IMLebanon

الخناق يشتد على عنق “العهد القوي”.. والانتخابات المبكرة على الأبواب

لم تهدأ عاصفة اللبنانيين المكلومين بعد كارثة انفجار المرفأ، المطالبين بمحاكمة جميع المسؤولين السياسيين والأمنيين عن الزلزال الذي دمّر أحياء واسعة من العاصمة بيروت، مخلفا أكثر من 158 شهيدا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين وأكثر من 300 ألف مشرد، مع تصاعد الدعوات لاستقالة كبار المسؤولين والحكومة وأعضاء المجلس النيابي الذين يتحملون مسؤولية الإهمال والتقصير الفادحين اللذين تسببا بهذه الكارثة التي لم يشهد لبنان مثيلا لها في تاريخه.ووسط ترقب لما سيصدر عن اجتماع مجلس الأمن الدولي، اليوم، المخصص للبحث في تداعيات جريمة زلزال المرفأ، توازيا مع تزايد المواقف المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية، تتولى كشف ملابسات ما جرى، وأوشكت حكومة حسان دياب على الانهيار، بعدما أعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، استقالتها.

وقالت عبد الصمد: “أعتذر من اللبنانيين الذين لم نتمكن من تلبية طموحاتهم، التغيير بقي بعيد المنال وبما ان الواقع لم يطابق الطموح وبعد هول كارثة بيروت أتقدّم بإستقالتي من الحكومة”، في وقت كشفت معلومات لـ”السياسة”، أن استقالات لوزراء مرجحة في الساعات والأيام المقبلة، بعدما فقدت هذه الحكومة مبرر وجودها، على إثر جريمة المرفأ المروعة .

وفي وقت يجهد رئيس الحكومة حسان دياب للحؤول دون “فرط” حكومته، قدّم وزير البيئة والتنمية الإدارية دمينانوس قطار استقالته إلى دياب، بعد ظهر أمس. وقال له بالحرف: “رفاق أولادي ماتوا بالانفجار، ولا يمكنني أن أبقى بالحكومة”، في حين تردد أن وزير الاقتصاد والتجارة راؤول نعمة يتجه للاستقالة، على أن تتم مناقشة استقالة الحكومة، خلال جلسة ستعقدها، اليوم، في قصر بعبدا .

ونفى وزير التربية والتعليم العالي الدكتور طارق المجذوب كل ما يتداوله عدد من وسائل التواصل الاجتماعي عن استقالته، معتبرا أنها تندرج في سياق الشائعات. واشارت أوساط وزيرة العدل ماري كلود نجم، إلى أنه لا يمكنها ان تستقيل لانها تعتبر ان اليوم اكثر من اي وقت مضى عليها مسؤولية متابعة التحقيقات ووجودها في الوزارة ضمانة اليوم اكثر من اي وقت مضى.

ولدى سؤالها عن رفض شعبي كبير لوجود الحكومة قالت: “بعرف ولكن شو البديل”.

وفي سياق الاستقالات من مجلس النواب، أعلن عضو تكتل لبنان القوي النائب ميشال معوض، أمس، استقالته من مجلس النواب، احتحاجا على “تقاعس المسؤولين وهيمنة السلاح غير الشرعي على المؤسسات”.

وأقدمت مجموعة من المحتجين على طرد النائب شامل روكز خلال اعتصام في وسط بيروت أمس.

وعلى الاثر، غادر النائب روكز المكان بعد وقوع إشكال وتدافع ورمي حجارة بين المتظاهرين ومرافقيه ومجموعة من العسكريين المتقاعدين.

وقال أحد المحتجين: “روكز متلو متل غيرو”.

من جانبه، أعلن نائب كسروان نعمة فرام من الصرح البطريركي في الديمان، أنه علق نشاطه من المجلس النيابي إلى حين الدعوة إلى جلسة لتقصير ولاية المجلس، والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة”، في وقت دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى جلسة لهيئة مكتب المجلس، اليوم، والتي تأتي غداة مطالبة رئيس الحكومة حسان دياب بالدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة .

