IMLebanon

استقالة حتي من “مركب يغرق”: “لبنان لا يمكن أن يحصل على مساعدات”

كشفت مصادر سياسية لـ”العرب” أن وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتّي اتخذ قراره بالاستقالة من منصبه بعدما أبلغه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أثناء زيارته لبيروت أن لبنان لا يمكن أن يحصل على أيّ مساعدات من أيّ جهة كانت للخروج من أزمته في حال بقاء الحكومة الحالية.

وأكّد الوزير الفرنسي بطريقة فجّة أن على حكومة حسّان دياب الرحيل من أجل تمهيد الطريق لفتح أبواب المجتمع الدولي أمام لبنان مجددا. وانتقد رئيس الحكومة قبل أيام زيارة لودريان الذي حذّر من أن لبنان “بات على حافة الهاوية” في حال لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذه.

وقال دياب إن المسؤول الفرنسي كان لديه “نقص في المعلومات” حول مسار الإصلاحات الذي بدأته حكومته ولم تحمل أيّ جديد. وبحسب وسائل إعلام محلية، أثار استبعاد دياب لحتّي عن اللقاء الذي عقده مع لودريان بحضور ثلاثة وزراء امتعاض الوزير المستقيل.

وأوضحت المصادر أنّ ذلك الأمر دفع حتّي إلى توجيه تحذير واضح في رسالة الاستقالة التي شرح فيها الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ قراره قائلا “لقد شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند ربّ عمل واحد اسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع”.

واعتبر وزير الخارجية اللبناني المستقيل أن بلاده “تنزلق للتحول إلى دولة فاشلة”. وعزا حتّي استقالته إلى ما وصفه “غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح” المطلوب لوقف الانهيار المالي الذي حذر من أنه قد يحوّل لبنان إلى دولة فاشلة.

وأوضح المانحون الأجانب أنهم لن يقدموا مساعدات حتى تنفذ بيروت إصلاحات لمكافحة هدر الموارد والفساد وهما من الأسباب الجذرية للأزمة التي تشكل أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ورأت المصادر السياسية أنّ على الطبقة السياسية أخذ الخطوة التي أقدم عليها ناصيف حتّي على محمل الجدّ في ضوء الخبرة السياسية التي يمتلكها، خصوصا أنّه عمل طويلا في باريس كسفير لجامعة الدول العربية في العاصمة الفرنسية.

يُذكر أن ناصيف حتّي أقام شبكة علاقات مع دول عدّة في ضوء العلاقة المميّزة التي كانت تربط بينه وبين عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الوزير المستقيل حاول طوال تولّيه مهماته الاحتفاظ بحيز من الاستقلال، لكنّه وجد نفسه مطوقا داخل الوزارة نفسها بمجموعة تأخذ تعليماتها من وزير الخارجية السابق جبران باسيل.

وكان حتّي من الوزراء الاختصاصيين نظراً لخبرته الطويلة في السلك الدبلوماسي، وهو من الوزراء الذين سماهم “التيار الوطني الحر” الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون.

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن احتجاج حتّي على أداء دياب خصوصاً في ما يتعلق بملف الخارجية وطريقة التعامل مع المجتمع الدولي.

وكان لافتا مسارعة باسيل إلى تعيين شربل وهبي القريب منه ليحلّ مكان ناصيف حتّي. ووهبي سفير متقاعد، سبق له أن عمل في فنزويلا، وكان يشغل موقع مستشار دبلوماسي لرئيس الجمهورية ميشال عون.

وقالت الرئاسة اللبنانية عبر حسابها على تويتر إن الرئيس ورئيس الوزراء وقعا مرسوما بقبول استقالة ناصيف حتّي ومرسوما بتعيين شربل وهبي في المنصب.

واعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أن “الوضع في لبنان لن يستقيم طالما أن حزب الله، والتيار الوطني الحر وحلفاءهما يمسكون برقاب السلطة”.

وقال جعجع في سلسلة تغريدات الاثنين، عبر “تويتر” تعليقا على استقالة ناصيف حتي “لن يستقيم الوضع في لبنان طالما أن حزب الله، والتيار الوطني الحر، وحلفاءهما يمسكون برقاب السلطة في لبنان”.

وأعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية، الاثنين، أن رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، قبل استقالة وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي، وباشر اتصالاته لتعيين خلف له.

وذكرت رئاسة الحكومة في تغريدة على حسابها على تويتر، أن “دياب قبل استقالة حتّي خلال لقائهما، وقبل استقالته فورا”. وأضافت أن رئيس مجلس الوزراء “باشر عقب قبول استقالة حتّي اتصالاته، ودرس الخيارات لتعيين وزير جديد”.

وأشارت رئاسة الحكومة في تغريدة أخرى أن رئيس الجمهوريّة ميشال عون، التقى دياب الاثنين، وتشاورا بخصوص استقالة حتّي، والخطوات التالية لذلك

وقال أستاذ العلوم السياسية هلال خشان “جميعنا يعرف أن هذه الحكومة سيئة الطالع، ومع أو من دون استقالة حتّي، لا يُتوقع منها الكثير”. وأشار إلى أن قرار الحكومة ليس بيدها، بل عليها “أن تعود دائماً إلى هؤلاء الذين أوصلوها إلى السلطة قبل التصرف في أي قضية.

وأضاف “تقول الاستقالة ببساطة إن لبنان في حالة إرباك تام وإنه دولة من دون دفة تسير من دون أي اتجاه” واضح ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، ما فجر منذ الـ17 من أكتوبر 2019، احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.

ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية التي يحملونها مسؤولية “الفساد المستشري” في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.

وتعثرت محادثات أجرتها البلاد مع صندوق النقد الدولي، في ظل غياب الإصلاحات ووسط خلافات بين الحكومة والبنوك بشأن نطاق الخسائر المالية في لبنان.

وبجانب الأزمة الاقتصادية، يعاني لبنان من انقسام واستقطاب سياسي حاد، خاصة منذ تشكيل الحكومة الحالية، برئاسة دياب، في يناير الماضي، خلفا لحكومة سعد الحريري التي استقالت في أكتوبر تحت ضغط الاحتجاجات.‎