IMLebanon

أي دعم للبنان مرتبط بالبدء بإجراء إصلاحات سريعة

كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:

مع استمرار جولات المشاورات بين لبنان وصندوق النقد الدولي الذي ناشد السلطات اللبنانية التوافق حول خطة الانقاذ المالي الحكومية، والاعراب عن قلقه حيال محاولات لبنان تقديم خسائر اقل لأزمته المالية المتواصلة بالاستفحال، في ظل عدم استقرار لسعر صرف الليرة مقابل الدولار الاميركي ورواج عمل السوق السوداء وارتفاع جنوني لاسعار المواد الاستهلاكية. كان اللافت وسط كل هذه التطورات الاعلان الرسمي لزيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان منتصف الاسبوع المقبل لاجراء مشاورات مع المسؤولين اللبنانيين حول تطورات الاوضاع لا سيما الاقتصادية والمالية، بالتزامن مع تسجيل زيارة للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم نهاية الاسبوع الماضي الى دولة الكويت موفدا من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لطلب الدعم والمساعدة.

وفي قراءة لكل التطورات التقت «اللواء» وزير الاقتصاد الاسبق سامي حداد الذي اكد ان كل المعطيات تشير الى استعداد المجتمع الدولي وصندوق النقد لتقديم الدعم والمساعدة للبنان وعدم تركه رغم الاداء الحكومي السيئ ومشاركة «حزب الله» في الحكومة، ولكنه يرى ان اي دعم دولي للبنان مرتبط بالبدء باجراء سلسلة من الاصلاحات السريعة اقتصاديا.

ويرى حداد ان هناك توافقا من كافة الاطراف السياسية اللبنانية بما فيهم «حزب الله» على اهمية استكمال المشاورات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي من اجل الحصول على موافقته لتقديم المساعدة لنا، بعدما اصبحت هناك قناعة لدى الجميع بان لا بديل عن مساعدة الصندوق، مستبعدا ان تقوم الجهات الدولية المؤثرة على قرارات الصندوق كالولايات المتحدة الاميركية واوروبا بوضع فيتوات لمنعه عن مساعدتنا.

الازمة الاقتصادية تطال وتوحد كل اللبنانيين

ويؤكد الوزير الاسبق انه على الرغم من الخلافات السياسية التي نعاني منها نتيجة خلافات طائفية ومذهبية فإن الاكيد ان الازمة الاقتصادية توحدنا، باعتبارها تطال الجميع دون استثناء، كذلك الامر بالنسبة الى سعر صرف الدولار مقابل الليرة.

لضرورة اعادة النظر بسعر تعرفة الكهرباء

ويعتبر حداد ان التركيز الاساسي يجب ان يكون اولا على معالجة ملف الكهرباء، من خلال العمل لايجاد حل لهذا الملف، وهو ليس فقط بإجراء تعيينات لمجلس ادارة القطاع او للهيئة الناظمة، بل من خلال زيادة التعرفة ورفع الدعم عن هذا القطاع الذي يعتبر سببا رئيسيا للخسارة المالية التي نعاني منها، لا سيما ان من شروط صندوق النقد والذي يشدد عليها هو توقيف التوظيفات وعدم رفع الرواتب المرتفعة وتوسيع القطاع العام، من هنا يعتبر حداد ان التعيينات قد تفاقم الازمة، ويشدد على وجوب ضرورة زيادة سعر تعرفة الكهرباء رغم اعتراض عدد كبير من السياسيين وتخوفهم من فقدان شعبيتهم نتيجة هذا الطرح، ويقول «جميعنا يعلم الخسارة التي تتكبدها الدولة اللبنانية منذ سنوات من هذا القطاع، والتي تتجاوز الملياري دولار رغم اعتباره قطاعا خاسرا بسبب دعمه من قبل الدولة»، مشيرا الى ان اي دعم لأي سلعة في دول العالم تكون لمساعدة المواطنين ذوي الدخل المحدود، ولكن في لبنان فان الدعم لبعض السلع والقطاعات يطال الجميع دون استثناء، وهذا الامر ينطبق على الكهرباء حيث يتم استهلاكها من قبل جميع المواطنين، مع العلم ان الطبقة الميسورة تستهلك كميات اكبر من الطاقة من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، لذلك يعتبر حداد ان الحل هو بوقف دعم هذا القطاع واعتماد تعرفة تصاعدية حسب الشطور، وهذا الامر يحافظ على التعرفة المعمول بها حاليا للطبقة ذوي الدخل المحدود، لافتا الى ان هذا الموضوع هو موضع مطالبة من قبل الصندوق، مشيرا الى ان التعيينات في مؤسسة كهرباء لبنان تعتبر من الامور الثانوية. ويرى ان التعرفة المعتمدة حاليا من قبل الدولة تجعل المؤسسات الدولية وشركات الكهرباء العالمية غير متحمسة للدخول الى هذا القطاع.

