IMLebanon

مجلس النواب: تأكيد على الطوارئ واستقالات بلا أفق

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

بعد استقالة الحكومة أمس الأول، باتت الدعوة التي كان وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقد جلسة مساءلة للحكومة حول كارثة إنفجار المرفأ، والتي تمّ اتأكيدها بعد اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب، وكأنّها لزوم ما لا يلزم، لأنّه لا يمكن مساءلة حكومة مستقيلة. وعليه، وبما أنّ الموعد قد تحدّد، وبما أنّ المجلس النيابي سيّد نفسه، وبما أنّ رئيس المجلس هو من يوجّه الدعوة ويحدّد مواعيد الجلسات، فقد أبقى على موعد جلسة غد الخميس في 13 آب الجاري في قصر الأونيسكو. ولكن تغيّر جدول الأعمال، بحيث أصبح لمناقشة المرسوم الرقم 6792 المُتعلّق بإعلان حال الطوارئ في بيروت، والذي كان وصل إلى مجلس النواب منذ يومين، وبطبيعة الحال ستُتلى في الجلسة إستقالات النواب الذين تقدّموا بها خطياً من الأمانة العامة للمجلس.

جلسة أولى من نوعها

وعطفاً على ما تقدّم، فإن هناك مجموعة من الأسئلة لا بدّ من الإجابة عليها، خصوصاً وأنّ هذه الجلسة هي الأولى من نوعها بعد الطائف، إذ لم يسبق أن أعلنت حال الطوارئ إلا في حالات تعود إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي.

ومن هذه الأسئلة: أولاً، ما هي طبيعة هذه الجلسة؟ وهل أن للمجلس الحقّ في الرفض أو الموافقة على مفعول ومضمون مرسوم إعلان حال الطوارئ؟ هل هي جلسة مناقشة عامة أم ماذا؟

ثانياً، هل هناك أوراق واردة للنواب في هذه الجلسة؟

ثالثاً، هل دُعيت الحكومة؟ وهل ستحضر أو من يمثّلها؟ وماذا تقول السوابق؟ وهل ستنقل وقائع الجلسة مباشرة عبر وسائل الإعلام؟ وما هي حال النواب المستقيلين خطّياً وإعلامياً في هذه الجلسة؟

تقول مصادر مجلسية متابعة ومعنية لـ”نداء الوطن”: “إن الجلسة بطبيعة الحال، هي جلسة مناقشة طالما أنهّا ستناقش مضمون مرسوم إعلان حال الطوارئ، وسيتمّ التأكيد على مرسوم الطوارئ ولن يُرد، سيّما وأنه محدود وجزئي ووقته ضيّق، أي أنّه لا يشمل سوى العاصمة بيروت وسينتهي مفعوله بتاريخ 18 آب الجاري، وبالتالي فهي من الجلسات السريعة التي قد لا تتجاوز الساعة أو ساعتين من الوقت بحدّها الأقصى، والتي درج رئيس المجلس نبيه بري على السماح بنقل وقائعها عبر وسائل الإعلام، ولكن لم تتضح الصورة بعد، خصوصاً لجهة جهوزية قاعة “الأونيسكو” تقنياً لهذا الأمر لكي يتقرّر ما إذا كانت ستُنقل وقائعها أم لا”.

وتتابع المصادر أنّ “الجلسة لن تأخذ وقتاً طويلاً، علماً أنّه سيفسح فيها المجال للنواب للحديث في الأوراق الواردة في حال طلبوا ذلك، كما أنّ الحكومة قد دُعيت طبعاً لحضور الجلسة، بمعزل عن السجال والآراء والإجتهادات التي تبرز حول مشاركة حكومة تصريف الأعمال في جلسات مجلس النواب والتي تُعيد التذكير بفتوى “تشريع الضرورة” التي كانت تحصل في سوابق من هذا النوع، مع ترجيح أن يحضر رئيس الحكومة حسّان دياب شخصياً، أو أقلّه نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع، خصوصاً وأنّ جدول الأعمال يتعلّق بصميم إختصاصها”.

