IMLebanon

ساعات حاسمة تُقّرر مصير سدّ بسري… تأهّب للدِفاع عن المرج

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

دنت ساعة الصفر مع بدء العدّ العكسي لحسم مصير مرج بسري، بين الحِفاظ عليه باعتباره محمية طبيعية، وبين إقامة سدّ لتوفير المياه لمنطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان بتمويل من البنك الدولي، مع ما يُخلّفه ذلك من كارثة بيئية، لجهة قطع الأشجار وتدمير الآثار والإضرار بالمزروعات وتحريك فالق بسري الزلزالي، وعدم الأخذ بالرفض السياسي والشعبي، وبآراء خُبراء في علم الجيولوجيا.

الهدوء الحذر يُخيّم على مشهد المرج، عشيّة إنتهاء المهلة الاخيرة اليوم الأربعاء، لكنّه يُخفي هواجس قلق وخوف عشرات الناشطين البيئيين ومن الحراك الإحتجاجي ومؤسسات المجتمع المدني والاهلي، الذين يرابطون في المكان منذ أيام في اعتصام مفتوح، من مفأجاة غير متوقّعة في اللحظات الأخيرة، مع الأحاديث عن عزم المُتعهّد داني خوري على استقدام معدّاته وآلياته مُجدّداً لبدء التنفيذ.. خِشية تحويل الدعم المالي الى مشروع آخر.

مواكبة “نداء الوطن”

حركة الإحتجاج واكبتها “نداء الوطن”، فزارت مرج بسري، ورصدت المشهد الميداني في يومه الأخير الذي ميّزه حبس أنفاس. لا شيء يشي بقُرب قِيام المُتعهّد باستقدام معدّاته، فلا حركة غير طبيعية في المنطقة. عند وصولك الى مفرق مدخل المرج، تُطالعك لافتة كبيرة كُتب عليها “لن يكون سدّ في بسري” ذُيّلت بـ”أهل الأرض”. على طول الطريق الوعرة، تلفتك الأشجار الباسقة، وصولاً الى المدخل، تتواجد على طرفه قوّة من الجيش اللبناني وأخرى من قوى الأمن الداخلي، وحاجز حديدي للشركة لمنع الدخول. تصطفّ عشرات السيارات قبله، يضطرّ المحتجّون للسير على الأقدام. على مسافة دقائق تجد نفسك داخل المرج، تفوح رائحة النار، يرتفع الدخان الأبيض، يُعانق العلم اللبناني، تنتشر الخِيم على الأطراف، يتوزّع الشباب والشابات المتطوّعون على حلقات، يفترشون الأرض ويجلسون على بعض الكراسي، يُقدّمون الطعام حيناً والقهوة، والشاي أحياناً.

على مدار الوقت، يتوالى وصول مجموعات من الناشطين، من مختلف المناطق والطوائف، للمشاركة في الإعتصام المفتوح وترقّب ساعات الحسم، تشدّ أزر المُحتجّين، ترفع معنوياتهم وحماستهم، على وقع هتافات مُتقطّعة “أحرار سنُكمل المِشوار”.. سنُفشّل المشروع بعد اعتقاد أنّ صفحته طُويت مع ثورة 17 تشرين الأول 2019.

ناشطون وآراء

تصل الناشطة نوال المعوشي هذه المرّة برِفقة عائلتها، تضع كمّامة احترازية لمنع تفشي وباء “كورونا”، ترفع العلم اللبناني على كتفها، تُكرّر موقفها بأنّ “قرار الناشطين البقاء ومنع إنشاء السدّ”، مُعتبرة “أنّ الدفاع عن المرج واجب لأنّه يُشكّل قيمة بيئية كبيرة وواحة طبيعية يجب الحفاظ عليها، لا التخلّص منها”، مُشيرة الى أنّ هؤلاء المتطوّعين تركوا كلّ شيء وتفرّغوا لهذه القضية”.

ويقول الناشط في الحِراك سامر الخوري لـ”نداء الوطن”: “بُحّ صوتنا ونحن نُطالب بإلغاء المشروع منذ سنتين، ونعتبر حِراكنا الإحتجاجي استكمالاً للثورة والإعتراض على النظام الفاسد، وعلى تنفيذ المشاريع ذات الصفقات”، مُضيفاً: “لقد ولّى عهد إنشاء السدود، والدول المُتقدّمة باتت تهدمها وتتخلّص منها، لأنّها أثبتت فشلها، وغالباً ما تكون مياهها مُلوّثة ومُسرطنة، ناهيك عن عدم جدواها في تأمين مياه الشفة أو الإستعمال المنزلي أو حتّى لريّ الزراعة”، مؤكّداً “أنّ رسالتنا اليوم واضحة، نحن سدّ في وجه السدّ، ولن نقبل بإنشائه، وسنبقى على يقظة من أي مفاجأة تقلب الميزان لصالحهم”.

وتُوافق الناشطة ميرنا مكارم رأي الخوري، وتؤكّد لـ”نداء الوطن” أنّ الأرض لا تتحمّل أعباء بناء سدّ وإسمنت وخراب البيئة وقطع الأشجار، وتقول: “لن نسمح لهم بتنفيذ المشروع، وسنبقى مُرابطين هنا، حتى نحافظ على هذا المرج والأرض، أصحابها يرفضونه، فلماذا الإصرار وهناك حلول كثيرة بديلة؟

دراسة وتأييد

في مُلّخص دراسة للدكتور طوني نمر حول مشروع سدّ بسري يقول “إنّ البحيرة المُزمع تجميعها خلف سدّ بسري ستغطّي فالق بسري، مع وجود إمكانية هائلة لحركة الفالق تحت مِحور السدّ، وتمييع الأرض حول أسسه وحدوث إنزلاقات وانخسافات بالقرب من موقعه، وحدوث الزلازل الناجمة عن الخزّان بسبب تغيرات الضغوطات في جوف الأرض”.

ويؤكّد روبيرتو التنّوري من كسروان “أننا نرفض إنشاء السدّ لأنّه يقوم على فالق بسري، وما يعني من قنبلة موقوتة لا نعرف متى تنفجر زلزالاً في وجه الناس، ولأنّه يُدمّر البيئة وما تبقّى من طبيعة خضراء في لبنان. لذلك سنكون السدّ البشري في وجه السدّ الإسمنتي، وهذا مشروع مشؤوم لن يمرّ”.

ويقول علي نور الدين من حاصبيا – مرجعيون: “إنّ معركتنا في الدفاع عن مرج بسري لا تقلّ أهمية عن معركتنا في ساحة الشهداء التي نزلنا اليها ضدّ الفساد والصفقات، المعركة واحدة من أجل إصلاح البلد، ونقول بصوت عال لا ثقة لنا بإنشاء السدّ، لأنّنا على قناعة بأنّ الهدف منه جني المال على حساب الشعب المعتّر”.

مُشاركة وتصميم

ويقول الناشط سايد فاضل من تنّورين الفوقا: “إنّ كلّ اللقاءات وندوات الحوار أكّدت أنّ المرج لا يصلح لأنّه وِحدة انهدام غير صالحة لبناء سدّ”، مُستشهداً بتقرير البعثة الفرنسية قبل سبعين عاماً التي وصلت الى هذه الخلاصة ولا يجوز مُخالفتها اليوم”، مُضيفاً “الشعب اللبناني بات واعياً وليس لديه ثقة بمشاريع الدولة لأنّها توصل الى ما بعد الإفلاس على قاعدة فساد بفساد”، قائلاً: “لقد صار المشروع الفاشل فِتنة، ويجب التراجع عنه فوراً”.