IMLebanon

“لعُمرها ما تتغيّر الحكومة” إذا…

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

عند كل أزمة في لبنان، يُطرح موضوع تغيير الحكومة وكأننا في بلد ديموقراطي طبيعي، ويكفي أن تتغيّر الحكومة ليحصل تغيير فعلي في الواقع السياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي.

مناسبة هذا الكلام، هو الحديث في الأيام الأخيرة عن تغيير حكومة الرئيس حسان دياب، الواجب تغييرها لألف سبب وسبب، أهمّها أنها عزلت لبنان عن كل أصدقائه العرب والدوليين بفعل أنها حكومة “حزب الله” بالكامل، ولهذا السبب، يتمسّك بها “الحزب” بكل ما أوتي له من قوّة.

لكنّ المُضحك – المُبكي، أنّ البحث الدائر في الكواليس لتشكيل حكومة جديدة إنما يتّصف بعُطب جوهري كارثي، وهو أنّ البحث والآلية المُعتمدة فيه إنما يتّبعان النهج القديم إياه. رئيس الجمهورية يريد حكومة جديدة تُعيد صهره النائب جبران باسيل إلى صفوفه، وبالحقائب التي يريدها. “حزب الله” يقبل بحكومة جديدة، شرط أن تُلبّي شروطه كاملة من تركيبتها إلى سياساتها. رئيس المجلس يريد حصّته نفسها، وهكذا دواليك… فبربّكم عن أي حكومة جديدة تُحدّثوننا؟ وما نفع أي حكومة جديدة، ولو تغيّرت فيها الأسماء، طالما أنّ النهج القديم لا يزال هو نفسه، والقائم على لعبة المحاصصة وتقاسم الحصص الوزارية، من الذين تسبّبوا بكل مصائب لبنان على مدى الأعوام الماضية، وصولاً إلى الانهيار؟!

للتذكير، فإن حكومة حسان دياب (وزير سابق) تشكّلت من أسماء جديدة بالكامل، باستثناء دميانوس قطار الذي كان سبق له أن شارك في حكومة في العام 2005… فماذا تمكّنت الأسماء الجديدة بالنهج القديم أن تُغيّر؟ ألم نعُد نسمع من جديد مقولة “يُعطّلوننا ويُعرقلوننا” وأخبار المؤامرات الكونية؟!

نعم، المشكلة هي في النهج الكارثي. المشكلة في التمسّك بالحقائب وتوزيعها في ما بين القوى السياسية النافذة والفاسدة إياها. المشكلة في تقسيم الحقائب بين “سيادية” و”دسمة”، في حين أنّ الهزال أصاب الوطن بكامله. المشكلة، أنه لن تتشكّل حكومة جديدة في لبنان، إذا لم يتمثل فيها “حزب الله”، وإذا لم تكن حقيبة المالية من نصيب حركة “أمل” والطاقة من نصيب “التيار الوطني الحر”… وهكذا دواليك، فبربّكم ما الذي سيتغيّر؟!

إنّ أيّ مسعى للتغيير لن يُكتب له النجاح طالما أنّ من يقف وراءه، هم أنفسهم من تسبّبوا بكل ما وصلنا إليه في لبنان، وطالما أنهم يتمسّكون بالنهج نفسه في الذهنية والمُمارسة والأداء.

المطلوب أولاً هو إسقاط “حزب الله” من أي حكومة جديدة لإعادة علاقات لبنان العربية والدولية إلى سابق عهدها، ولن تنفع في هذا الإطار أنصاف الحلول.

والمطلوب ثانياً هو التجديد في النهج، وهو ما يستلزم القضاء على لعبة المحاصصة، واعتبار الحقائب الوزارية “ملكاً” للأطراف السياسية، تورثها من مستشار إلى مستشار، ومن محازب إلى تابع.

من دون تغيير في النهج “لعُمرها ما تتغيّر الحكومة”، و”لعُمرها ما تتشكّل حكومة جديدة من الفاسدين إياهم والخانعين أمام “حزب الله” والخاضعين له، لأنها ستُحاول إنقاذ “الحزب” من ورطته وليس إنقاذ لبنان…

نعم، غيّروا النهج، وإلا فسنبقى في قعر الإنهيار مهما تغيّرت حكومات، وسنبقى نشهد حالات الإنتحار تتفاقم. غيّروا النهج، وإلا فليبقَ حسان دياب يُسلّينا، وليبقَ “الحزب” مُحاصراً يتحمّل مسؤولية ما وصلنا إليه، وليبقَ جبران باسيل خارج الحكومة، “نكاية” بكل من يسعى لإعادة توزيره!