تقول المادة الثانية من المرسوم الإشتراعي رقم 52 لسنة 1967 “تعلن حال الطوارئ أو المنطقة العسكرية بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء، على أن يجتمع مجلس النواب للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية أيام، وإن لم يكن في دور الإنعقاد”.

ويقول الوزير السابق والخبير الدستوري المحامي زياد بارود إنّ “مجلس النواب يستطيع إتّخاذ قرار بوضع حد لحال الطوارئ أو التأكيد عليها بمعزل عن طبيعة الحكومة الموجودة وعبارة “للنظر بهذا التدبير” الواردة في المرسوم 52/1967 إنما تعني الموافقة أو الرفض”.

ويرى بارود في حديث خاص لـ”نداء الوطن”: “أنه درجت العادة في سنوات سابقة أن يجتمع المجلس في نفس اليوم، وبالتالي لا أستغرب أن تكون هناك جلسة كالتي حُدّدت يوم الخميس، كما أنّ النص يتحدّث عن مهلة ثمانية أيام كمهلة قصوى بمعزل عن تاريخ وصول المرسوم إلى مجلس النواب، فالمشترع أعطى هذا الحقّ والدور للسلطة التشريعية والرقابية في اعتبارها السلطة المؤتمنة دستورياً على الحريات وحقوق الناس، وبالتالي كي لا يشطح أو يتجاوز التدبير المُتّخذ من قبل السلطة التنفيذية (بالمطلق وليس التدبير الحالي)”.

ويؤكّد بارود أنّ “مهلة الثمانية أيام هي لتمكين المجلس من التدقيق في الأسباب والموافقة عليها ضمنياً أو حتى إلغائها، وفي فرنسا يقول النص إنّ المطلوب موافقة البرلمان”.

يدخلون نواباً ويخرجون “سابقين”

يبقى أيضاً أمام الجلسة تلاوة نصّ كتب إستقالة عدد من النواب لكي تصبح نافذة وِفقاً لما ينص عليه النظام الداخلي، ولا سيما المادة 17 منه، وقد تقدّم فعلياً بإستقالات خطية حتى أمس ستة نواب هم: مروان حمادة، هنري حلو، بولا يعقوبيان، نديم الجميل، سامي الجميل والياس حنكش، على أن يتقدّم قبل ظهر اليوم النائب ميشال معوض وِفق ما أبلغ “نداء الوطن”، علماً أنّ النائبين سامي الجميل والياس حنكش كانا تقدّما بالإستقالة الخطية أمس بعدما أثارت وسائل الإعلام وفي مقدّمها “نداء الوطن” آلية الإستقالة وأصولها القانونية لكي تصبح نافذة. وفي هذا السياق، تبقى إستقالة النائبة ديما جمالي والنائب نعمة إفرام إعلامية طالما لم تُقدّم خطية قبل غد الخميس.

وعطفاً على المواد 16 و17 و18 من النظام الداخلي فإن الذين تقدّموا باستقالاتهم الخطّية يستطيعون حضور جلسة الخميس على قاعدة أنّهم “يدخلون نواباً ويخرجون منها نواباً سابقين”.

وبمعزل عن العدد الذي سترسو عليه الإستقالات النيابية يوم غد الخميس، فإنها ستطرح على بساط البحث ملفّ الإنتخابات الفرعية لملء الشغور وِفقاً لنصّ المادة 41 من الدستور خلال شهرين إعتباراً من 13 آب، وهو ما قد يبدو شبه مستحيل، في ظلّ وجود حكومة تصريف أعمال أو حتّى حكومة جديدة لا يُعرف متى ستولد وما هي أولوياتها، وبالتالي فإن هذه الإستقالات ربّما تُضيف إرباكاً جديداً للواقع في البلد وتكون بلا أفق.