IMLebanon

مجزرة بيئية وصحّية “تفتك” بأهالي حوش الرافقة البقاعية

كتب عيسى يحيى في صحيفة “نداء الوطن”:

فيما يواجه الناس المرحلة الثانية من فيروس “كورونا” في ظلّ سرعة إنتشاره وتزايد أعداد المُصابين، يواجه أهالي بلدة حوش الرافقة البقاعية، الواقعة غرب مدينة بعلبك، خطراً صحّياً وبيئياً من نوع آخر، ينعكس على سلامتهم، ويفتِك بهم.

شكلّ مجرى نهر الليطاني طوال المرحلة الماضية ولا يزال، مصدراً أساسياً للأمراض التي انتشرت بين أبناء القرى والبلدات الواقعة على ضفّتي مجرى النهر، وتصدّرت بلدة حوش الرافقة اللائحة، في تسجيل أعلى نسبة إصابات بالسرطان، بلغت سبعين حالة، سُجّلت منها ثماني وثلاثين حالة وفاة، وآخرها كان لفتاة في الثانية والعشرين من العمر. يرفع أهالي البلدة والقرى المُلاصقة الصوت مُجدّداً، بعدما بُحّت حناجرهم لرفع الأذى عن مجرى النهر، ولكنّ الصوت هذه المرّة بوجه مجزرة بيئية يرتكبها أحد تجّار المواشي في بلدة بدنايل، بعدما استفاض في نشر روث الأبقار في أراض يملكها وتلك المجاورة لبلدة حوش الرافقة، ما يتسبّب بأذى صحي، لا يُمكن لأي شخص تحمّله، نتيجة الروائح الكريهة التي تنتشر.

منذ أكثر من عشرين يوماً، والروائح الكريهة تُغطّي بلدة حوش الرافقة، والأهالي لا يتمكّنون من الجلوس أمام منازلهم طوال النهار، يُقفلون الأبواب عليهم وعلى أولادهم، ويضعون الكمّامات إن خرجوا لدقائق، فروائح روث الأبقار التي يضعها أحمد توفيق سليمان فوق الأرض والتلال المتراكمة، تكاد لا تُصدّق.

يملك سليمان عدداً من مزارع الأبقار، منتشرةً بين حوش الرافقة وبيت شاما وسرعين، إضافةً إلى مسلخ في بلدة بدنايل، وهو يعمل في استيراد المواشي من الخارج، إضافة إلى عمله في مجال الزراعة علماً انه يملك عدداً من الأراضي في سهل بدنايل مُلاصقة لسهل حوش الرافقة، حيث يجمع روث البقر من مزارعه لوضعه في حفرة كبيرة جداً، يتجاوز طولها المئة وخمسين متراً وعرضها 20 متراً ويبلغ عمقها ستة أمتار على أطراف بلدة حوش الرافقة، ثم يقوم بتجفيفه وتجميعه بالقرب من الحفرة كوماً، بواسطة آليات تعمل ليل نهار، وبمدّه على أرضه، ما يتسبّب ببعث روائح لا تطاق على مدار اليوم. وقد فعل الأمر نفسه السنة الماضية، من دون أي رادع.

منذ سنة، قدّم أهالي بلدة حوش الرافقة عريضة الى البلدية وقّعها عشرات الأشخاص، إحتجاجاً على عمل سليمان والتلوّث البيئي والصحّي الناتج عنه، فأحالت البلدية الشكوى إلى محافظ بعلبك الهرمل الذي أحالها بدوره إلى رئيس قسم الصحّة في المحافظة للكشف على مكان العمل. بدوره، كشف طبيب القضاء المختصّ على مزرعة عائدة لسليمان في بلدة بيت شاما من دون المرور على المكان موضوع الشكوى.

قبل يومين، قطع أهالي البلدة الطريق على الآليات التي يستعملها سليمان، وتجمّع العشرات منهم لتوقيفه عن العمل. وبعد تدخّلات، تعهّد بإنهاء العمل وإزالة الأذى وروث الأبقار خلال أيام.

محمد يزبك، أمين صندوق بلدية حوش الرافقة أوضح لـ”نداء الوطن” أنّ البلدية قدّمت كتاباً إلى المحافظ حول ما يقوم به أحمد توفيق سليمان، كذلك تمّ توقيع عريضة، والأهالي لا يقبلون بما يقوم به، فالروائح الصادرة تصل إلى آخر البلدة وهو يعمل في أوّلها، ولا يكفي الناس “كورونا” وغيرها وأمراض نهر الليطاني حتى أتى عمل سليمان، ونُطالب المعنيين بالتحرّك”.

ذو الفقار عبد الحسين، الذي يبعد منزله مئة وخمسين متراً عمّا يقوم به سليمان، أكّد لـ”نداء الوطن” أنّ “الأهالي محرومون من الجلوس أمام منازلهم منذ أكثر من عشرين يوماً، فالروائح تملأ البلدة، هناك تلال من روث الأبقار، والوضع لا يمكن أن نتحمّله بعد، فلا نستطيع أن نجلس أمام منازلنا وأولادنا وعائلاتنا مُهدّدة بالأمراض نتيجة تلك الروائح، فهو أقام حفرة كبيرة جداً لتخمير روث الأبقار، ثم يقوم بنقلها ومدّها على الأرض وتكويمها تِلالاً”.

من جهته، أشار عباس أحمد سليمان الى أنّه يقوم بما بدأه منذ 15 آب الماضي، وأنّه في صدد إنشاء معمل تخزين الروث ومعالجته، والحفرة التي يعمل فيها الآن هي أساس البناء المنوي إنشاؤه وهو مُرخّص من التنظيم المدني، “غير أنّه بسبب الظروف المُناخية أوقفت العمل في بناء المعمل وخلال فصل الشتاء كان يتمّ تجميع روث الأبقار فيها طوال الفترة الماضية، وأقوم اليوم بنقله ومدّه على الأرض لإستكمال البناء والمشروع وليس لضرر الناس”.

مهما كانت التبريرات غير أنّ صحّة الناس أهمّ من أي شيء آخر، والمطلوب تحرّك وزير الصحّة ومحافظ بعلبك الهرمل لوقف هذه الجريمة بحقّ الأهالي.