IMLebanon

عباس ابراهيم إلى بكركي تمهيداً لزيارة “الحزب”

ماذا جرى على الحدود الجنوبية أمس؟ “حزب الله” انتقم لم ينتقم؟ والدة علي كامل محسن الذي قضى في سوريا وزعت الحلوى على طرقات صور احتفالاً بانتقام الحزب لابنها، الشيخ صادق النابلسي أحد أقرب المقربين من “حزب الله” أكد أنّ ما حصل هو “ردّ أوّلي” من الحزب على استهداف محسن، وكالات عالمية تناقلت نبأ إطلاق صاروخ “كورنيت” من الأراضي اللبنانية على مدرعة إسرائيلية، قنوات تلفزيونية بثّت وقائع المعركة مباشرةً على الهواء، تحليلات وتأويلات ومقابلات ملأت الفضاء الإعلامي وتناولت طبيعة العملية التي نفذها “حزب الله” وتعمقت في دلالات إقدام مجموعة من الحزب على محاولة تسلّل وراء الحدود والاشتباك وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية، الكل كان مترقباً بانتظار “الكلمة الفصل” في بيان “حزب الله”… فجاء البيان ليؤكد “الفصل” بين ما جرى وبين الحزب باعتباره لم يكن طرفاً في أي معركة حدودية أمس مع إسرائيل، وكل ما حصل كان مجرد هلوسات إسرائيلية، لتصبح خلاصة ما شهده اللبنانيون عبر الأثير مجرد أحداث وهمية لمعركة “لقيطة” مجهولة الحسب والنسب، بينما دولتهم بطبيعة الحال، كانت كما على الدوام، “آخر من يعلم” ملتزمة ضفة “الحياد” في كل ما يتصل بشؤون “حزب الله” وتوجهاته العسكرية والأمنية!

فبمعزل عن “نكتة” تعليق رئيس الحكومة حسان دياب كل اجتماعاته أمس لمتابعة وضع المعركة الحدودية، لم يُعثر للدولة اللبنانية على أي أثر بين غبار الأحداث الميدانية الملتهبة، ولعل ما زاد أركانها إرباكاً على ارتباك كان ذلك “الغموض الموصوف” الذي حرص “حزب الله” على تعميمه وتسربت أجواؤه إلى المقرات الرئاسية والرسمية اللبنانية التزاماً بهذا التعميم ريثما يصار إلى إيجاد الصيغة الملائمة لتوصيف ما حصل في مقررات مجلس الدفاع الأعلى الذي سيلتئم اليوم ولن يخرج على الأغلب الأعمّ عن روحية بيان “حزب الله” لناحية التنديد بالعدوان الإسرائيلي والأضرار التي نتجت عنه في ممتلكات المواطنين والتأكيد على حق الدفاع المشروع عن النفس بكل الوسائل المتاحة… قبل انتقال المجلس لبحث توصيات “كورونا” وجدولة الإقفال “بالتقسيط” في بعض القطاعات، ليتولى تالياً إصدارها مجلس الوزراء على شكل قرارات مقرونة بسلسلة من التدابير والإجراءات ذات الصلة برفع مستوى التزام المواطنين بالكمامات وتعليمات التباعد الاجتماعي.

أما ما حصل وما سيحصل على الحدود الجنوبية، فهذا شأن سيقرره “حزب الله” الذي فضّل الإبقاء راهناً على حالة الرعب التي تتملك “العدو الخائف والقلق والمتوتر”، بانتظار “العقاب”، مع تشديده على أنّ “رد الحزب على استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن في محيط مطار دمشق الدولي آت حتماً (…) وإنّ غداً لناظره قريب”، في وقت خرج رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو من مقر وزارة الدفاع ليعيد التأكيد جازماً بأنّ “خلية تابعة لحزب الله تسللت إلى داخل الأراضي الإسرائيلية والجيش الاسرائيلي أحبط هذه المحاولة”، واصفاً الأمر بأنه “بالغ الخطورة” ومحذراً من أنّ “أمين عام الحزب يورّط الدولة اللبنانية بسبب إيران” انطلاقاً من تهديده بأنها تتحمل كما “حزب الله” المسؤولية عما جرى، وختم قائلاً: “حزب الله يعلم أنه يلعب بالنار وسنرد على أي هجوم يُشن علينا بقوة كبيرة”… وبانتظار “الانتقام والرد” الموعودين، سيبقى الوضع على أهبة الاستعداد والترقب إلى حين يرى “حزب الله” اللحظة المؤاتية لتوجيه ضربته من لبنان رداً على مقتل أحد مسؤوليه العسكريين في سوريا، في وقت بدا السفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا الذي تتمسك بلاده بالحياد والنأي بأراضيها عن أي رد محتمل على الاستهداف الإسرائيلي المباشر لقواعدها في سوريا، حريصاً على توّعد الإسرائيليين من بيروت بأنهم “إذا أقدموا على أي حماقة فستكون ضربة أقوى بانتظارهم” من لبنان على يد “حزب الله”، الأمر الذي أعطى أبعاداً إقليمية لأحداث الجنوب، حسبما لاحظ محللون عسكريون، ربطاً بتزامن تصريح فيروزنيا مع هذه الأحداث، ما قد يرتقي إلى مستوى توجيه رسالة إيرانية لإسرائيل مفادها أنّ ردّ “حزب الله” من لبنان هو رد مزدوج، بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن الاستهدافات التي تطال المواقع الإيرانية في سوريا.

وفي الغضون، لا تزال دعوة الحياد اللبناني الإيجابي عن الأجندات الإقليمية التي أطلقها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تتردّد أصداؤها تأييداً لدى الزوار الداعمين للصرح البطريركي، وتنديداً لدى قوى 8 آذار من منطلق وصم “الحياد” بشبهة الانحياز لإسرائيل والأجندات المعادية لـ”حزب الله”، في حين لا يزال الحزب يعتصم بقرار الصمت وعدم التعليق المباشر على طرح الراعي مفضلاً اعتماد قنوات خلفية غير علنية في مقاربة الموضوع.

وفي هذا الإطار، أفادت معلومات موثوق بها “نداء الوطن” أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم سيقوم خلال اليومين المقبلين بزيارة إلى بكركي من شأنها أن تعبّد الطريق أمام زيارة يقوم بها وفد قيادي من “حزب الله” للقاء البطريرك الماروني، وسط تأكيد مصادر مطلعة على أجواء الحزب لـ”نداء الوطن” أنه حريص على إعادة تفعيل التواصل مع بكركي، وأنه يرحب بالتصريحات الأخيرة للراعي ويرى فيها “منطلقاً أكثر واقعية” للحوار حول مختلف الطروحات.