IMLebanon

سيناريو ماكرون الإصلاحي.. حكومة توافقية برئاسة الحريري بدون باسيل

كتب عمر حبنجر في جريدة الأنباء الكويتية:

على وقع الدعوات إلى «انتفاضة لا تتوقف» والى الاحتجاج مجددا تحت شعارات «علقوا المشانق لأن غضبنا لا ينتهي بيوم واحد» و«لا تستسلموا»، ‏كرَّت سبحة الاستقالات من الحكومة ومن مجلس النواب، ولليوم الثاني على التوالي تجددت المواجهات بين المحتجين الغاضبين والقوى الأمنية في وسط بيروت للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار الضخم في مرفأ بيروت.

وعند المدخل المؤدي إلى مقر البرلمان رشق عشرات المتظاهرين القوى الأمنية بالحجارة والمفرقعات النارية وحاولوا إزالة الحواجز الحديدية، وردت القوى الأمنية باستخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة.

وقالت وكالات الأنباء إن المئات تدفقوا على وسط بيروت.

وقال نيسان غراوي، وهو متظاهر عاطل عن العمل، «نريد تدمير الحكومة والقضاء عليها. لم يوفروا لنا لا وظائف ولا حقوق».

وبالعودة إلى الاستقالات وبعد وزير الخارجية السابق ناصيف حتّي، استقالت وزيرة الإعلام منال عبدالصمد صباح الأحد وبعدها افيد عن استقالة وزير البيئة دميانوس قطار قائلا لرئيس الحكومة حسان دياب «اصحاب اولادي ماتوا بالانفجار ولا استطيع ان اكمل بهذه المسؤوليات»، وسط معلومات عن مفاوضات جرت لثنيه عن الخطوة.

وكان دياب استقبل عددا من الوزراء الذين اظهروا الرغبة في الاستقالة، الا انه نصحهم بالتريث الى اليوم، مفضلا الاستقالة جماعيا في حال عدم الموافقة على طرحه اجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وفي معلومات «الأنباء»، فإن استقالة دياب مرجحة الاثنين مستبقا جلسة مجلس النواب المفتوحة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري ابتداء من الخميس المقبل لمناقشة اداء الحكومة بمواجهة كارثة انفجار المرفأ الكبرى التي حلت ببيروت، احساسا من دياب ان ثمة من يريد اسقاطه في المجلس.

واستقالة وزيرة الإعلام منال عبدالصمد بعد لقائها دياب ولَّدت الانطباع بأن سبحة الحكومة كرَّت بالفعل، وهي اعتذرت إلى «اللبنانيين الذين لم نتمكن من تلبية طموحاتهم. فالتغيير بات بعيد المنال».

كما أعلنت النائبة ديما جمالي، عضو كتلة المستقبل عن مدينة طرابلس، استقالتها من مجلس النواب، اعتبارا من اليوم الاثنين، وقالت إنها وضعت رئيس الكتلة سعد الحريري في الصورة.

كما أعلن نائب بعبدا هنري حلو عزمه على الاستقالة اليوم.

في هذا الوقت، استقال النائب نعمة افرام ـ العضو السابق في التكتل العوني ـ ليزيد عدد النواب المستقيلين ، بعد مروان حمادة ونواب الكتائب الثلاثة والنائبة بولا يعقوبيان.

‏وقد أعلن افرام استقالته من الديمان مع حضوره قداس الأحد واستماعه إلى عظة البطريرك بشارة الراعي، الذي وصف انفجار المرفأ بكارثة هزت دول العالم، وقال انه «من حقنا أن نعرف أسباب هذا الانفجار وأسباب وجود هذه الكمية الهائلة من المواد المتفجرة في أخطر مكان في العاصمة».

‏ورأى الراعي أنها جريمة موصوفة ضد الإنسانية توجب الاستعانة بتحقيق دولي ومحاسبة كل مسؤول عن هذه المجزرة مهما علا شأنه، وحيا بطولات الجيش والقوى الأمنية والمسعفين وشكر جميع الدول التي هبت للمساعدة.

‏واعتبر الراعي ان التظاهرات التي عمت بيروت، إضافة إلى هول الكارثة توجب إعادة النظر بالتشكيلة الحاكمة وطريقة حكمها، لكنه أكد انه «لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها، إذ باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة بدلا من مجلس بات عاطلا عن العمل».

‏‏المفاجأة التي استجدت امس تحول نواب كتلة المستقبل نحو الاستقالة، وقال النائب عن كتلة المستقبل نزيه نجم ان الكتلة تجري اتصالات مع القوات اللبنانية والتقدم الاشتراكي لهذه الغاية، وقال نجم «سنستقيل».

‏ويقول نائب بيروت المستقل فؤاد مخزومي انه يتجه إلى الاستقالة أيضا بسبب عقم الأوضاع الراهنة وانه يريد إعلان استقالته من دار الفتوى في بيروت.

وتتوقع مصادر لـ «الأنباء» أن ‏تكون الخطوة التالية بعد استقالة رئيس الحكومة، تشكيل حكومة جديدة على وجه السرعة، وهذا يقتضي بموجب سيناريو إصلاح الوضع الذي رسمه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتوافق عربي وغربي، أن يقبل الرئيس ميشال عون الاستقالة وأن يكلف توا رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري، من دون مماطلة، مع استبعاد صهره جبران باسيل عن التشكيلة، فضلا عن إيجاد إطار تمثيلي غير مباشر لكتلة الوفاء للمقاومة، ‏وأن تكون هذه الحكومة قائمة اقله على مستوى التكليف قبل 18 الجاري الذي هو موعد صدور حكم المحكمة الدولية بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اقتناعا من أصحاب هذا السيناريو أن وجود الحريري على رأس الحكومة في هذه المرحلة العصيبة هو افضل الممكن.

‏وفي حال تعثر هذا المسار الحكومي، تقول المصادر لـ «الأنباء» أن المحاسبة ستأخذ رؤوسا كبيرة وكثيرة إلى السجون!

هذه التطورات السياسية المتسارعة ‏لا يمكن عزلها عن البرنامج التغييري الذي أوجب تحقيقه قبل عودة الرئيس ماكرون ثانية إلى بيروت مطلع سبتمبر المقبل، وفي معلومات المتابعين أن تظاهرات «سبت المحاسبة» ما كانت إلا بروفة لما يمكن أن يتكرر في حال استمر الحكم على تعنته، وحزب الله على تمسكه بحكومة دياب، الذي يقول قريبون منه انه حاول الاستقالة بعد الانفجار الكبير، لكن جهات راعية حذرته من أن يفعل.

‏المصادر المتابعة لاحظت لـ «الأنباء» كيف أن الثوار اقتحموا وزارة الخارجية وحولوها إلى مقر لهم وحطموا صور رئيس الجمهورية، ومثلها فعلوا في وزارة الاقتصاد وحاصروا وزارة الطاقة دون أن يتمكنوا من دخولها، لكن في لحظة محددة انسحبوا أمام قوى الجيش والأمن، بعدما أيقنوا أن الرسالة وصلت.