IMLebanon

“الرابطة المارونية” براء من “شوكة” أبي نصر في خاصرة سيّد بكركي

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تعلو الأصوات من داخل المجلس التنفيذي لـ”الرابطة المارونية” التي تنتقد الأداء السائد من رئيسها ومحاولة الإستفراد وتغييب نهج المؤسسة، ومحاولة الإلتفاف على عظات البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأخيرة.

منذ إنتخاب النائب السابق نعمة الله أبي نصرالله رئيساً لـ”الرابطة المارونية” والإنتقادات تتوالى مع إتهام بعض أعضاء المجلس التنفيذي أبي نصر بالتصرّف وكأن “الرابطة” ملكية خاصة له، ويستطيع أن يفعل ما يشاء أو ينطق بالموقف الذي يناسب سياسته.

وتتراكم الأزمات داخل “الرابطة” خصوصاً في الآونة الأخيرة بعد الأزمة الإقتصادية وأزمة “كورونا” حيث وزّعت “الرابطة” نحو 4000 حصة غذائية تركّزت في كسروان والمحيط ولم تشمل الموارنة المحتاجين في بقية المناطق، ما دفع المعترضين إلى توجيه إنتقادات حادة لأبي نصر وإتهامه بأنه لا يرى وجوداً للموارنة خارج كسروان، كما أنّ حجم الرابطة ودورها لا يقدّر بتوزيع 4000 حصة غذائية، بل يجب أن تلعب دوراً على الساحة المارونية والمسيحية والوطنية وتكون سبّاقة في دعم شعبها في الصمود.

والإنتقادات التي وُجّهت لأبي نصر مفادها أنه لم يُدِر عملية التوزيع بالطريقة الجيدة، فالرابطة تتألف من 12 لجنة دائمة، ويمكن تأليف لجان إذا استدعت الحاجة، لكنّ أبي نصر شكّل خلية لتوزيع المساعدات من دون العودة إلى المجلس التنفيذي الذي هو أساس كل اللجان والسلطات.

تتألف “الرابطة المارونية” من مجلس تنفيذي يُعتبر السلطة التنفيذية، ويشكو عدد كبير من أعضائه من أن أبي نصر يختزلهم ويتصرّف على هواه من دون العودة إليهم، لذلك تُعدّ بعض الخطوات التي يتّخذها غير قانونية.

ومن جهة ثانية، ينقل الأعضاء المعترضون على أداء أبي نصر أن الأخير يتخطّى المجلس التنفيذي ويقول إنه تشاور مع المكتب، وهذا المكتب مؤلف من الرئيس ونائب الرئيس وأمين الصندوق والأمين العام، لكن قانونياً لا يمكنه أن يشكّل بديلاً عن المجلس التنفيذي ولا يمكنه التصديق على القرارات التي يتّخذها.

وما دفع الأمور إلى التأزم أكثر هو البيان الأخير الذي أصدره أبي نصر والذي فسَّر موقف البطريرك الراعي على أنه دعم لموقف رئيس الجمهورية ميشال عون مع إفراغ مضمونه الأساسي، والذي يدعو عون إلى تحرير الشرعية، ما أثار غضب عدد من الأعضاء وعلى رأسهم عضو المجلس التنفيذي المحامي جوزف نعمه الذي أصدر بياناً أضاء فيه على الخلل في بيان أبي نصر.

ووفق القانون الداخلي لـ”الرابطة المارونية” يؤكّد نعمه في حديثه إلى “نداء الوطن” أن “رئيس الرابطة لا يستطيع إصدار بيانات باسم الرابطة من دون مشاورة المجلس التنفيذي، وهو يستطيع فقط إصدار بيانات باسمه الشخصي، ولذلك فإن البيان الأخير الذي أصدره بعد عظة البطريرك الراعي لا يمثل الرابطة”.

ويشدّد نعمه على أن أبي نصر “يُخربط كثيراً في الرابطة ويتصرّف وكأن المجلس التنفيذي ليس موجوداً، ويخرق القوانين ويتصرف بسوء إدارة في ملفات عدّة، ويصدر البيانات بناء على ما يطلبه منه رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل عبر مستشاره أنطوان قسطنطين، وبذلك يكون قدّ تقزم دور الرابطة ولم تعد على مستوى طموحات الموارنة”.

وليست المرة الأولى التي يحصل إعتراض على بيانات أبي نصر، فمنذ أشهر حصل خلاف قوي داخل المجلس التنفيذي للرابطة عندما أصدر أبي نصر بياناً باسمها مهاجماً رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، ويذكّر بمراحل الصراع الماروني – الدرزي في الجبل.

ويعتبر نعمه أنه ليس صحيحاً أن ما يحصل داخل الرابطة هو صراع قواتي – عوني، بل إن اعتراضه الأساسي هو “على أداء أبي نصر الذي حوّل الرابطة إلى مكتب لإصدار بيانات متحيزة، ومحاولته تخطي المؤسسة الأساسية وهي المجلس التنفيذي واختصاره الرابطة بشخصه بدل أن تعمل لهدفها الأساسي، وهو جمْع الموارنة على امتداد الوطن وربطهم ببعضهم البعض”.

وأمام كل ما يحصل، يتابع أبي نصر مساره الإستفرادي، إذ طلب موعداً من البطريرك الراعي لزيارة الديمان يوم غد الساعة العاشرة والنصف من دون استشارة المجلس التنفيذي، ما أغضب الأعضاء لأن طلب أي موعد يتطلّب موافقة الأعضاء عليه.

لكن القصة لا تكمن هنا، بل إن الإعتراض هو على مضمون الكلمة التي سيلقيها أبي نصر أمام الراعي والتي أرسلها إلى الأعضاء للإطّلاع عليها، وقد اجتزأ مقطعاً من عظة الراعي الذي يتحدث فيه عن الحياد، مغيّباً مطالبة البطريرك رئيس الجمهورية بفكّ أسر الشرعية.

وهذا الأمر دفع نعمه إلى الإعتراض بشدّة على ما يقترفه أبي نصر، إذ إن الأخير يريد تعويم نفسه ويريد أن يفسّر كلام الراعي على غير ما هو عليه، ويريد من الزيارة تخفيف وطأة كلام الراعي.

أما النقطة الثانية من كلمة أبي نصر المقرّرة غداً إذا لم يعدّلها، فهي دعوته إلى تأليف حكومة وفاق وطني، وذلك للإلتفاف على كلام الراعي، ومتخطياً بذلك جوهر عظة البطريرك.

وأمام كل ما يفعله أبي نصر، فإن التساؤل هو لماذا يتصرف هكذا، وهل باتت وظيفة رئيس “الرابطة المارونية” ضرب جوهر كلام بطريرك الموارنة وتحويره لأهداف سياسية، وتحويل الرابطة إلى شوكة في خاصرة سيد الصرح، في حين أن تصرفات أبي نصر ستعمق الشرخ داخل المجلس التنفيذي؟

ويبدو أن المواجهة قد فُتحت داخل الرابطة خصوصاً أن القرار اتُّخذ بالتصدّي لكل التجاوزات الحاصلة، في حين أن أبي نصر يغيب عن السمع ولا يردّ على الإتصالات المتكررة به عندما يحصل مثل هكذا خلاف ويتهرّب من الإجابة على الأسئلة التي يطرحها الموارنة والرأي العام، وبالتالي فإن الأمور داخل الرابطة تنحدر نحو الأسوأ بعدما تمّ تغييب دورها لأهداف لا يعلم أحد ما في نفس “يعقوبها”.