IMLebanon

لهذه الأسباب قال فرنجية ما قاله للحريري

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

تتبدل السياسة اللبنانية وتتغير على مدار الساعة، ووفق الظروف المحلية والتوقيت الدولي. حليف الأمس خصم اليوم وحليف الحليف خصم مع وقف التنفيذ وليس بحليف. هذه السياسة تحكمها التفاصيل المملة التي تقاس احياناً على قياس الحارات وربما المناطق. البلد الصغير مثقل دائماً بتقلبات كبيرة تهتز تحالفاته ولا تصل الى حد القطيعة التامة. وخصومه يبرعون في بعث رسائل التودد والتعالي ويضعون التنافر والتخالف والتحالف في صندوق البريد ذاته.

ما يجمع رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى الصداقة المتينة بينهما، انهما “لدغا من الجحر ذاته” من خصمهما المشترك رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. يلتقيان في السر والعلن على مهاجمته لكن الغريب هذه المرة اصرارهما على تظهير الحديث حوله عبر حوار دار بينهما عبر منصات التواصل الاجتماعي. يثق فرنجية بالحريري “ولكن لا أثق بأنه لن يقوم بتسوية جديدة مع باسيل”. رسالة من فرنجية تلقفها الحريري ورآها في “غير محلها” ورغم ذلك خاطبه قائلاً: “عزيزي سليمان بك… صحيح انا رجل تسويات وترشيحي إلك كان نوعاً من تسوية، لكن بحب تتطمن، المؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين. وانا رجل مؤمن الحمدلله”. وردّاً على الردّ قال فرنجية: “لا أشك بصدقك ونحن لُدغنا من الجُحر ذاته. ردّك يقطع الشك باليقين ويطمئن كل حريصٍ على لبنان”.

ومثل هذا الحوار، إما انه مؤشر لوجود معطيات ما لدى فرنجية حول مسعى لتسوية جديدة بين الحريري وباسيل، أو هو هاجس يسكن رئيس “المردة” الذي يعتبر أن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة لا بد ستحصل ولو بعد حين، على أساس تسوية مع باسيل بوصفه رئيس اكبر كتلة برلمانية. وبالاحرى هو يدرك حاجة الطرفين الى بعضهما. لا يثق فرنجية بـ”التيار الوطني” ورئيسه وهو بدا كمن يحذر الحريري من محاولات جره الى مثل هذا الامر مجدداً. وفي حين قلّل البعض من خلفيات حديث فرنجية ليراه موقفاً في سياق حديث قاله فرنجية “على سجيته”، جزمت مصادر مقربة أن فرنجية حاول تطويق وجود مساع يبذلها الثنائي الشيعي في سبيل اعادة الحريري الى رئاسة الحكومة، بعد اصلاح ذات البين بينه وبين باسيل. وبهذا المعنى توافرت معلومات لفرنجية الذي سارع الى تطويق الموضوع بإعلانه في سبيل تحذير الحريري من شخص فقد الثقة به نهائياً.

حذر فرنجية من تسوية جديدة مع باسيل فرد الحريري “المؤمن” بأنه لا يلدغ من الجحر مرتين. ولكن السؤال هل ان رئيس “الوطني الحر” في وارد العودة الى تسوية جديدة مع الحريري الذي تخلى عنه، معولاً على اكتساب ثقة الشارع. وبهذا المعنى حاول الاستفادة من الخروج على التسوية فلا بقيت التسوية ولا كوفئ لخروجه عليها.

ردّ “الوطني الحر” كان على لسان مستشار باسيل للشؤون السياسية انطوان قسطنطين، الذي لخص على “التويتر” نظرته الى الجانبين بالقول: “واحد جربناه مرّة طلع بلا ركاب. وقع بنص الطريق ومن ضعفو هرب وصار يسبّنا. وصاحبو مدّينالو جسر تايعبر ع الوطن. لمّا وقف ع اجريه رمانا بحجر، يللي بيجرّب المجرّب بيكون عقلو مخرّب، اطمئنوا… نحنا ما رح نعيدها”.