وفي حين جدد الرئيس ميشال عون القول: إن “المطالبة بالتحقيق الدولي في قضية المرفأ، الهدف منه تضييع الوقت، والقضاء يجب أن يكون سريعا من دون تسرع، للتأكيد من هو مجرم ومن هو بريء”، أكد عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور، أن “هناك مسؤولية السياسية الإجرامية الكبرى على ميشال عون وعلى حسان دياب تفترض ليس فقط استقالتهما، ولكن أيضا محاسبتهما قانونيا أمام القضاء اللبناني”.

وكشف أبو فاعور عن معلومة للمرة الأولى أمام الإعلام ان “رئيس الحكومة حسان دياب كان ينسق له زيارة في النصف الأول من شهر يوليو الماضي الى المرفأ مع بروباغندا إعلامية بالتنسيق مع جهاز أمن الدولة للقيام بعراضة بالكشف على العنبر رقم 12 والقول أنه طلب نقل هذه المواد منه، وقام بروتوكل رئاسة الحكومة بترتيب هذه الزيارة وكلف دياب مستشاره خضر طالب التواصل مع العميد طوني صليبا، مدير عام جهاز أمن الدولة الذي كان زاره في رئاسة الحكومة”. ووفق أبو فاعور، فإنّه “كان القصد القول: إن هناك إنجازا كبيرا بالكشف عن كمية كبيرة من المتفجرات، لكن لأسباب تتعلق بانشغالات رئيس الحكومة تم تأجيل الزيارة فهو لم يأبه بالخطر باللبنانيين، وحصل ما حصل”.

من جانبه، اعتبر البطريرك بشارة الراعي أنّ “انفجار مرفأ بيروت هو كارثةٌ هزّت دول العالم، ومن حقّ هذه الدول، إذ تمدّ لبنان بالمساعدات السّخيّة والمحبّة، أن تعرف اسبابها الغامضة، والمرجعيّة المحفوظة لها منذ ستّ سنوات هذه الكمّيّة الهائلة من الموادّ المتفجّرة في أخطر مكان من العاصمة، والغاية من وجودها”. وشدّد في عظة قداس، أمس، “أنها جريمة موصوفةٌ ضدّ الإنسانيّة، ومن الواجب الاستعانة بتحقيق دوليّ لكشف حقائقها كاملة وإعلانها، مع وجوب محاسبة كلّ مسؤول عن هذه المجزرة والنّكبة مهما علا شأنه”. ولفت إلى أنّه “على الرّغم من هول الكارثة، شعرْنا بيد الله الخفيّة التي نجّت المئات من الموت وعشرات الألوف من الأذى”.ووجه الراعي تحيّة من القلب إلى “المؤسّسات والجمعيّات والرّوابط الانسانيّة والاجتماعيّة والأهليّة والكشفيّة والرّسوليّة والخاصّة والى شبّاننا وشابّاتنا اللّبنانيّين الذين أتوا بيروت من مختلف المناطق وتطوّعوا بسخاء لمساعدة العائلات المنكوبة والجرحى، ولتنظيف الشّوارع”.

ولفت البطريرك، إلى ان “التغيير مهما كان عمقه يجب ان ينطلق من نظامنا الديمقراطي ودستورنا وميثاقنا الوطني وثوابتنا الوطنية التاريخية”، مشيرا إلى ان “لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون مع الشعب دعوة للسلطة كي تصغي إلى صوت الشعب والثورة وإلى نداءات المجتمع الدولي المتكررة من الدول الكبرى إلى الاتحاد الأوروبي التي حثت المسؤولين حكومة ومجلس نيابيا على سماع صوت الشعب وتغيير الأداء وإجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد والحياد عن الصراعات واحترام القرارات الدولية وإشراك الأجيال الجديدة في حكم البلاد لكن كل نداءات العالم ذهبت سدى فتفاقمت الاوضاع وعمت المحاصصة وتناثرت مؤسسات الدولة أشلاء كزجاج بيروت”.

وقال: “إن ما شهدناه من تحركات شعبية غاضبة يؤكد على نفاذ صبر الشعب اللبناني ويدل على التصميم في التغيير إلى الافضل لكن في الوقت عينه نبدي حزننا لسقوط شهيد من قوى الامن الاداخلي”.

