IMLebanon

بكركي تتولّى القيادة؟

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

وكأنّه قدر لبنان أن تكون معارك استقلاله مُرتبطة بصخرة واحدة: بكركي والبطريركية المارونية. عندما يحين أوان عرس الإستقلال الثالث، سنجدهم جميعاً يحتفلون ويفرحون ويُهلّلون، لكن قلّة من تتولّى التحضير للعرس، تتحمّل كل تكاليفه السياسية والأمنية والإعلامية.

في العام 1918، تولّى البطريرك الياس الحويّك انتزاع استقلال لبنان الأول من الفرنسيين، فكان لبنان الكبير. وفي العام 2000، تصدّى البطريرك مار نصرالله بطرس صفير للإحتلال السوري، وأطلق والمطارنة الموارنة نداء بكركي الشهير، الذي أنجب التحرير والإستقلال الثاني في 26 نيسان 2005.

لكنّ معارك التحرير والإستقلال لم تنتهِ بفِعل استمرار وجود ميليشيات مسلّحة في الداخل، تأتمر بأوامر إيرانية، وتنغمِس في حروب إقليمية، وتُقوّض وجود الدولة في لبنان، ما أدّى إلى عزله عن أصدقائه والمجتمعين العربي والدولي، وأوصَل وطن الأرز إلى قعر الإنهيار المالي والإقتصادي والإجتماعي.

هكذا وجدت بكركي بقيادة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي نفسها مُضطرّة إلى حمل اللواء مُجدّداً، لتحقيق استقلال لبنان الثالث من هيمنة إيران وميليشياتها. رفع البطريرك الراعي صوته من الديمان، داعياً رئيس الجمهورية إلى العمل لفكّ الحصار عن الشرعية اللبنانية، بعدما تيقّن سيّد بكركي أنّ الشرعية والدولة في لبنان أصبحتا مُحاصرتين، وربّما أسيرتين لدى إيران و”حزب الله”، اللذين قرّرا خوض المواجهة مع الولايات المتّحدة، إنطلاقاً من الساحة اللبنانية!

ما إن رفع البطريرك الماروني الصوت، حتى لاقى الإرتياح اللبناني العارم في الشارع الإسلامي، كما في الشارع المسيحي. إرتاح اللبنانيون إلى أنّ “الأمانة بخير”، الأمانة التي لطالما حملتها البطريركية المارونية بالدفاع عن لبنان كبلد للحريات والتنوّع والعيش المشترك، وبالدفاع عن قيام دولة لبنانية سيّدة وحرّة ومستقلّة وقويّة، تُحافظ على علاقات لبنان العربية والدولية، وتحفظ كرامة اللبنانيين.

من العام 1918 مروراً بالـ 2000 إلى الـ 2005، لم يكُن ليتمكّن البطاركة الموارنة من تحقيق أي إنجاز، لولا الإلتفاف الشعبي اللبناني حولهم، وأيضاً التفاف القيادات السياسية من مُختلف الأطياف، والتي لا تجد أي إحراج في السير خلف قيادة بكركي وعباءتها، نظراً لدورها التاريخي.

وفي الـ 2020، يبدو أنّ “التاريخ يُعيد نفسه” إيجاباً هذه المرّة. ما إن أنهى البطريرك الراعي عظته، حتى تقاطر إلى الديمان وبكركي، السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، والرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وتشي المعلومات بأنّ درج بكركي وشرفة الديمان سيشهدان على زخم لقاءات سيادية، تهدف إلى استعادة لبنان في أسرع وقت.

التحدّي في الـ 2020 سيكون مُختلفاً، لأنّ لبنان يخضع لاحتلال أجنبي بأيدٍ لبنانية، ولأنّ تبِعات هذا الاحتلال باتت كارثية على الصعد المالية والإقتصادية والإجتماعية، بحيث تسعى أعداد كبيرة من اللبنانيين إلى الهجرة، بحثاً عن ملاذ آمن ومُستقبل أفضل. التحدّي الجديد يفترض العمل بسرعة لتحقيق المطلوب، كما يُملي على الجميع التنازل عن الأنانيات، والإستفادة من الفرص الموجودة داخلياً وخارجياً، من أجل الإلتفاف حول بكركي، وخوض المعركة لتأمين صمود اللبنانيين، وتحقيق الإستقلال الناجز هذه المرة…

في العام 2000، لم يكن أحد ليجرؤ على مواجهة الإحتلال السوري وأجهزة استخباراته، مدعومة من الجهاز الأمني السوري- اللبناني المُشترك بقيادة الثنائي إميل لحود وجميل السيّد. وحده البطريرك “السادس والسبعون” كان حيث لم يجرؤ الآخرون. بعد 20 عاماً، ظهر أنّ الأكثرية الساحقة من الأطراف اللبنانية لا تملك الجرأة على مواجهة “حزب الله” تحت شعار ترك المواجهة معه للخارج، لكن يبدو أنّ للبطريرك “السابع والسبعين” كلاماً آخر، وهو الذي يُدرك أنّه “إذا لم يبنِ ربّ البيت فعبثاً يتعب البنّاؤون”!