IMLebanon

تواصُل بين بكركي والإليزيه… وواشنطن على الخط

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

باتت كرة ثلج الحياد التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تتدحرج، ليس في الداخل فقط، بل في عواصم القرار العالمي أيضاً، خصوصاً مع دعوته أمس أن يكون جميع اللبنانيين في موقف واحد للوصول الى قرار من مجلس الامن والأمم المتحدة، بأن يكون للبنان نظام حيادي.

في الداخل، لا تزال السياسة اللبنانية تدور حول هذا العنوان الجديد الذي أطلقه سيّد الصرح، في حين أنه يتفاعل داخل الأوساط الشعبية بشكل كبير، ولولا الخوف من “كورونا” لكان الزحف الجماهيري إلى الديمان بالآلاف، لكن البطريركية لا تزال تدعو المواطنين إلى الإلتزام بالإجراءات الوقائية لمحاصرة هذا المرض الفتّاك وتفادي التجمّعات الكبيرة.

ويبقى الأساس مراقبة عمل حكومة الرئيس حسان دياب ومعرفة ما إذا كانت ستعمل وفق إقتراح البطريرك للحلّ، أو أنها ستكمل مسار عملها وفق ما تفرضه الأجندات الخاصة، في حين أن الموقف الأهم ليس من الحكومة بل من “حزب الله” أولاً والعهد و”التيار الوطني الحرّ” ثانياً.

ومع أخذ طرح الحياد مداه في الساحة السياسية، فإن الأنظار ستتوجّه إلى الخارج وكيف سيتفاعل مع طروحات الراعي التي تُمثّل مطلب معظم اللبنانيين، الذين ضاقوا ذرعاً من غياب الدولة وسيطرة الدويلة وإنحياز لبنان إلى المحور الإيراني والإستمرار بسياسة تجويع الشعب، وعدم السماح بالولوج في حلول إقتصادية يُشكّل صندوق النقد الدولي أحد أبرز أبوابها.

وفي السياق، علمت “نداء الوطن” أن التواصل قائم بين البطريرك الراعي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد مواقف الراعي الأخيرة، والإليزيه بات على علم بكل تفاصيل طرح البطريرك، ويلعب السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه الذي التقى الراعي دوراً في تأمين هذا التواصل.

وترى فرنسا ان مواقف الراعي تشكّل أساساً للحلّ وهذا ما نادت به سابقاً، لكن الامر يحتاج إلى مزيد من الإنضاج الداخلي والتسويق الخارجي، حيث ستتولى باريس مع الفاتيكان تسويق طرح الحياد في المحافل الدولية، علماً أن فرنسا لا يناسبها أيضاً أن يكون لبنان مع محور ضدّ آخر لأنها تعتبر ان هذا البلد هو أهم حليف لها في الشرق الأوسط ولن تسمح لإيران عبر “حزب الله” بانتزاعه منها، وهي كانت قد إقترحت تأليف حكومة بلا “الحزب”.

ومن المرتقب أن يحصل لقاء بين البطريرك الراعي ووزير خارجية فرنسا جون إيف لودريان خلال زيارة الأخير لبيروت، ويحضّر البطريرك ملفاً لتسليمه إلى لودريان يشرح خلاله طرح الحياد وأهميته والأسباب الموجبة لذلك، حيث سيطلب الراعي مساعدة باريس في الوصول إلى تحقيقه لأنها كانت دائماً إلى جانب لبنان في أزماته ومحَنه.

وبما أنّ أجندة البطريركية المارونية تعجّ بالمواعيد بعدما أصبحت محور الحركة السياسية في البلاد، فإن اللقاء الأبرز هذا الأسبوع سيكون مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي تتابع عن كثب حركة بكركي ومواقف الراعي.

وفي السياق، فإن الأميركيين ليسوا بعيدين عن تلك الأجواء، لكن بكركي تطلب منهم تحقيق خطوات عملية، إذ تعتبر البطريركية أن لعبة الدول الكبرى سمحت لإيران وقبلها للنظام السوري بالهيمنة على لبنان، فنفوذ “حزب الله” وإيران لم يكبر لو لم يكن هناك غطاء أميركي بعد “اتفاق الطائف”، لذلك تحبّذ بكركي أن يشمل الحل الإقليمي كل المسائل العالقة لا أن يأتي هذا الحل على حساب لبنان.

وتريد بكركي أن يأتي هذا الحلّ على “البارد” لا بعد فوضى أو صدام داخلي، وبالتالي فإن كل حراك الراعي الأخير وطرحه مبدأ الحياد هو لتجنيب لبنان مزيداً من الخضّات التي لم يعد يحتملها.

ومن جهة أخرى، لا موعد نهائياً لزيارة البطريرك الراعي إلى واشنطن علماً أن الاميركيين مشغولون بمواجهة “كورونا” والتحضير للإنتخابات الرئاسية وسط إحتدام المعركة بين الجمهوريين بقيادة الرئيس دونالد ترامب والديموقراطيين بقيادة المرشح جو بايدن، من هنا يفتّش الراعي عن لحظة لنيل مبدأ الحياد بدعم دولي وعربي أوسع تأييد داخلي، لا أن يدخل الأميركيون بصفقة جديدة ينتج عنها تسليم لبنان إلى محور جديد يزيد الشعب فقراً وجوعاً وحرماناً.