IMLebanon

البريطانيون يصونون الحياد على الحدود…

 كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة، ويدخل لبنان، بعد مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الداعية إلى الحياد، في صفّ الدول الباحثة عن حلول وسط الحديث عن إقتراب التسوية الإقليمية.

لا فرق في الجوهر بين كلام البطريرك الراعي عن الحياد وحديث رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي من قلب العاصمة الإيرانية طهران عن عدم تدخّل الدول بشؤون العراق الداخلية، وبالتالي يثبت مرّة جديدة إرتباط العراق ولبنان بمنطق الحل والتأزّم، فإذا فُرجت هناك يأتي الفرج هنا، وإذا انفجرت هنا تنفجر هناك.

وفي السياق، تترافق زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أيضاً مع تحرك إفتراضي لوزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني جايمس كليفرلي، حيث يؤكّد مطّلعون على التحرّك البريطاني أن لندن تعمل من ضمن منظومة كاملة متكاملة، فهي تنسّق مع الفرنسيين في ملفات المنطقة ضمن السياسة الأوروبية الكبرى، وتتحالف مع الأميركيين في الشرق الأوسط والعالم.

وما يميّز الدبلوماسية البريطانية أنها تعمل “عالسكت” ومن دون ضجيج إعلامي أو صخب، ومعروف أن العقل البريطاني لا يزال يرسم السياسات العالمية في وقت أن غيره ينفّذ، وقد دخلت لندن على خط السياسة اللبنانية منذ مدّة عبر برنامج تسليح الجيش اللبناني مع الأميركيين. في السياق، وفي غمرة مطالبة بكركي بتأمين حياد لبنان، عمل البريطانيون على ذاك الحياد على أرض الواقع، فأول موجبات الحياد الفعلي صون حدود لبنان وضبطها ومنع التهريب وعزلها عن إرتدادات النار الإقليمية.

ومنذ صيف 2014، فإن مشروع ضبط الحدود على طول السلسلة الشرقية وصولاً إلى الحدود الشمالية يتمّ برعاية بريطانية، حيث تؤكّد مصادر أمنية أن هذا المشروع مستمر وإن كان يحتاج إلى وقت طويل لأنه من الصعب السيطرة على حدود شاسعة بعتاد وعديد قليلَين نسبياً.

وكانت بريطانيا جهّزت ودرّبت وسلّحت أفواج الحدود البرية منذ معركة عرسال الاولى في 2 آب 2014، وهذا التسليح كان نوعياً وتمّ عبر تدريب الأفواج ومدّها بتقنية مراقبة متطورة وبناء أبراج مراقبة حديثة، وباتت أفواج الحدود منتشرة على طول الحدود من شبعا وصولاً إلى القاع، لكنها تحتاج إلى تدعيم كي تقوم بعملها بشكل أفعل.

وتؤكّد مصادر أمنية أن التعاون بين الجيشين البريطاني واللبناني مستمرّ، وأن لندن تُعتبر المسلّح الثاني للجيش اللبناني بعد الولايات المتحدة الاميركية، وهذا التعاون سترتفع وتيرته في المرحلة المقبلة لأن هناك قراراً واضحاً بدعم الجيش بعدما أثبت نجاحه في المهمات التي يقوم بها، وخصوصاً مكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم “داعش” وأخواته والإنتصار عليه.

ولا يحمل الوزير البريطاني أي مبادرة، مثله مثل الفرنسي، لكنه في المقابل يركّز على ضرورة تنفيذ الإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد والقيام بخطوات ضرورية لوقف النزيف الإقتصادي، وإلا فإن لبنان سيواجه مصيراً مجهولاً لأن أبواب الحلّ باتت معروفة وأولها الإصلاح ومن ثمّ الإستعانة بصندوق النقد الدولي.

لكن في المقابل، إن الموقف البريطاني في ما خصّ هيمنة إيران على لبنان وسلاح “حزب الله” معروف، ولندن لا تساير في هذا الموضوع مثل فرنسا إذ إن موقفها من “حزب الله” مماثل للموقف الأميركي، حيث تعتبره منظمة إرهابية ولا تفصل بين جناحيه السياسي والعسكري.

ومن هذا المنطلق، يُشدّد البريطانيون على ضرورة أن يتحرّر لبنان من قبضة “حزب الله” وأن تعود الحياة السياسية إلى طبيعتها، في حين أن الملف اللبناني بات بأكمله في يد الأميركيين، وبالتالي فإن باريس أو لندن أو الدول الخليجية لن تقوم بخطوة أحادية الجانب من دون التنسيق مع واشنطن، وبالتالي فإن المساعدات العسكرية البريطانية مستمرة والدعم الإنساني سيبقى، لكن أي مساعدة كبرى لن يحصل عليها لبنان من دون إصلاحات وحلّ سياسي جذري.