IMLebanon

اتفاق بين بري وباسيل على خطوات لوقف التدهور

سياسة الخنق الاقتصادي والمعيشي الضاغطة على أمعاء اللبنانيين وكرامتهم اقتربت من عنق حكومة حسان دياب رجل الكمبيوتر، الذي لم يدرك، بعد خمسة اشهر في السراي الحكومي، ان التعامل السياسي مع الناس غيره مع الارقام.

ويبدو أن الرئيس دياب استشعر الوضع الذي آلت اليه حكومته أمس، امام العجز الدائم عن مواجهة الازمات الاقتصادية والمعيشية المتراكمة.

وقد سأل في مستهل جلسة مجلس الوزراء امس: هل خسرنا المواجهة؟ وهل انتهى دور الحكومة؟

دياب وسع نطاق رماياته السياسية ليطول السفيرة الأميركية دورثي شيّا من دون ان يسميها بما وصفه «السلوك المتجاوز لكل مألوف في العلاقات الأخوية والديبلوماسية».

وقال «هناك جهات محلية وأخرى خارجية عملت وتعمل على محاصرة اللبنانيين وإدخال لبنان في صراعات المنطقة».

وأضاف «لعبة الدولار اصبحت مكشوفة ومفضوحة»، وقال «يطالبوننا بالاصلاح ثم يمنحون الحصانة للفساد وللفاسدين ويمنعون حصولنا على ملفات الأموال المنهوبة».

وفي الاثناء، قام جبران باسيل رئيس التيار الحر بزيارة الى عين التينة بمعزل عن ارتباطها بإصرار رئيس الجمهورية على اجراء التدقيق المحاسبي التشريحي لحسابات مصرف لبنان التي يرفضها الرئيس نبيه بري وآخرون، من زاوية ان احدى الشركات المكلفة على اتصال بإسرائيل، وأيضا من تلويح الرئيس بري بأنه سيأخذ موضوع كهرباء لبنان وما فيه من فساد وسمسرات بعنايته.

و‏وصفت مصادر المجتمعين الاجتماع بأنه جيد، وتناول مروحة واسعة من المسائل تم بحثها على مدى اكثر من ساعة ونصف الساعة.

وكشفت المصادر أنه تم الاتفاق على مجموعة خطوات أبرزها قيام مصرف لبنان بما عليه لضبط تفلت سعر صرف الدولار الأميركي باعتباره شرطا أساسيا لمنع حصول أي اضطراب اجتماعي، وحث الحكومة على القيام بالإصلاحات المطلوبة والتعاون بينها وبين مجلس النواب حيث يلزم باعتبار ذلك حاجة لبنانية. وقد تم التفاهم على عدد من الإجراءات المطلوبة‏.

وفي وقت وجود باسيل في عين التينة، كان نائب رئيس المجلس إبلي الفرزلي في بيت الوسط ملتقيا الرئيس سعد الحريري بعد كلام له اعتبر فيه ان مبررات رحيل الحكومة متوافرة.

ودعا الفرزلي رئيس الحكومة لإيجاد حكومة بديلة لإدارة الوضع! وقال الفرزلي ان الرئيس سعد الحريري هو المدخل للم الشمل، مؤكد انه ما من سابقة في تاريخ لبنان، منذ مجاعة الحرب العالمية الأولى، شهدها بلد الفصول الأربعة والاخضرار الدائم، كما يبدو مقبلا عليه في هذه الايام.

وفي دردشة مع الإعلاميين، قال الرئيس الحريري​ إن «هناك فريقا مسؤولا عن هذه الحكومة واذا قرر هذا الفريق تركها لا شأن لنا به ومن سيأتي رئيسا للحكومة غير مرتبط باستقالة​ الحكومة».

وعن إمكانية عودته لرئاسة الحكومة، لفت الحريري الى انه «قال شروطه ونقطة عالسطر بدنا نطلع من أمور عدة كالمحاصصة وغيرها، ونحن نعاني أزمة اقتصادية والمطلوب الإصلاح وسمعت ما قاله دياب اليوم فهل تطرق الى الكهرباء؟ هل تحدث عن الإصلاحات؟ هو فقط يهاجم السلك الديبلوماسي للدول التي نريد أن نستدين منها، وصندوق النقد يقول إنه مستعد للمساعدة، ولكن هناك إصلاحات علينا التقيد بها والأمور التي يجب أن نقوم بها كحد أدنى لم نقم بها، وأستغرب كيف يعتبر رئيس الحكومة أن كل ما يجري مؤامرة».

هذا الانحدار المريع ما عرفه لبنان حتى في ذروة الحرب الاهلية، وهذا ما جعل الرمايات السياسية تصوب باتجاه عهد الرئيس ميشال عون وليس حكومة حسان دياب وحسب، بدليل تركيز الاحتجاجات بوجه السلطة و«الطبقة الحاكمة» والطبقة الفاسدة، وهذا ما نادى به رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أمس عندما دعا محازبيه الى الاستعداد للخروج من الكارثة التي نحن فيها، عبر التضامن مع بعضنا وننتقل مجددا الى الساحات بطريقة سلمية.

بدوره، لاحظ النائب العميد وهبي قاطيشا ان الجيوش التي جاعت عبر التاريخ تفتت وتحولت الى عصابات، وأضاف: لا خطر على جيشنا من الجوع. فهذه سابقة لم تحصل من قبل إنما حصلت سابقة في أواخر الثمانينيات عندما كان العماد ميشال عون قائدا للجيش تلقى اعانة مالية من الشهيد رفيق الحريري (راتب شهر اضافي لكل جندي وضابط) إنما تم توزيع مبالغ ضئيلة على العسكريين كسند للعائلات. وقال الجيش جيش الدولة لا جيش النظام ولا الحاكم.

لكن رغم هذا القطع المتعمد، كما يبدو، لأنفاس الناس بقي الرهان على خطة اقتصادية حكومية تخرج الليرة اللبنانية من مجرى سيل الدولار الجارف، عبر مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي الذي وافق على معالجة الوضع إنما على طريقته مقدما اصلاح النظام المالي على اي خطة دعم.

لكن عجز الحكومة عن توحيد ارقام خسائرها المالية مع ارقام مصرفها المركزي، جعل فريق الصندوق المفاوض يعلن يأسه من جدية المفاوض اللبناني بعد 16 جولة من المفاوضات ملوحا بعزمه قطع الارسال، وفق تصريحات مسؤول الفريق المفاوض باسم الصندوق بعد جلسة الاربعاء الماضي.

وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، قضية التوقيف الجنائي التشريحي في حسابات المصرف المركزي اللبناني التي تفجرت في اجتماع مجلس الوزراء امس الأول، فكشفت الانقسام الوزاري حول استقالة المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني إصرارا منه على الارقام الضخمة التي تضمنها تقرير الحكومة عن الخسائر المالية التي افضت الى هذا الانهيار مقابل اصرار مجلس النواب على الرقم الادنى الذي توصلت اليه لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، امين سر كتله التيار الحر ثم حول تكليف ثلاث شركات دولية المكلفة بالتشريح المحاسبي لقيود البنك المركزي التي رفضها وزير المال غازي وزني باسم الجهة السياسية التي يمثل «أمل»، بينما تمسك بها الرئيس ميشال عون ووزيرات تياره.

ولوحظ ان الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري نوها بالارقام التي توصلت اليها لجنة المال والموازنة برئاسة ابراهيم كنعان والتي من شأن اعتمادها استبعاد التدقيق التشريحي في حسابات البنك المركزي تحت ذريعة كشف مالية لبنان أمام الدولة المعادية.