IMLebanon

حكومة دياب… لائحة الإخفاقات والمعارك الخاسرة تطول!

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

“البلد يواجه تحديات إستثنائية (…) اللي عم يصير ما بدو توافق سياسي بدو قرار أمني وحازم” عبارات دونها رئيس الحكومة عبر “تويتر” قبل ان يضطر الى حذفها بفعل وابل الانتقادات التي انهالت عليه. لكن الرد الاقسى والاكثر تعبيراً ورد على لسان وزير أساسي داخل البيت الحكومي يذكّره: “نحن الحكومة والقرار عندنا… فلماذا لا يتم التنفيذ بشكل سريع؟”. يقول قائل ان تغريدة دياب وردت في سياق كلامه امام مجلس الوزراء لكن اختصارها أساء لفكرة الرئيس. توضيح جديد يضاف الى سجل التوضيحات. لم يدع رئيس الحكومة للمتعاطفين معه منذ لحظة توليه مسؤولياته مجالاً لتبرير سقطاته. حتى أقرب المقربين اليه والاصدقاء يلقون الملامة عليه للتخبط الذي يدور في فلكه.

كان يعترف امام زواره منذ بداية عمله انه غير ملم بالإقتصاد ولذا فهو يستعين بالمستشارين. إستقال المستشارون الذين استعان بهم، من أحمد الجشي الذي قاد معركة عدم تسديد سندات اليوروبوندز الى هنري شاوول وثالثهما المدير العام لوزارة المالية الان بيفاني الذي ضاق ذرعاً بحكومة لا تحسن الدفاع عن خطتها او تقديمها بالشكل الصحيح للرأي العام. فمن هو الفاشل الحقيقي هنا؟ أو أن كثرة المستشارين واللجان جعلت رئيس الحكومة يغرق في الاقتراحات ويتوه عن الحلول الصحيحة. يلقي المقربون منه بالملامة على الأدوات التي يستعين بها، برأيهم كان يمكن لهذه الادوات أن تكون أفضل، لولاها ربما لما دخل معارك من دون التحضير المسبق لخوضها.

منذ تشكيلها لم تكن قرارات الحكومة انسيابية، وكلها، رغم قلتها، شهدت مداً وجزراً ونقاشاً ساخناً حيالها. هذا عوضاً عن التي تم التراجع عنها او تلك التي لم تجرؤ الحكومة على بحثها خشية ان تصيبها بمقتل. تطول لائحة الاخفاقات والمعارك الخاسرة والتي كانت من بينها وأهمها:

– حربه على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي كان دوره بالنسبة لرئيس الحكومة “مريباً” فإذا به يستعين به للدعم وتثبيت سعر صرف الدولار، فيقبل سلامة رغم علمه ان امد الدعم لن يطول أكثر من شهرين لتعود الاوضاع للتدهور أكثر مما كانت عليه.

– هجومه على المصارف ثم التوسط لديها لإدخالها شريكاً في الحل. في وقت ان اموال الناس محجور عليها لدى المصارف والحكومة عاجزة عن ايجاد الحل.

– الاتهامات المتكررة بحق مجهول ما تسبب بصد الابواب الدولية والعربية في وجه مساعدة لبنان. وكلامه الذي بات عبارة عن أحجية تحتاج الى حل.

– باشرت الحكومة التفاوض مع لازار لدورها الاستشاري واذا بها تتحول الى اعداد خطة فما هي حقيقة العقد مع الشركة ولماذا لم يعلن عنه وهل تقوم هذه الشركة بدورها كما يجب ام تحاول جني المكاسب انطلاقاً من زيادة الخسائر.

ومن نصح رئيس الحكومة ليقول ما قاله عن وزير خارجية فرنسا وهل يعقل ان يتحدث رئيس حكومة بمثل ما تحدث به دياب وقوله ان زيارته لم تحمل جديداً وان لديه نقصاً في المعلومات. فعدا عن دور فرنسا التي وقفت الى جانب لبنان في محنته يحتسب لها انها الدولة الوحيدة التي طرقت ابواب الحكومة واجتمعت الى رئيسها لتمنحه شرعية في وقت يصد الآخرون الابواب في وجهه. ما قاله دياب يفصح عن خلل في التعاطي الديبلوماسي الذي يحتاج الى دراية لانك حين تتحدث فأنت تتحدث باسم دولة. ولنفترض انه لا يعلم فهذا يعني ان الخلل سببه حكومة إما أنجزت وعجزت عن التسويق لإنجازها او هي لم تنجز من الاساس وتدّعي الإنجاز وهذا هو المرجح.

على ان كل ما تقدم في كفة والعمل خلف الكواليس في كفة مقابلة. وكأن كثرة اللجان لا تفي بالغرض حتى يقوم بعض الوزراء بمهمات واجتماعات غير معلنة لحلحلة بعض الامور، او تطويق الخلافات قبل وقوعها. فيذهب مثلاً وزير البيئة دميانوس قطار لزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عارضاً عليه اعادة فتح مطمر الناعمة فيتلقى عرضاً بالمقابل تحقيقه صعب. وبالمناسبة يسأل الخصوم كما الاصدقاء ماذا فعل قطار في ملف النفايات التي بدأت تتراكم في الشوف والجبل؟

والى مهماتها تعمل زينة عكر كاسحة ألغام لتأمين انعقاد جلسة بلا بنود تفجيرية. وتعقد اجتماعاً يجمع حاكم مصرف لبنان مع وزير المالية وممثل شركة لازار للتوصل الى رأي موحد مع صندوق النقد. اينما تعقدت تجد عكر تعمل بعيداً من الاضواء لتصطدم هي ايضاً بعجز اتخاذ القرارات او تنفيذها.

يقدم دياب اوراقاً رابحة لخصومه بفعل سوء ادائه. لو تساوت أفعاله بسرعة أقواله لكان لبنان تجاوز نصف نكباته منذ السابع من تشرين الأول ولغاية اليوم. يروى أن أثينا وفي العهد الإغريقي وأيام الفيلسوف الكبير سقراط تلهى كبار مسؤوليها بالتسابق على فن الخطابة أو ما عرف لاحقاً عند العرب بعلم الكلام، وكان يطلق على هؤلاء اسم السفسطائيين. وكانت المواجهة الدائمة بين عقل سقراط الذي أراد تطوير حياة الإغريق وبين السفسطائيين الذين أغرقوها بالكلام وتسببوا لاحقاً بنكستها. والى بيزنطيا التي تلهى قادتها بالبحث عن جنس الملائكة فيما إقتحم محمد الفاتح أسوارها. يخشى أحد حلفاء دياب الأساسيين أن يصيبنا بالرئيس دياب ما أصاب بيزنطيا وأثينا فنتلهى بالجدل العقيم فيما البلاد تغرق.

يقر مقربون من السراي الحكومي بالفشل والعجز الذي لم يعد انكاره يجدي نفعاً وإن تعددت الأسباب. ربما هو الظرف الإقليمي كفيل بحماية الحكومة من السقوط ولذا تراها مطمئنة الى استمرار عمرها الى ما بعد الانتخابات الأميركية وجلاء صورة الاوضاع في المنطقة.