IMLebanon

جبران باسيل وزيراً بـ”الوكالة” للخارجية!

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

الأكيد، أنّ حقبة ناصيف حتي ستوثق في كتب التاريخ، كأقصر ولاية وزارية في قصر بسترس. كذلك الأمر، سيدخل خلفه شربل وهبة كتاب المفارقات اللبنانية، كوليد أسرع مخاض سياسي أسفر خلال ساعات قليلة عن تسمية شخصية برتبة وزير خارجية.

هكذا، سرعان ما تبخرت أفكار أولية خطرت ببال رئيس الحكومة حسان دياب كان بإمكانها معالجة خلل استقالة وزير الخارجية، ليترك القرار لرئيس الجمهورية ميشال عون على اعتبار أنّ هذا الموقع هو من حصة الرئاسة الأولى. حاول دياب أن يجسّ النبض حيال طرح نقل وزير البيئة، صديقه، دميانوس قطار إلى الخارجية مقابل تعيين بديل عنه، لكن الطرح لم يدم إلا ساعات معدودة سارع خلالها رئيس الجمهورية إلى استدعاء رئيس الحكومة وابلاغه نيّته تعيين مستشاره شربل وهبة خلفاً لناصيف حتي.

تلك المباحثات القياسية، لم تكن لتقطع الطريق فقط أمام محاولة ادخال قطّار إلى قصر بسترس، بل لتطويق بقعة زيت أي استقالات محتملة، خصوصاً أنّ المشاورات العابرة لمقار أولياء الحكومة، طوت سريعاً صفحة التعديل الحكومي التي طرحت صباحاً لأنها لم تجد أرضية صلبة، ما أعادها إلى الأدراج.

وفق المعلومات فإنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل طرح سيناريو التغيير الحكومي على نحو شامل من دون تقديم طرح بديل متكامل، لكن الثنائي الشيعي لم يجارِه في طموحاته كون أي حكومة بديلة لن توفر لها ظروف أفضل وبالتالي من الأفضل دعم الموجودة. كذلك فإنّ فكرة التعديل الحكومي لم تجد أرضية مشتركة بسبب تعدد الآراء بين الحلفاء، ولو أنّ هؤلاء متفقون على أنّ تجربة الأشهر الخمسة من عمر الحكومة، أثبتت أنّه لا بدّ من استبدال بعض الوزراء. ومع ذلك، تمّ تأجيل هذا البحث.

عملياً، سقط “حجر الدينامو” الأول من مجموعة مرشحين للسقوط الواحد تلو الآخر، فيما دخل مستشار رئيس الجمهورية إلى قصر بسترس في ظرف قد يكون الأصعب والأسوأ والأدق في تاريخ لبنان.

شربل وهبة ديبلوماسي عتيق. لكن الرجل صاحب الخبرة الإدارية الواسعة في العمل الديبلوماسي، لا يشبه سلفه ناصيف حتي في “البورتفوليو” الثقيل الذي كان يحمله ولا في شبكة العلاقات الدولية التي نسجها طوال مسيرته المهنية. وزير الخارجية الحالي أقرب الى “أتباع” النمط البيروقراطي الذي يعرف خبايا وزارة الخارجية ودهاليزها عن ظهر قلب.

إختاره رئيس الجمهورية مستشاراً للشؤون الديبلوماسية في تشرين الأول 2017 وذلك بعد احالته إلى التقاعد، وطبعاً بتزكية من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي خبره حين كان وزيراً للخارجية. يقول عنه عارفوه إنّ من ميزاته البارزة هدوءه وآدميته، وشخصيته غير الصدامية التي تعرف كيف تدوّر الزوايا والتعابير. ابن بلدة العاقورة الجبيلية، هو من المدرسة التقليدية، من أصول “كتلوية” في السياسة كما الكثير من أهالي جبيل، فيما محيطه وعائلته أقرب إلى “التيار الوطني الحر”.

هو “عوني الهوى” لكنه لا يحمل بطاقة حزبية وغير ملتزم سياسياً. كان يفترض أن يكون وزير الخارجية الأول في حكومة حسان دياب، لكن ارتباطه بباسيل هو الذي تركه في مكاتب قصر بعبدا التي يداوم فيها يومياً، حيث يشارك في معظم الاجتماعات الديبلوماسية التي تضمّ ضيوفاً أجانب.

عودته إلى قصر بسترس تعني عودة جبران باسيل قلباً وقالباً، ولو أنّ الأخير فرض على الوزير المغادر الإبقاء على كامل الطاقم الإداري والاستشاري في وزارة الخارجية كما كان.

لكن تعيين وهبة يعني إلغاء هذا الهامش البسيط الذي كان يتمتع به ناصيف حتي لمصلحة الذوبان كلياً في أجندة باسيل.