IMLebanon

القطاع الاستشفائي ينهار

كتبت أنديرا مطر في “القبس”:

بات اللبنانيون معلقين على لائحة الانتظار في كل شيء يختص بمعيشتهم او حتى بهجرتهم.. فمن انتظار نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي سعيا الى قروض تعيد تحريك الاقتصاد المتهالك إلى انتظار دخول سلة السلع الغذائية المدعومة حيز التطبيق، علها تحد من تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، وإلى انتظار باخرة الفيول الموعودة، علها تخفف ساعات التقنين الكهربائي الحاد.

اما في الشأن السياسي، فالانتظار يطول كل شيء يخص التغيير والاصلاح وازالة الطبقة الحاكمة الفاسدة برمتها. فمزيد من الانقسامات بين حكومة منفصلة عن الواقع ومعارضة غير قادرة على تجاوز خلافاتها، وان بدا انها التأمت مجددا تحت شعار الحياد الذي أطلقه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ويصر عليه، لأنه «يخدمنا ويحررنا جميعا، ولأننا عندما تخلينا عنه أصبحنا شحاذين وبلا كرامة» من منبر الديمان، المقر الصيفي للبطريركية، كرر رئيس الحكومة حسان دياب مواقفه السابقة في مواضيع التركة الثقيلة التي ورثها عن الحكومات السابقة، وحملة يشنها «مجهولون» على حكومته لتفشيله، من دون ان ينسى التذكير بإصلاحات نفذتها حكومته لكن «الجمهور لا يعرف عنها»، مؤكدا انه لن يستقيل، لأن البديل لن يكون موجوداً وسنصرف الأعمال لمدة عام أو اثنين وهذه جريمة.

وفي شأن مشروع الحياد الذي استدعى زيارته الى الديمان بطوافة عسكرية، فقد جاء موقف دياب أشبه باللاموقف ويتماهى مع موقف رئيس الجمهورية، لافتا الى ان «موضوع الحياد موضوع سياسي بامتياز»، مضيفا أنه «قبل أخذ أي موقف من هذا الطرح علينا مناقشة وفهم كل أبعاد الحياد ومقاربتها مع مفاهيم الدستور مع عدم نسيان الانتهاكات الإسرائيلية». اما في ما يتعلق بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فأكد دياب أن «المفاوضات قائمة وطوينا صفحات الخسائر، لافتا الى ان الأسبوع المقبل سيشهد اجتماعات مكثفة».

«لازارد» وفي الاطار، برزت دعوة الحكومة اللبنانية المستشار المالي شركة لازارد الى لبنان من دون ان تتوضح مهمتها هذه المرة، علما ان الشركة مثلت الحكومة كمستشار مالي في تفاوضها مع الدائنين بعد تعليقها دفع سندات اليوروبند. وبسبب تعليق الاجتماعات مع صندوق النقد حاليا، بعد سلسلة «تنبيهات» توجه بها وفد الصندوق الى الوفد اللبناني المفاوض وعبرت عن مدى استيائه من أداء الحكومة بسبب عدم تلبية مطالبه التي تشمل الى جانب توحيد ارقام الخسائر والشروع بالإصلاحات ووقف الهدر، عادت الحكومة مجددا للاستعانة بالاستشاري القانوني «لازارد» وطلب المساعدة منها في عملية تعديل خطتها المالية توصلاً إلى «تسوية مقبولة مع الصندوق».

وتضاربت المعلومات في الغاية من دعوة «لازارد»، ففي حين قالت مصادر وزارة المال، انّها للتداول في التطورات التي حصلت في الاشهر الخمسة الاخيرة اقتصادياً ومالياً، وما يمكن ان يستخلص من اقتراحات لتحسين خطة التعافي الحكومية، اكدت مصادر مالية أن «لازارد» ستنظر في إمكان تعديل خطة الإنقاذ المالي الحكومية للتوصل إلى تسوية مجدية بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي، «بعدما لقيت الخطة رفضاً من جانب سياسيين”.

قطاع استشفائي مهدَّد وفي هم حياتي آخر، عاد شبح «كورونا» ليخيم مجدداً على أوضاع اللبنانيين العالقين في دوامة الأزمات المعيشية، من تقنين الكهرباء المتواصل الذي بات يهدد قطاع المستشفيات وقطاع الاتصالات، الى موجة صرف العاملين الجماعية، حتى من أعرق المؤسسات. في هذه الأجواء يواصل عداد «كورونا» ارتفاعه، مسجلاً أرقاماً قياسية، اذ تخطى العدد، أول من امس، مئة إصابة وسط عدم قدرة الحكومة على العودة الى الاقفال لتداعياته القاتلة على الاقتصاد، والاستعاضة عنه بتدابير وقائية متشددة بدءاً من الإثنين. ارتفاع اعداد الإصابات بالفيروس يأتي في ظل معاناة تعيشها الطواقم الطبية والتمريضية والإدارية في المستشفيات التي دخلت منعطفات خطيرة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية   ولا تزال صرخات ودموع المصروفين من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، البالغ عددهم 850 موظفا، تضج في أروقة المستشفى، خصوصاً أن معظمهم يعيلون عائلاتهم ونسبة كبيرة منهم يعالج ذويه على نفقة المستشفى.

نقيب أصحاب المستشفيات سليمان سليمان علق على تسريح الموظفين، لافتا الى انه سبق أن حذر من أن هناك مشكلة بالقطاع الاستشفائي، سببها «التأخير في تسديد المستحقات وارتفاع سعر صرف الدولار»، لافتا الى أن هناك مستشفيات عديدة قامت بتسريح عدد كبير من موظفيها منذ عدة أشهر دون أن يتم تداول الخبر، لأن هذه المستشفيات ليست كبيرة كمستشفى الجامعة. وقال هارون «الآن أعرق مستشفى في الشرق الأوسط وقع تحت العجز، ولا أحد يجب أن يتفاجأ بالذي حصل»، مؤكدا أنه «يجب على الدولة أن تسمعنا وتفهم أن هذا القطاع مهدد بالانهيار». وكانت مصادر استشفائية قد كشفت ان «أفراد الطاقم التمريضي والجهاز الإداري والفريق التقني في بعض المستشفيات لم يتقاضوا معاشاتهم عن شهري أيار وحزيران الماضيين لغاية الآن».