IMLebanon

أميركا تحضِّر لعقوبات على حلفاء «حزب الله»

كتبت أنديرا مطر في صحيفة القبس:

تستمر الاتصالات بين القوى السياسية اللبنانية لبلورة تفاهم على شكل الحكومة الجديدة، في حين تشير المعطيات إلى أن عملية التشكيل أُخرجت من إطارها المحلي بانتظار توافقَين دولي وعربي بشأنها. وفي هذا الإطار، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سلسلة اتصالات تناولت الوضع في لبنان، كان أبرزها مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، حيث قال له إنه «على كل الأطراف المعنية الكف عن التدخُّل الخارجي في لبنان، ودعم تشكيل حكومة جديدة»، كما اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين للغاية نفسها، وأجرى اتصالاً هاتفياً مطوّلاً مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل.

ومن المقرر أن يصل وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل إلى بيروت غداً (الجمعة)، حاملاً رسائل للمسؤولين تتصل بالأزمة اللبنانية عموماً، وتشكيل الحكومة خصوصاً، حيث يضغط الجانب الأميركي لإبعاد «حزب الله» عن أي حكومة، ما دفع الحزب وحلفاءه إلى إشهار «اللاءات» في وجه حكومة حيادية، وقول «نعم» لحكومة سياسية، يرأسها سعد الحريري أو من يسميه.

وفي السياق، قالت صحيفة وول ستريت جورنال أمس: إن الولايات المتحدة تحضِّر حزمة من العقوبات ستوقِّعها على حلفاء «حزب الله»، على أن تشمل عدداً من السياسيين ورجال الأعمال. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين، لم تكشف أسماءهم، أن واشنطن تريد التحرّك بشكل سريع، من أجل تغيير المسار في لبنان. وأضافت: إن العقوبات ستجمّد أي أصول للأشخاص أو الكيانات المستهدفة، وتمنع دخولهم الولايات المتحدة، كما أنها ستعتبر تمويلهم جزءاً من الفساد وتمويل الإرهاب. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الحلفاء الرئيسيين الذين يطالب المسؤولون الأميركيون بإخضاعهم للعقوبات هو جبران باسيل.

بموازاة مواصلة عمليات رفع الأنقاض ومسح الخسائر البشرية والأضرار المادية الهائلة جراء انفجار بيروت، يتواصل التحقيق المحلي في الجريمة وسط معلومات قضائية عن توسع التحقيق ليشمل، إلى جانب الإداريين والأمنيين المسؤولين عن المرفأ، رؤساء أجهزة أمنية ووزراء أشغال في الحكومات المتعاقبة، حيث سيستمع المحامي العام القاضي غسان الخوري الجمعة، تباعاً هؤلاء.

وبعد تحويل القضية إلى المجلس العدلي، برز، أمس، رفض مجلس القضاء الأعلى تعيين القاضي سامر يونس، الذي اقترحته وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال محققاً عدلياً في جريمة انفجار بيروت، من دون تعليل الأسباب لذلك.

وفي انتظار بروز موقف دولي واضح من التطورات السياسية الأخيرة، لا سيما في ما خص تشكيل الحكومة الجديدة، تستقطع قوى السلطة الوقت بمشاورات داخلية بعيدة عن الأضواء، في وقت تشير كل المعطيات إلى أن الأحداث المتراكمة، التي توجها انفجار المرفأ، أخرجت هذا الاستحقاق أكثر من أي وقت مضى من إطاره المحلي وعلّقته بانتظار توافق دولي وعربي بشأنه؛ فتحرك المجتمع الدولي بعد الكارثة سيكون مفصلياً هذه المرة، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سلم إلى المرجعيات اللبنانية التي التقاها خريطة طريق لحل الأزمة؛ ترتكز إلى قيام حكومة غير تقليدية، تأخذ على عاتقها تنفيذ الإصلاحات المعروفة والموعودة التي ينادي بها المنتفضون. كما دعا القيادات إلى المساهمة في عملية التغيير وتسهيل المسارين الحكومي والإصلاحي اللذين يوفران الانتقال بالبلاد إلى سكة الحل، مطالباً ممثل حزب الله النائب محمد رعد بضرورة المساعدة من خلال وقف تدخل الحزب في الشؤون اللبنانية والعربية على أن توفر له فرنسا بعض الضمانات والمطالب المقبولة. وبدا لافتا أمس تلقي باسيل اتصالا مطولا من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. كما اتصل ماكرون بالرئيس الايراني حسن روحاني وقال له إن على كل الأطراف المعنية الكف عن التدخل الخارجي في لبنان ودعم تشكيل حكومة جديدة»، واتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين للغاية نفسها.

السفير الروسي ألكسندر زاسبكين إعتبر انّ «سبب انفجار مرفأ بيروت هو الإهمال»، مضيفاً: «لا أؤمن بنظرية المؤامرة أو الخلفية السياسية للموضوع كما أستبعد فرضية الضربة الاسرائيلية». ورأى زاسبكين انّ الموقف الفرنسي بشأن العقد الجديد ليس واضحاً ولبنان بحاجة الى إصلاحات، وأن روسيا تفضل حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري.

وفي الوقت المستقطع قبيل دعوة رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، يجري أركان السلطة، كل من زاويته، تقييماً لحسابات الربح والخسارة في التوليفة الجديدة، على اشلاء الضحايا وركام المدينة. وفي تكرار لمشهد تشكيل الحكومات السابقة، عاد الحديث عن لاءات في وجه الحكومة الحيادية، فأركان المنظومة الدائرة في فلك حزب الله اشهرت لاءاتها وشروطها: «نعم لحكومة سياسية يرأسها الحريري أو من يسميه، فقط». وكذلك عاد الحديث عن وزارات تتمسك بها أحزاب وتيارات، مثل وزارة الطاقة التي كانت امتيازاً احتكارياً للتيار الوطني الحر ولا يقبل التخلي عنها رغم العجز والدين اللذين تسبب بهما قطاع الكهرباء.

في الساعات المقبلة يصل الى بيروت وكيل وزير الخارجية الأميركية السفير ديفيد هيل العارف بتفاصيل الملف اللبناني، يرافقه وفد دبلوماسي وتقني رفيع. وتقول مصادر إعلامية مطلعة ان هذه الزيارة ونتائج مشاوراتها في ملفات متعددة، تبدأ بتداعيات اصدار الحكم في قضية اغتيال الحريري ولا تنتهي بملفات العقوبات الأميركية على حزب الله مرورا بقانون قيصر، وترسيم الحدود، هذه الملفات مجتمعة ستحدد الموقف الأميركي من المسار السياسي الشامل.

وتلفت المصادر ذاتها إلى أن بعض القوى السياسية التي تعمدت تشويه موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفسرت دعوته الى قيام حكومة سياسية بأنها حكومة وطنية تقتضي لم شمل قوى المعارضة والموالاة تسوق اليوم لتساهل أميركي تجاه لبنان من باب الفاجعة، وتحاول تقديم استقالة الحكومة كمبادرة حسن سلوك، في حين ان الاميركيين لا يقيِّمون استقالة الحكومة من هذه الزاوية، بل يعتبرونها عاملا إضافيا يرسخ «موقف واشنطن الثابت وشروطها المعلنة لمساعدة لبنان».