IMLebanon

امتياز بيروت لإنتاج الطاقة: “استفاقة” بلديّة أم استثمار سياسي؟

كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:

على وقع التقنين القاسي، أعاد رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني إحياء مشروع إعطاء البلدية امتيازاً لإنتاج الطاقة في بيروت. الملف الذي كان قد جُمّد سابقاً لغياب التوافق السياسي حوله، ما يطرح تساؤلات حول إيقاظه من سباته، وما إذا كان طرحه لإحراج رئيس الحكومة مع شركائه في مجلس الوزراء تمهيداً لاستثماره سياسياً؟

ليس واضحاً، بعد، ما إذا كانت العتمة الحالكة التي تلفّ بيروت أم الاستثمار السياسي، وراء دعوة رئيس بلدية العاصمة جمال عيتاني أعضاء المجلس البلدي إلى حضور اجتماع، الإثنين المقبل، مع مكتب الاستشاري العالمي «Mott Macdonal»، للاطلاع على «عرض التصميم النهائي لدفتر الشروط المتعلّق بإطلاق مناقصة لتأمين التيار الكهربائي 24/ 24» في المدينة.

الدعوة تأتي بالتزامن مع وعود يطلقها نواب تيار «المُستقبل» البيارتة بأن هذا الملف «قيد التنفيذ في البلدية بعد التوافق عليه داخل المجلس»، وبعد مناقشته مع المحافظ مروان عبود ووزير الداخلية محمد فهمي. لكنها وعود تبدو أقرب إلى «شيك» غير قابل للصرف، حتى الآن. فـ«التوافق» لم يتأمن بعد داخل المجلس البلدي، هذا أولاً. وثانياً، بحسب مصادر وزارية، «صحيح أن قرارات المجلس في ما خصّ المناقصات والتلزيمات تتطلّب موافقة وزارة الداخلية كجهة وصية، إضافة الى ديوان المحاسبة والمحافظ، لكن إطلاق المناقصة لتأمين الكهرباء يحتاج، أيضاً، الى موافقة وزير الطاقة ريمون غجر، ويتطلّب قراراً من مجلس الوزراء». وهو ما لم يحدث سابقاً، حتّى في «عزّ» التحالف بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق جبران باسيل، فما الذي تبدّل لكي يعاد تحريك هذا الملف؟ هل هو مجرّد «ضجيج» يفتعله عيتاني للقول بأنه يحاول تحقيق تحقيق «إنجاز» في بلدية أظهرت الأزمة المالية الحالية ضعف أدائها؟ أم أن «الريس» يُستغل للتصويب على الرئيس حسان دياب في حال عدم إمرار المشروع واستثماره في السياسة، وخصوصاً في الشارع البيروتي؟ علماً بأن دعوة عيتاني لأعضاء البلدية حالياً، وفق مصادر بلدية، أتت بناءً على اللقاء الذي جمعه أخيراً بوزير الداخلية وأكد فيه الأخير لعيتاني أنه يدعم المشروع وسيحاول إقناع زميله وزير الطاقة به.
وكان الاستشاري العالمي قد أنجز المرحلتين الأولى والثانية من عقده منذ فترة طويلة. لكن غياب التوافق السياسي حول المشروع أدى الى تجميد عمله. ففي 19 تشرين الأول 2017، أرسلَ عيتاني الى محافظ بيروت السابق زياد شبيب كتاباً يطلب فيه «إبلاغ الشركة التريث في تنفيذ المرحلة الثانية من تحضير ملف المناقصة أو التلزيم إلى حين إبلاغها بذلك من قبل البلدية، وذلك بعد عرض نتائج المرحلة الأولى على الجهات المعنية». ولم تعاود البلدية إعطاء الموافقة على تنفيذ المرحلة الثانية إلا بعد حوالى سنة ونصف سنة، عندما أرسلت كتاباً في 25 كانون الثاني 2019 للمحافظ تعلمه بالقرار 34 الصادر عن المجلس البلدي بالموافقة على المباشرة بتنفيذ المرحلة الثانية من إعداد الدراسات والتصاميم الأولية ووضع الحلول المناسبة لتأمين التيار الكهربائي وتحضير دفتر الشروط. ومنذ ذلك الحين، نوقش الأمر داخل المجلس البلدي وسُئل عيتاني مراراً عن مصير المشروع وإمكانية تأمين موافقة وزارة الطاقة ومجلس الوزراء، فيما كان رئيس البلدية يؤكّد دائماً أن «الموضوع مؤجّل».

لم يستطع الحريري تحصيل موافقة على المشروع حتى في عزّ تحالفه مع باسيل

عضو كتلة «المستقبل» النائبة رولا الطبش جارودي، قالت في اتصال مع «الأخبار» إن «المشروع هو قيد طرح مناقصة، وللمجلس البلدي الحق في إطلاقها بعد موافقة المحافظ وديوان المحاسبة». ولفتت الى أن «المحافظ القديم سبق أن عطّل الأمر بحجة وجود كهرباء 24 على 24 في المدينة. وآلان في ظل التقنين القاسي الذي تتعرض له بيروت، طرحنا فكرة شراء مولّدات، لكننا أُعلمنا بوجود مشروع جاهز يتعلق بإعطاء امتياز لإنتاج الطاقة في بيروت، فذهبنا في اتجاه إحيائه وتحدثنا مع المحافظ ووزير الداخلية. ولن نسكت بعد الآن عن تعطيل مثل هذه المشاريع».
عيتاني، من جهته، أوضح لـ«الأخبار» أن «دفتر الشروط منجز، ومن حق البلدية إطلاق المناقصة»، لكن «من الأفضل أن يكون هناك توافق حولها كي لا يُصار الى تعطيلها في ما بعد». وأقرّ بأن المشروع «بحاجة الى مزيد من النقاش داخل المجلس وإلى موافقة مجلس الوزراء لأنه هو من سيكلّف وزارة الطاقة بتوقيع اتفاقية مع الجهة المنتجة لشراء الطاقة منها»، مؤكداً أن «إعادة تحريك الملف حالياً يعود إلى ضرورة القيام بإجراءات سريعة وفعّالة للمدينة، واليوم هناك حكومة جديدة ونفَس جديد، وهذه الحكومة تقول بأنها تعمل على تأمين حلول سريعة، وهذا واحد من الحلول التي تريح بيروت».