IMLebanon

“سابقة” الوزاني… هل تندلع “المواجهة” مع “اليونيفيل”؟

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

سابقة شهدتها منطقة الوزاني بالأمس على إثر اعتراض عناصر من القوة الاسبانية المشاركة في عداد “اليونيفيل” مسار راعيين كانا على طريق فرعية في منطقة تسمى “إبل القمح” – خراج بلدة الوزاني واطلقوا النار في الهواء لترهيبهما. وأعربت بلدية الوزاني عن “اشد الإستنكار لما تعرض له مواطنون من ابنائها يعملون في مجال رعي المواشي من اعتداء وقطع طريق واطلاق نار من قبل قوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب الليطاني (الكتيبة الاسبانية)”. وطالبت “الجهات المختصة بمتابعة الموضوع وتحميل المسؤوليات وعدم تكرار الأمر مجدداً”.

وفي المعلومات ان هذه القوة اعترضت راعيين واجبرتهما على الابتعاد عن طريق فرعية مخصصة للمشاة يستعملها الرعاة عادة. لتسجل بذلك اول خرق لقواعد الاشتباك المنصوص عليها في القرار الدولي 1701 الصادر العام 2006، ما يطرح علامات إستفهام كثيرة وخطيرة حول ما اذا كانت هذه القوات تتجه الى تغيير في التعاطي مع مهامها؟ وجاءت الحادثة في وقت يعيش الجنوب على فوهة بركان وتوتر نتيجة الترقب الاسرائيلي لرد “حزب الله” على مقتل احد عناصره في سوريا، بينما الطيران الحربي المعادي لم يغب عن سماء لبنان ليُعلن مساءً عن سقوط طائرة درون فوق الأجواء اللبنانية. كل هذا يحصل فيما يلاحظ مراقبون أن عناصر “اليونيفيل” بدأوا منذ فترة يمارسون على الارض سلوكاً يتجاوز قواعد عملهم بصلاحيات غير منصوص عليها في القرار 1701، وواحدة من هذه المسائل الدخول الى المنازل والحقول من دون العودة الى القوى الأمنية اللبنانية.

وخلال زيارته الى لبنان حاول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إستطلاع الموقف اللبناني من الطرح الاميركي بتعديل صلاحيات “اليونيفيل” وتوسيع رقعة انتشارها، من دون ان يحمل اجوبة معينة حول مستقبل عمل هذه القوات في لبنان والوجهة الاميركية حيالها. وعلم ان رسالة تلقاها “حزب الله” تتحدث عن التوجة الاميركي المصر على تغيير مهام “اليونيفيل”، فكان جواب امينه العام السيد حسن نصرالله يدور في فلك الموقف الذي سبق واطلقه أخيراً، من ان “حزب الله” لا يهتم سواء بقيت القوات الدولية او رحلت ولكن برسالة شديدة اللهجة هذه المرة.

وبالعودة الى حادثة الوزاني فقد سجل المراقبون ملاحظتين حول ما حصل وبناء على شريط فيديو موثق حول الحادثة:

الأولى: لا يحق لعناصر “اليونيفيل” اقامة حواجز على الطرقات، خصوصاً ان مقاطع الفيديو تظهر وجود ما لا يقل عن اربع ملالات وعناصر كانت تقيم حاجزاً على الطريق في منطقة تسمى ابل قمح، ومثل هذا الامر يستوجب ابلاغ الجيش اللبناني ومشاركته والا عُدّ اختراقاً لصلاحيات “اليونيفيل” المنصوص عليها في القرار 1701.

الثانية: لا يحق لعناصر “اليونيفيل” استخدام السلاح الا في حالة الدفاع عن النفس او في مواجهة خطر شديد يتهدد حياة افرادها. ووفق ما ظهر في شريط الفيديو فإن العناصر هي من بادرت الى اطلاق النار وليس معلوماً اذا ما قامت بالإتصال بالجيش وإبلاغه بذلك.

يحصل كل هذا على مسافة اسبوعين من جلسة مجلس الامن للتجديد لعمل قوات “اليونيفيل” مع ارتفاع وتيرة الضغط الاميركي لتعديل مهامها بما يتجاوز المتفق عليه خلال مفاوضات العام 2006، ولا سيما مع زيارة رئيس هيئة أركان الجيوش الاميركية الى اسرائيل والحشود المتزايدة للبحرية الاميركية في المتوسط، ما يعني ان الاميركي يريد اليوم تحصيل ما عصي على تحصيله خلال تلك المفاوضات ولكن من بوابة الضغط الاقتصادي. وتبلغ ميزانية “اليونيفيل” السنوية 486 مليون دولار تغطي الادارة الاميركية بحدود 27 بالمئة منها اي ما يقارب 150 مليون دولار تقريباً.

كل ما نشهده اليوم يضعه معنيون بتفاصيل عمل قوات الطوارئ الدولية في اطار المناورة بالنظر الى استقرار الاوضاع الراهنة على الحدود، بشكل مختلف عما كان عليه الوضع منذ العام 2000 ولغاية 2006، لناحية انحسار عمل “حزب الله” وتواجده المعلن على الحدود ما يعني ان التهديد بسحب “اليونيفيل” او اجراء اي تعديل على مهامها بشكل يتعارض مع مصالح لبنان، سيلحق الضرر الاكبر بإسرائيل وليس “حزب الله” الذي لا يهتم لوجود القوات من عدمه.

أما المتضرر الثاني من كل ما يجري فهم الفرنسيون الذين لديهم العديد الاكبر المشارك في “اليونيفيل” ما يعرضهم لخطر المواجهة المباشرة.

يمكن القول إن ما حصل في الوزاني كسر قواعد الاشتباك على ارض الواقع، ومثل هذه الحادثة تعيد الى الاذهان تجارب حصلت وكانت نتائجها سلبية على مستوى التعاطي بين “اليونيفيل” والاهالي. ففي العام 2009 إقترح احد قادة “اليونيفيل” اجراء مناورة تحاكي عملية اطلاق “حزب الله” صواريخه باتجاه اسرائيل، فجاء من ينصحه بالتنسيق مع الجيش والوقوف على رأيه فكان جواب الاخير ان اسرائيل عادة هي من يبادر الى الاعتداء وبالتالي يجب ان تحاكي المناورة اي عدوان اسرائيلي محتمل على لبنان. رأي لم يأخذه المقترح في الإعتبار فكان ان أوقفت المناورة بعد ساعة من انطلاقها بفعل غضب الاهالي. وفي العام 2008 حاولت القوات الاسبانية الدخول الى منازل الاهالي وحصلت مواجهة بين الطرفين، وبعدها بأيام حصلت عملية في سهل الخيام اودت بحياة عدد من عناصر القوات.

كل المعطيات تفيد بإمكانية اندلاع مواجهة، احتمالاتها واسعة، تتعلق بعمل قوات الطوارئ والاصرار الاميركي على تعزيز صلاحياتها، ما ينذر بجولات متنقلة من المواجهة مع الاهالي في مناطق تواجدها خصوصاً اذا صار التعاطي معها على انها قوات أمر واقع أو قوات إحتلال، هدفها حماية اسرائيل قبل أية مهمة أخرى.