IMLebanon

لودريان للمسؤولين: تأخرتم كثيراً بالإصلاحات

كتب عمر البردان في “الجمهورية”:

لم يكشف سراً وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان عندما وصف الوضع في لبنان بأنه «صعب ومقلق»، بعد لقائه نظيره اللبناني ناصيف حتي في وزارة الخارجية، أمس. إذ لم تتوقف بلاده منذ أشهر طويلة عن التحذير من خطورة ما يحصل في لبنان، بعد التراجع المخيف في الأرقام الاقتصادية والمالية، في وقت لم يتعامل المسؤولون اللبنانيون بالجدية المطلوبة مع سبل وقف التدهور الذي شهده البلد منذ مطلع العام الفائت، بالرغم من كل التحذيرات التي أطلقتها فرنسا والعديد من الدول والمؤسسات الاقتصادية والمالية. فكان من الطبيعي أن يغرق لبنان أكثر فأكثر في المجهول، وتتزايد المخاطر التي تحدق به في أكثر من اتجاه. وبالتالي فإنه من الطبيعي والحال هذه ألا يحمل معه رئيس الدبلوماسية الفرنسية أي مبادرة للإنقاذ، بالرغم من ظروف لبنان الحرجة، والتي تتطلب مساعدات استثنائية لإخراجه من النفق.

في معظم اللقاءات التي عقدها الوزير لودريان مع المسؤولين، لم يكن مقتنعاً بالأجوبة التي حصل عليه، كما علمت «اللواء»، عن السؤال المركزي الذي طرحه على القيادات التي التقاها، والمتعلق بالأسباب التي منعت لبنان من الالتزام بما وعد به للدول المانحة بشأن الإصلاحات التي كان يفترض بلبنان القيام بها، للحصول على المساعدات التي خصصت له في مؤتمر «سيدر». وإذا كان لكل مسؤول من الذين اجتمع معهم الضيف الفرنسي، تبريره لهذا السؤال، والتذرع بأسباب لم يكن بالإمكان تجاوزها، إلا أن كل هذه التبريرات ما وجدت صداها عند الرجل الذي قال لكبار المسؤولين، ان لبنان أضاع فرصة ذهبية للإنقاذ سنحت له منذ انعقاد مؤتمر «سيدر»، وبالتالي فإن الطريق أمامه طويل لتنفيذ هذه الإصلاحات التي تأخرت كثيراً، وباتت هناك صعوبات لا يستهان بها أمام تحقيقها النتائج المرجوة منها لمصلحة لبنان واقتصاده.

وأمام هذا الواقع، كان من الطبيعي ألا يحمل الوزير الفرنسي معه أي مبادرة تتعلق بتقديم مساعدات للبنان، لإخراجه من هذا المأزق الذي يجثم على صدور اللبنانيين منذ وقت طويل، دون ظهور مؤشرات توحي بإمكانية حصول تطورات إيجابية على صعيد المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي حتى الآن، من شأنها التوقع بحصول لبنان على ما يطالب به من مساعدات. وقد كان الوزير لودريان واضحاً بالتأكيد على أن المساعدات التي قد يحصل عليها لبنان، ستكون عبر بوابة صندوق النقد الدولي، وهذا الأمر لن يحصل، في حال لم يفِ لبنان بتعهداته ويباشر بالسير في الإصلاحات التي بات لزاماً على الحكومة اللبنانية أن تبدأ بها في أقرب وقت، لإعادة الثقة الدولية والعمل من أجل إنقاذ لبنان الذي يواجه صعوبات بالغة على هذا الصعيد.

وإذا كان المسؤولون اللبنانيون قد أبلغوا الوزير الفرنسي عزم الحكومة على استكمال الورشة الإصلاحية التي بدأتها، إلا أنهم في الوقت نفسه طالبوا بلاده، بالعمل على توفير الأجواء التي تساعد صندوق النقد وغيره من المؤسسات المالية، على تأمين مقومات صمود لبنان في مواجهة التحديات التي تحاصره، بالنظر إلى دور باريس المؤثر على الصعيد الأوروبي والدولي، وما تربطها من علاقات مميزة مع الدول المانحة، في موازاة تأكيد المسؤولين على المضي في محاربة الفساد، وهو ما ركز عليه الوزير لودريان الذي اعتبر أن القضاء على هذه الآفة، أو بالحد الأدنى التخفيف منها قدر المستطاع، استحقاق أساسي في مشوار الحكومة اللبنانية الإصلاحي. وهذا ما يجب أن يشكل أولوية مطلقة على ما عداه. كذلك دعا المسؤولين إلى الاستماع لمطالب المحتجين على سوء الأوضاع الاقتصادية، لأن تجاهل مطالبهم سيعقد الأزمة ويفاقم حدتها بشكل كبير.

وأشارت المعلومات، إلى أنه وفي موازاة الشق الاقتصادي الذي أخذ حيزاً من لقاءات من لقاءات وزير الخارجية الفرنسية، فإنه أكد على متانة العلاقات الفرانكوفونية بين فرنسا ولبنان الذي يشكل مرتكزاً أساسياً في الشرق الأوسط على هذا الصعيد، وأن بلده لن تألو جهداً لإبقاء هذه العلاقات متميزة على مختلف الأصعدة، باعتبار أن لبنان يمثل البوابة الأساسية للفرانكوفونية في المنطقة، ما يحتم ضرورة المحافظة على أواصر الصداقة معه على مختلف الأصعدة.