلاً عن تبنّي 100 عائلة محتاجة لتمرير هذه الظروف الصعبة. عن هذا الواقع ونشاطه الإنساني تحدث بو سليمان إلى “نداء الوطن”.

في خلال السنوات العشرين الماضية، لم يوفّر الممثل ميشال بو سليمان إطلالة إعلامية من دون التأكيد على إحساسه بإفلاس لبنان، “لكن “المافيا” الحاكمة لا تُعلن ذلك على عكس الدولة اليونانية التي أعلنت إفلاسها فدعمها الإتحاد الأوروبي. أمّا في لبنان، فتحوّل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى كبش محرقة، لكنه يستأهل ذلك لأنه رضي عن السرقة التي تحصل أمامه”. لافتاً إلى اننا أمام إمّا نهاية الحكّام أو الشعب.

وتحدث بو سليمان إلى “نداء الوطن” عن تأقلمه مع هذا الواقع منذ 3 سنوات حيث بدأ مسيرة تقشّف ذاتية، بعدما توقّف نشاطه المهني، فإقتصرت مصاريفه على إستكمال بناء منزله الجبلي في الشوف. وقال: “عشت مرحلة صعبة جداً، أحمد الله على تمالك نفسي والصمود”.عازياً ذلك إلى إيمانه وزوجته بالله وبأن ما يمرّان به تجربة ستنتهي بالفرج. شاكراً الله على تأمين قوته اليومي وإستمرارية جمعيته “The Grace”. وتابع: “في ظلّ هذا الوضع الإقتصادي المعيشي الصعب، أستطيع الصمود عاماّ فقط. بعدها، إن لم يجدوا حلاً لوضع البلد، وتوقّفوا عن التعنّت والنكايات السياسية وتجويع الشعب، سأهاجر وعائلتي حتى لو تطلّب الأمر توّسل السفارات. لأنني سأعلم وقتذاك بأن هذا الوطن لأبناء بري والسنيورة وجنبلاط وفرنجية وعون وصهره وفلان وعلتان وليس للشعب”.

وعن وضع الفنان اللبناني بعامة في ظل هذه الأوضاع الصعبة، قال: “بعد سنوات العطاء، ما يحصل تجاهنا أقصى درجات الذل الذي لم نشهد مثيله سابقاً، “يا عيب الشوم عليهم”. إنهم يذلوننا ويجرّون بالطبقة الوسطى إلى الفقر، فيما مات الفقير جوعاً”.

ما يُفرح بو سليمان هو نشاطه الإنساني في جمعية “The Grace”، حيث قال: “نشاطي كنائب رئيس الجمعية يفشّ خلقي، ويعوّض عليّ نفسياً ومعنوياً. لقد إنتميت مع والدتي إلى “أخوية قلب يسوع” فنشأنا على قناعة بتقديم جزء ممّا نملك للفقراء. وهكذا تطوّر لديّ حبّ العطاء خصوصاً تجاه ذوي الإحتياجات الخاصة، الذين يحتاجون إلى دعم معنوي ومادي وصحّي”.

وعن كيفية الإنطلاق بالجمعية قال: “ذات مرّة لاحظت غياب أحدهم عن الكنيسة، فقصدته للإطمئنان عليه، لأكتشف مرضه المستجدّ الذي يفرض علاجاً فيزيائياً 3 مرّات أسبوعياً لئلا تتوقف عضلة القلب فيموت. عندها قررت تبنّيه ومساعدته مادياً، لكنه بعد سنوات عدّة طلب نقله إلى مركز “بيت شباب لذوي الإحتياجات الخاصة”. عندما زرنا المركز، تضايقت لسوء أحوال الغرف وذل المعيشة. فإتخذت قراراً تجاه السيد يسوع المسيح، ناذراً مسيرة تأهيل الغرف للقديس يوسف حتى تأمين العيش الكريم لهم. في تلك الفترة عرض الدكتور إيلي الزوقي والد فتاة من ذوي الإحتياجات الخاصة مساندتهم أيضاً عبر تأسيس الجمعية. وهكذا تمكّنا في خلال 3 سنوات، تأهيل 7 غرفٍ من أصل 30″.

