IMLebanon

وزني يحجّم مستشار دياب: أنا وزير المال

في المشهد العام، كل العيون باتت شاخصة نحو بكركي مع تحوّلها إلى محجّة سيادية داعمة لخطاب البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وركائزه الداعية إلى مقاومة الفساد وتحرير الشرعية وتكريس أسس الحياد اللبناني عن صراعات المحاور، وقد أعادت أمس زيارة الرئيس سعد الحريري إلى الصرح البطريركي إلى الأذهان صورة اللقاءات التي كانت تجمع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير بالرئيس الشهيد رفيق الحريري إبان اشتداد قبضة الوصاية السورية على لبنان وما تمخّض عن تلك المرحلة تباعاً من تكوين جبهة سيادية وطنية تكللت بلقاء قرنة شهوان الذي زرع تحت عباءة بكركي بذرة التحرّر من الوصاية على البلد، وسط تجدد النداءات الوطنية في هذه المرحلة لتكوين جبهة سياسية – سيادية تحت سقف خطاب الراعي لإعادة التوازن المختل إلى ميزان الشرعية في المشهد الوطني. أما على شريط المستجدات الحكومية، فالقديم لا يزال على قدمه في مسار التخبط والتناحر بين مكونات الفريق الواحد، وجديده ما برز أمس من تصدي وزير المالية غازي وزني لمستشار رئيس الحكومة جورج شلهوب وتحجيمه خلال الاجتماع المالي في السراي ضارباً بيده على الطاولة رفضاً لتدخلات شلهوب بعمل فريق وزارة المال، ومتوجهاً إلى المجتمعين بالقول: “أنا وزير المال ولن أسمح لأحد بالتعدي على صلاحياتي”.

وفي التفاصيل، كما علمت “نداء الوطن”، أنّ مستوى الاحتقان بين الجانبين بلغ أوجه أمس بعدما طفح كيل وزني من “حرتقات” مستشاري رئاسة الحكومة على عمله في الوزارة، لا سيما وأنّ شلهوب وإثر تبلغه بعقد وزير المالية اجتماعاً تنسيقياً لفريق عمله قبيل انعقاد اجتماع السراي المالي أمس، بادر إلى الاتصال بأعضاء هذا الفريق ونبههم إلى وجوب عدم الانسياق وراء طروحات وزني المالية باعتباره “لا يمثل الحكومة بل له أجندة خاصة يعمل عليها”، وعلى الأثر استشاط الأخير غضباً خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة دياب وخاطب شلهوب بنبرة حادة قائلاً له: “ما بسمحلك تتدخل بعمل وزارتي، أنا وزير المال وأتحمل مسؤولياتي كاملة”، ثم توجه إلى الحاضرين بالقول: “ما فينا نكمل هيك (…) لا حل أمامنا إلا أن نعمل على تأمين توافق جميع المعنيين بالحل المالي لأنّ صندوق النقد طلب منا أن نتوافق”.

وفي سياق متقاطع مع استياء وزني، نقلت مصادر مشاركة في اجتماع السراي لـ”نداء الوطن” أنّ عدداً من المشاركين أعربوا كذلك عن امتعاضهم من أداء مستشاري دياب وأبدوا استنكاراً صريحاً للتسريبات المتواصلة التي يواظب هؤلاء على ضخها في الإعلام، فضلاً عن تماديهم في إطلالاتهم التلفزيونية بعملية التصويب على دور المجلس النيابي والتعرض لنواب باتهامات وتلميحات مسيئة لدورهم في مقاربة الأزمة النقدية والمالية، فكان تشديد في المقابل على وجوب تجديد الالتزام بسرية المداولات ذات الصلة بالنقاشات المطروحة على طاولة الخطة الإصلاحية المالية. أما عن خلاصة ما توصل إليه إجتماع الأمس، فعبّرت المصادر عن استغراب متزايد لإصرار رئيس الحكومة على استنزاف الوقت بعقد اجتماعات تلو الاجتماعات من دون الخروج بنتائج حاسمة، وقالت: “لقد أضعنا شهوراً تحت وطأة هذه المراوحة، حتى أنّ البعض سأل رئيس الحكومة “قديش بعد ناوي تعمل اجتماعات؟” إذ لا طائل من عقد كل هذه الاجتماعات الحكومية من دون تنسيق متواصل مع المجلس النيابي لأنّ خطة الحكومة المالية مآلها الوصول إلى المجلس ولا بد بالتالي من تعبيد الطريق مسبقاً أمام تأمين غطاء نيابي لها لكي لا تعود إلى الاصطدام باعتراضات تطيح بها تحت سقف الهيئة العامة”.