لضرورة التوقيع مع صندوق النقد قبل انهيار الليرة اكثر

وشدد حداد على ضرورة التوقيع مع صندوق النقد الدولي في اقرب وقت قبل انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار اكثر من ذلك، خصوصا مع وجود عدة اسعار متعامل بها حاليا في السوق لسعر صرف الدولار، معتبرا ان ذلك ينعكس بشكل كبير على الوضع المالي، في ظل عدم وضوح لسعر الصرف الحقيقي، مشددا على ضرورة توحيد سعر الصرف.

وقف التهريب مستحيل في ظل استمرار دعم القمح والمحروقات

اما بالنسبة الى موضوع ضبط الحدود ووقف التهريب فيؤكد حداد انه من المستحيل وقف التهريب حتى مع اتخاذ اجراءات امنية كبيرة على الحدود من قبل الجيش اللبناني، لان التهريب كما يرى حداد محصور بشكل اساسي بالمواد المدعومة من قبل الدولة مثل المحروقات والطحين، لفرق الكبير في الاسعار بين لبنان وسوريا لهذه المواد، متوقعا ان يستمر التهريب طالما الدولة اللبنانية تدعم مواد اساسية مرتفعة السعر في سوريا.

للقيام بإيجاد شبكة امان اجتماعية لمساعدة المواطنين

ويشدد حداد على اهمية ايجاد شبكة امان اجتماعي وهذا ما يسعى الى القيام به البنك الدولي الذي يعمل من خلال مساعدة الدولة على ترتيب الشبكة اداريا، لمساعدة جميع العائلات ذوي الدخل المحدود وتقديم المساعدات الشهرية لها بطرق مختلفة، خصوصا ان برنامج صندوق النقد يتضمن زيادة للضرائب، وهناك عدد كبير من الشعب اللبناني ليس بمقدوره دفع الضرائب.

ويلفت الى ان شبكة الامان المتبعة في معظم دول العالم هي من اجل دعمها لمواطنيها غير الميسورين، ويعتبر ان دور البنك الدولي هو تقديم المساعدة من خلال تنظيم طريقة الدعم.

لاعادة النظر بقطاعات لا لزوم لوجودها

كما يشير حداد الى ضرورة اعادة النظر بالقطاع العام، في ظل وجود عدة قطاعات وادارات لا لزوم لاستمرارها ويعطي مثلا لذلك كمصلحة سكة الحديد، ويذّكر بانه عندما كان وزيرا للاقتصاد تم اتخاذ قرار بالغاء مكتب الحبوب والشمندر السكري. ويتوقع حداد استمرار فرنسا بالوقوف الى جانب لبنان ومساعدته وعدم تركه والدليل على ذلك هي زيارة وزير خارجيتها والمتوقع ان يحث المسؤولين خلالها على ضرورة القيام بالاصلاحات المطلوبة.

القانون الدولي يعتبر ان سلاح حزب الله غير شرعي

ويشدد حداد على ضرورة ان يكون هناك توافق سياسي داخلي من اجل ان يكون لبنان بلدا سيدا حرا مستقلا، وعلى اهمية تطبيق القانون من قبل الجميع خصوصا ان القانون اللبناني يعتبر ان سلاح «حزب الله» غير قانوني وغير شرعي، اي على الحزب اذا اراد تطبيق القانون تسليم سلاحه الى الدولة.

ويؤكد حداد ان اي مساعدة عربية او دولية للبنان لا يمكن ان تحل الازمة الراهنة اذا لم تقدم الدولة اللبنانية على اجراء الاصلاحات ووقف العجز المتراكم بالخزينة.

وحول امكانية تقديم الكويت وقطر مساعدات الى لبنان يرى حداد ان لدى بعض الدول العربية نوايا جيدة تجاه لبنان، كذلك بعض الدول الاوروبية، ويلفت الى ان كلام السفيرة الاميركية الاخير لم يتضمن رفض بلادها تقديم المساعدة لبنان.

ويختم حداد متمنيا لو كان لدينا حكومة افضل من الحالية، وتتجاوب بشكل اسرع مع متطلبات صندوق النقد لتوفير الوقت والاستفادة من المساعدات بشكل اكبر، ويرى انه رغم فشل الحكومة اقتصاديا فان صندوق النقد الدولي لا يزال يتحاور معها وهذا امر جيد.