IMLebanon

تركيبة لبنان الحكومية تزيد من عُزلته الديبلوماسية

كتبت ماجدة عازار في صحيفة “نداء الوطن”:

لا يترك الديبلوماسيون الغربيون والعرب فرصة إلّا وينتهزونها، ليُكرّروا على مسامع المسؤولين اللبنانيين عبارة: “ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم”، ولم يتلمّسوا حتى اللحظة أي إجراء حقيقي وفعلي بوشر بتنفيذه على أرض الواقع. بل يبدو أن نصائحهم صارت ممجوجة عند الحكومة فتكتفي بإطلاق الوعود تلو الوعود لتخدير اللبنانيين، فيما السباق على اشدّه بين الإنفجار والإنهيار.

الذين يلتقون سفراء الدول الغربية، يُقرّون بأن المجتمع الدولي لم يلمس بأن الحكومة بذلت اي جهد لتسجيل خرق في جدار الاصلاحات السميك، بعد شهور على انطلاقتها وانقضاء المئة يوم التي الزمت نفسها بها، وأقله الاصلاح في قطاع الكهرباء، مزراب الهدر الكبير، بل على العكس، ذهبت الى محاورة صندوق النقد الدولي خالية الوفاض، من دون الاستناد الى اي انجاز، او دليل يشير الى نيتها الجدّية بالاصلاح، الامر الذي اثار امتعاضاً ديبلوماسياً واسعاً من ادائها، خصوصاً وان حكومة اللون الواحد لا تستطيع ان تتذّرع اليوم بأن هناك من يعطّل قراراتها في مجلس الوزراء.

وإذ يُذكّر هؤلاء بنظرة الولايات المتحدة الأميركية للحكومة عموماً ولـ”حزب الله” خصوصاً، يتوقّفون عند شروطها لمساعدة لبنان اقتصادياً، والتي اعلنها وزير خارجيتها مايك بومبيو امس الأول، وهي: تنفيذ الحكومة اللبنانية إصلاحات حقيقية والعمل بطريقة لا تجعلها رهينة لـ”حزب الله”.

ويبدو انّ الإمتعاض الديبلوماسي لا يقتصر على أداء الحكومة الإصلاحي بل يتعدّاه الى عدم جدّيتها في التعاطي مع قانون قيصر.

وفي هذا السياق، تقول مصادر مطلعة على الحركة الديبلوماسية الغربية والعربية عن كثب ان التفاهم مع الإدارة الاميركية لاستثناء لبنان من بعض أحكام هذا القانون كان مُمكناً بشكل أفضل وأسهل، لو كانت الحكومة تضمّ جميع الأطياف والألوان، كما كان يحصل في السابق، إذ انها ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها “حزب الله” لعقوبات، وكانت الحكومات في السابق على تواصل مع الإدارة الاميركية لحماية لبنان، والحدّ من وطأة العقوبات على اقتصاده وعلى المصارف اللبنانية، اما اليوم فالتواصل مع الإدارة الأميركية لشرح وجهة النظر اللبنانية صعب، إن لم نقل مستحيلاً، فتشكيل حكومة اللون الواحد كان خطأ كبيراً، أقلّه ان هذا التشكيل أقفل على لبنان ابواباً ديبلوماسية كثيرة، وتسبّب بجفاء مع الغرب، ومع الدول المانحة ومع العرب، ففي ظل هذه التركيبة لا يمكن مواجهة العزلة الديبلوماسية، وبالتالي، مع هذه الحكومة، الحوار مع الديبلوماسية الأميركية بات صعباً جداً، ويعترف الجميع بهذا الأمر.

وتوازياً، يتحدّث سفير لبنان السابق في واشنطن انطوان شديد عن تجربته في الحوار مع الأميركيين ويؤكّد لـ”نداء الوطن” أنّ لبنان في حينه كان يحاول ان ينأى بنفسه عن مشكلات المنطقة، ولم يكن “حزب الله” مُنغمساً الى هذه الدرجة في الصراعات الإقليمية، لذلك عندما كنّا نتّصل بالإدارة الأميركية في سبيل تجنيب الدولة اللبنانية عموماً والقطاع المصرفي خصوصاً العقوبات، كانت الإدارة والكونغرس ينصتان الينا، وقد تمكنّا مرّات عدّة من تجنيب لبنان والمصارف العقوبات، خلافاً لواقع الحال اليوم. فبالإضافة الى عدم اجتراح الإصلاحات الإدارية والمالية المطلوبة، هناك ايضاً اللون الواحد الذي يطغى على الحكومة ويجعل من الصعوبة بمكان ان تُحاور المجتمع الدولي، وتطلب منه مثلاً إعفاء لبنان من بعض نتائج قانون قيصر بالتحديد، فالعقبة الوحيدة امام هذا الحوار هو لونها.

الى ذلك، تلمس المصادر المطلعة عدم تعاطٍ جدّي للحكومة مع قانون “قيصر” الاميركي وتقول كان من الخطأ عدم احتساب عواقبه، وإذ تتوقف عند اللقاء الذي شهدته السفارة السورية اخيراً ومواقف “حزب الله” المتضامنة مع دمشق، تسأل: هل هذا هو رأي الدولة اللبنانية؟ وهل تخدم هذه الآراء مصالحها؟

وتُقرّ المصادر بأن ما يهمّ الغرب هو الاستقرار اللبناني، وجزء من هذا الاستقرار هو الإستقرار الإقتصادي، ناقلةً عن الديبلوماسيين خشيتهم من أن يؤثّر تدهور الوضع الاقتصادي سلباً على الوضع الأمني في لبنان.