في الغضون، وبينما سجّل شريط الأحداث أمس توقيفات أمنية لافتة طالت معتدين على نشطاء في الحراك المدني، تخوفت مصادر معنية من أن تلقى هذه التوقيفات مصير سابقاتها التي عكست أداءً فضائحياً في مسار الملاحقات التي شهدتها البلاد إزاء عدة ملفات، بدءاً من تحقيقات الفيول التي بدأت جنائية وانتهت بمخالفات إدارية متصلة بدوام العمل، وصولاً إلى قضية المجموعات التي عمدت إلى تكسير وحرق وتخريب وسط بيروت في 12 حزيران الفائت، وما أثير حينها من معلومات تشي بوقوف جهات خارجية خلف هذه المجموعات بهدف إشعال الفتنة والتحريض على الاقتتال الداخلي، ليتفاجأ اللبنانيون بعدها بنبأ إعادة إطلاق سراح الموقوفين بكفالة مالية لا تتعدى الـ200 ألف ليرة.

وتكشف المصادر لـ”نداء الوطن” أنّه وبخلاف ما أشيع عن وجود الكثير من الموقوفين من جنسيات غير لبنانية ضالعين بأعمال التخريب في العاصمة، تبيّن أنّ جميع الموقوفين الذين بلغ عددهم عشرين شخصاً كانوا لبنانيين باستثناء شخص واحد من التابعية السورية، موضحةً أنّ توقيف هؤلاء استند إلى أدلة قائمة على جمع وتفريغ كافة الصور والفيديوات التي رصدت عمليات تكسير الممتلكات الخاصة والعامة، ولدى التحقيق معهم اعترفوا بالاتهامات الموجهة إليهم وأقرّ المحامي الذي توكل عنهم بأنهم مذنبون لكنه طالب بالتعامل مع جرمهم بوصفه جنحة وليس جناية. وعن انتماءاتهم، أكدت المصادر أنّ التحقيقات مع مجموعة العشرين بيّنت أنّهم ينتمون إلى جهات متعددة، بعضهم من “سرايا المقاومة”، والبعض الآخر من مناصري النائب عبد الرحيم دياب، وآخرون من المنتمين إلى حزب “سبعة”، لكن وبينما عناصر “السرايا” ومراد نفوا أن يكون تصرفهم أتى بإيعاز حزبي، اعترف الموقوفون بأنّ من تولى عملية نقلهم من البقاع إلى بيروت هم قياديون في “سبعة” وتم توقيف أحدهم من آل الشمالي بتهمة التحريض على افتعال أعمال الشغب والتخريب في وسط العاصمة.

وإثر إطلاق سراحهم بكفالة توالت الاستفسارات عن سبب الإفراج عنهم بعد اعترافهم بالتهم الموجهة إليهم لا سيما وأنها موثقة بأدلة مصوّرة، فكان الجواب: “أدلة الملف لم تكن كافية لاستمرار توقيفهم”، حسبما نقلت المصادر، وأردفت: “للأسف سياسة التخبط تتمدد في مختلف القطاعات، وكل الملفات يصار إلى لفلفتها كأنّ شيئاً لم يكن، فالجاني والمجنى عليه أصبحا سواسية في هذا البلد وحتى الفاسد يصار إلى تكريمه وترقيته كما حصل في مصفاة الزهراني حيث تفاجأ العاملون أمس بأنّ الموظف في مختبر المصفاة يوسف ف. الذي أوقف لمدة شهرين بتهمة الرشوة والتزوير في إطار قضية الفيول المغشوش، أطلق أخيراً وعاود الالتحاق بعمله بعدما تمت ترقيته وتعيينه مديراً للمختبر نفسه مع زيادة 15 في المئة على راتبه”.