وعن كيفية تأمين المساعدات، كشف عن إستلامهم 14 سريراً من مجموعة أشخاص في لندن، فضلاً عن 30 عيّنة من الأدوات الصحية أرسلها السيد غسّان عميرة، وكذلك مجموعة مساعدات مادية ولوجستية من لبنان والخارج. إضافة إلى مساعدات فردية، ودعم معارف شخصية، وتابع: “يرسل 10 أصدقاء مبلغ ألف دولار شهرياً تقريباً، كافية لتأمين المستلزمات. لقد شكّلت محبة الناس وثقتهم دعماً كبيراً في هذا الإطار، حيث هناك من يقدّم من لحمه الحيّ لمساعدة الآخرين”.

لم يقتصر عمل الجمعية على تأهيل مركز “بيت شباب”، بل عمدت أيضاً في خلال شهري الأزمة، على توزيع حصص غذائية لمئة عائلة محتاجة، موضحاً أنه بعدما أُعيد فتح البلد عادت عائلات كثيرة إلى العمل لتأمين مصروفها اليومي، فيما إختارت عشر عائلات محتاجة جداً للتكفّل بتأمين مساعدات مادية وغذائية وصحّية لها بشكل دائم”.

وكشف بو سليمان أن تجربة تفشّي الوباء زادته تواضعاً، خصوصاً أنها فرضت تقشفاً إضافياً لامس 70% من مصروفه اليومي، لافتاً إلى أن الشعب سيبلغ مرحلة يشتهي شراء قالب جُبنٍ في ظل الغلاء المستعر.

كونه عايش زمن الحرب والسلم، سألناه أيّ واقع أصعب، فجاوب: “هذا الزمن أصعب، أتذكّر أننا كنّا في خلال الحرب، نقصد “القليعات” للسهر ومن ثم نعود إلى “عين الرمانة”. لم يجع الشعب وقتذاك وكان المال متوافراً. لم نمرّ يوماً بمرحلة مماثلة، تجري السرقة فيها على عينك يا تاجر. والدليل إلى ذلك ما صرّح به وليد بك جنبلاط بأن الطبقة السياسية فاسدة وهو أوّلهم.”

عن الإنتاجات التلفزيونية والفنية في ظلّ هذه الأوضاع قال بو سليمان: “لا إنتاج، لا مال، كلّه سيتوقّف، فالفنّ تجارة، ووضعه كوضع البلد. إنها نهاية الشاشة برأيي، فمن يعمل في التلفزيون يسعى للشهرة أو الإستمرار حتى لو لم يقبض بدلاً مادياً. وهذا ينطبق على الإنتاجات الدرامية أيضاً، لأن قلّة تسدد المستحقات، ومن يعمل يبحث عن شهرة أو الإستمرار في السوق، وإن قبض، فالفتات. إنها مذلّة!

أمّا المسرح، فإن وضعه أفضل في حال عاود نشاطه، “لأننا نحصّل أموالنا فور إنتهاء العرض وذلك لأن الجمهور يدفع مباشرة ثمن البطاقات”.

وعمّا إذا كان ينوي العودة إلى المسرح بعد إستقرار الأوضاع، قال بأنه بعد ملازمته المنزل لعامين في إنتظار فرص العمل، قرر العودة بمسرحية “Quatro play” مع بونيتا سعادة ورودريغ سليمان ووسام صبّاغ لكن الثورة إنطلقت حينها فتركوا المسرح إلى الساحات.”بعدها قررنا عرضها في كندا وأميركا فتفشى فيروس كورونا. إنه الحظّ السيئ!” مضيفاً: “لقد تواصلت مع المعنيين لنكون الفرقة المسرحية الأولى التي تعرض في كندا بعد فتح المطارات. في حال عدم توافر أحد أعضاء المسرحية للسفر سأتواصل مع الممثل القادر على المغادرة سريعاً.”

وختم حديثه متوجّهاً إلى من يرغب في دعم الجمعية بالتواصل معه مباشرة أو بالمساعدة عبر الحساب المصرفي الخاص بها.