وتساءل: “ألا يستوجب كلّ هذا، مضافا إلى كارثة بيروت ومأساة أهلها، قرارات جريئة في دولة ديمقراطيّة تعيد النّظر في التّشكيلة الحاكمة وطريقة حكمها؟ فلا تكفي إستقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب، تحسّسا مع مشاعر اللّبنانيّين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول إلى استقالة الحكومة برمّتها إذ باتت عاجزة عن النّهوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابيّة مبكّرة، بدلا من مجلس بات عاطلا عن عمله”.

من جهته، قال مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة، إن “ما عشناه في الأيام الأخيرة كان تجربة صعبة ومريرة، عاصمتنا في ذهول، أحياء بكاملها دمرت وأصبح أبناؤنا بلا مأوى، مشردين، عاجزين عن استيعاب ما حل بهم، وكأن الانهيار الاقتصادي والجوع والبطالة وفيروس كورونا لا تكفيهم”.

واضاف “من المسؤول عما حصل؟ لا نعرف، كيف تعالج الأمور؟ لا نعرف، ماذا يفعلون للمشردين والجياع؟ لا نعرف، هل سيجرى تحقيق دقيق؟ هل سيحاكم المسؤولون عن هذه المجزرة؟ هل سيعطى هذا الشعب الجريح حقه ولو لمرة؟ إن لم نعتمد سياسة الثواب والعقاب لن تستقيم الامور وستستمر الاعتداءات على الشعب وحقوقه”.

وتابع: “شعبنا يستحق حياة أفضل، يستحق حكاما ينصتون إليه، يخدمونه بصدق ونزاهة ومحبة، ويعتذرون منه إذا أساؤوا إليه أو أخطأوا، عوض استغلاله وإماتته مرات كل يوم، وعندما يسحب الشعب ثقته التي منحهم إياها ينسحبون بكرامة وكبر، ففي بلد يحترم نفسه يستقيل المسؤول إذا لم يحسن القيام بواجبه أو إذا قصر في مكان ما، وهنا المسؤولون يتربعون على كراسيهم والشعب يتلقى المصيبة تلو الأخرى ويعاني”. إلى ذلك، وثقت لقطات مصورة أفرادا مسلحة تطلق أعيرة من رشاشات حربية من نوع “بومبكشن”، بإتجاه المتظاهرين السبت في ساحة الشهداء، وفي الهواء، في حين طرحت تساؤلات عدة، حول هوية هؤلاء المسلحين والدور الذي يضطلعون به في هذه الظروف الخطرة والحساسة.

وأصدر الوزير السابق أشرف ريفي، أمس، بيانا، لفت فيه إلى “ما تعرضت له بيروت الحبيبة، هي جريمة إبادة جماعية وهي جريمة ضد الإنسانية، ونحذّر السلطة من التذاكي”. وأضاف، الأرجح أن “هذه الجريمة قد حضّر لها منذ فترة زمنية بعيدة، وأرتكبت بإجتماع عدة جرائم منها: تهريب مواد تستخدم في صنع المتفجرات وتخزينها في أمكنة غير مناسبة”. وأكّد ريفي، “نواكب التحقيق الجاري في هذه الفاجعة، ونخشى أن يتركز التحقيق على جريمة التهريب أو جريمة التخزين لحصر المسؤولية بهاتين الجريمتين لحرف الأنظار عن الجريمة الأساسية والتي تأتي تحت عنوان “جريمة الإبادة الجماعية”، وهي من الجرائم ضد الإنسانية”. وأشار ريفي إلى أنه “يعارض “حزب الله” التحقيق الدولي لأنه سيكشف بالدليل سيطرته على المرفأ ودوره الإرهابي الداخلي والخارجي، وسيكشف حجم الفساد والتهرب الضريبي، والممنوعات التي تمر في هذا المرفق الحيوي الذي لا سيادة للدولة اللبنانية عليه”.وختم ريفي بيانه، إن “رفض رئيس الجمهورية للتحقيق العربي والدولي هو بطلب من “حزب الله”، ولهذا فالسلطة اللبنانية بيد “حزب الله” بشكل كامل، والمطلوب مساعدة لبنان لتحرير الشرعية المخطوفة والوطن الأسير”.