ويقصد قسطنطين تذكير فرنجية بيوم قال له النائب السابق فارس سعيد حدودك المدفون ليرد عليه فرنجية بالقول لاحقاً: “بفضل الجنرال عون قطعنا كل المناطق”. أما الثاني فهو الحريري الذي لا يزال يعتبر “التيار” ان “خوفه دفع به الى الهروب من المواجهة محاولاً ركوب موجة الحراك”.

لا تنكر مصادر معنية وجود مساع معينة لإعادة الحريري، لكن ليس من خلاله او عبره بل ان الحريري “هو الساعي وساعي البريد له رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبه ايلي الفرزلي، ومن يتريث هو التيار الوطني لأسباب تتصل اولاً بأن جوهر الازمة مالية اقتصادية حيث الكباش كبير جداً”.

يأتي ذلك كله، في وقت لا يترك فيه الحريري فرصة إلا ويؤكد فيها أنه لا يسعى لرئاسة الحكومة، كما كررها أكثر من مرة أن “ليس على جدول أعماله أي مصالحة أو لقاء مع باسيل”.

في المقابل، يرى “التيار الوطني الحر” وفق مصادره المسؤولة ان “عودة الحريري وعودة الطبقة السياسية الى الحكم تعني بالنسبة الى الناس انتفاضة جديدة في الشارع”، لتسأل: “هل يمكن الدخول الى تسوية جديدة وانت لم توفر لها الخلفية والسند الاقليمي والدولي وهذا غير متوافر الآن، وهل يمكن ان تدخل الى مثل هذه التسوية من دون ان تستفز الشارع، اذا لم تكن هناك مساعدات مالية تضخ في السوق ما لا يقل عن عشرة او 15 مليار دولار وهذا غير متوفر الآن؟ وهل يمكن عمل تسوية في حال لم يحرك “سيدر” أو صندوق النقد أو بظل ازمة كورونا وازمات العالم المالية والسياسية؟ ومن يمكن ان يعقد تسوية طالما الصراع الايراني – الاميركي مفتوح على كل الاحتمالات وصورته لن تتوضح قبل موعد الانتخابات الاميركية؟ لا يدخل التيار الحر في تسوية محلية من دون بوادر او سند اقليمي وخارجي”.

كل هذه الاسباب دفعت بمصادره المسؤولة الى القول: “ان هذه الحكومة هي افضل ما توفر وان السياسة هي التقاط اللحظة. لحظة هروب الحريري من السلطة بنيت على حسابات خاطئة، وبدل ان يواجه كي يثبت نفسه ويكون جزءاً من معادلات الحل فضل ان يهرب، اعتقاداً منه ان يتحاشى اطلاق النار ويجعل نيران الثورة تركز على باسيل. وهذا ما حصل بالفعل، ولكن باسيل الذي تعرض لاطلاق النار بكثافة لا يزال في الميدان ولما خفّ اطلاق النار كان في الميدان، بينما الحريري نجا نسبياً من اطلاق نار الثورة انما صار خارج الميدان وصار لديه منافسون، وحساباته صار فيها خوف كبير والسعودية لم توله من جديد وشقيقه ظهر الى الواجهة، وبقدر ما تنفي السعودية علاقتها به غير أن هذه العلاقة قائمة وموجودة وهو صار له موقع وتركيا دخلت بقوة ولديها اكثر من طرف تمده بالدعم ومن بينهم شقيقه”.

وتتابع المصادر قولها: “العودة الى السلطة لها حسابات شخصية وخاصة بالنسبة الى الحريري، فيما مسألة السلطة بالنسبة لنا لها حسابات سياسية وطنية، لذلك السجال الذي حصل على التويتر بينه وبين فرنجية هو استشعار من الأخير ان الحريري يعمل بأمر ما فقرر فضحه علناً تحت عنوان يا صديقي”.