IMLebanon

“التيار” مع سلاح “الحزب”.. وما عدا ذلك تحرّر منه!

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

بعد سقوط الحكومة والمباشرة في تشكيل حكومة جديدة جاري البحث عن رئيسها، بات وكأن التسوية ستقوم على حساب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. أقله هذا ما تفيد به مجريات الامور حتى الساعة. فور الإعلان عن إستقالة حكومة الرئيس حسان دياب تداعى الثنائي الشيعي وجبران باسيل الى إجتماع أبلغ خلاله بري الحضور رغبته بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة. وفي ضوء المشاورات الجارية كان الملفت إعادة التذكير بشروط الحريري بعدم وجود باسيل في الحكومة اما مشاركة “حزب الله” فمسألة فيها نظر، فيما سجل تراجع “حزب الله” عن شرط قديم يقول إما الحريري وباسيل معاً في الحكومة او كلاهما خارجها. يبنى على ما تقدم موقف تعرض له “التيار الوطني” يوم راجع “حزب الله” حول جلسة محاسبة الحكومة في البرلمان فكان جوابه ان يراجعوا بري. لسان حال التيار يقول لـ”حزب الله” ان كنت تعلم فتلك مصيبة وان كنت لا تعلم فالمصيبة أكبر.

كأن ترابط “التيار الوطني” مع “حزب الله” تغيّر وصار من الماضي .أو أقله هذا هو مناخ “التيار الوطني الحر” على عتبة تسليم الثنائي الشيعي بترشيح الحريري للحكومة مجدداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية بناء على طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ما فهمه التيار البرتقالي ان ماكرون لم يطالب بحكومة وحدة وطنية وانما بموقف لبناني موحد ينتج حكومة.

وما إن انطلقت المشاورات المتعلقة بالحكومة كانت ترددت الاخبار التي تتحدث عن مطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون بحكومة أقطاب تمهيداً لعودة باسيل الى الحكومة. ولكن مناخ “التيار الوطني الحر” معاكس لذلك تماماً، فرئيس “التيار” ينفي رغبته في أن يكون وزيراً في الحكومة الجديدة ورئيس الجمهورية عندما ينادي بحكومة أقطاب فذاك يعني تشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة بدءاً من التدقيق المحاسبي والإتفاق مع صندوق النقد واحداث التغيير المطلوب. هذا ما فسره رئيس الجمهورية لمراجعيه. وماذا لو لم يكن ما تريد؟ يجيب عون مشيراً بيده الى منصة الاعلام في بعبدا: “أكون قد تحررت وسأقول للشعب ماذا فعلنا وماذا فعلوا”.

يقود مناخ داخل “التيار الوطني الحر” الى الإستنتاج أن مشاركة رئيسه في الحكومة المقبلة غير واردة لإعتباره ان مشاركته هذه إن حصلت ستكون مقتلة له. لم يعد رئيس “التيار” مستعداً لسداد فواتير تخدم غيره أكثر مما تخدمه. يتجه “التيار” للتحرر من التجربة الحكومية برمتها ويؤكد رفضه المشاركة في الحكومة من أساسها. وسيسلم أمر تشكيل الحكومة الى النص الدستوري الذي يحصر هذه المهمة برئيسي الجمهورية والحكومة وعلى رئيس الجمهورية ان يسمي الوزراء الموارنة في الحكومة. اول إرباك أحدثه “التيار الوطني الحر” كان إعلان تأييده ترشيح نواف سلام لرئاسة الحكومة. إذا كان الجميع يريده رئيساً للحكومة فلا ضير في وصوله وليعملوا على ذلك، ومن وافق على وصول فؤاد السنيورة بعيد حرب تموز يمكنه ان يقبل بوصول سلام. أما الإرباك الثاني فهو في رفضه ترشيح الحريري أو المشاركة في الحكومة.

وصول الحريري لا ينطبق عليه شرط الحكومة المنتجة والفاعلة التي يطالب بها كل الفرقاء لكن إذا شاءت الظروف أن يكون رئيساً فلن يشارك التيار في حكومته من دون ان يلغي ذلك مشاركته في الاستشارت النيابية من دون ان يسميه لأن تصويته لن يقدم أو يؤخر كونه سيحظى بالغالبية أو المشاركة في جلسة الثقة البرلمانية. لا يمكن للتيار ان يسمي الحريري ويعارضه. إتخذ قراره وإحتفظ لنفسه بحق ممارسة المعارضة بشرف.

وفي ظل مثل هذا الجو يحضر الى البال السؤال عما إذا كان ذلك بالتعاون والإتفاق مع “حزب الله” الذي يلتقي معه على تفاهم مار مخايل؟ ليكون الجواب أن التيار لم يعد مضطراً لإبلاغ اي طرف، ونحن سبق وطمأنا خلال اجتماع عين التينة الى أننا لن نعرقل وسنسهل تشكيل الحكومة وفي ذاك الإجتماع أبلغ بري خلال اجتماع عين التينة رغبته بعودة الحريري فكان الجواب اذا إستطعت ان تقنعه فلا ضير. فليشكلوا حكومة بالشراكة مع “حزب الله” والحريري و”الإشتراكي” ويكون الشريك المسيحي فيها جعجع والجميل، واي تفاهم رباعي جديد لن نكون في عداده وبالمقابل لن نكون عدائيين وسنسهل تشكيل الحكومة.

وصار مناخ “التيار” في التعاطي مع “حزب الله” يقوم على الآتي: ما يربطنا بالحلفاء تحالف واحد وأساسي وهو الدفاع عن الحق المشروع بالسلاح للمقاومة حتى آخر لحظة وبوجه كل الأعاصير، وما دون ذلك يعتبر “التيار” نفسه متحرراً منه، فليس لنا مع حلفائنا في الداخل وليس لهم معنا. فهل هو إذاً فك إرتباط بالملفات الداخلية؟ وفق مناخ التيار، ليس فك إرتباط وانما الأولويات لم تعد هي ذاتها. في سياق تفاهم مار مخايل كان يجمعنا بندا محاربة الفساد والسلاح. مرت محاربة الفساد مرة في خطاب للأمين العام عام 2018 ولم تترجم بعدها بأي شكل من الأشكال أما السلاح فنحن معه بلا هوادة.

تلمس داخل “التيار الوطني” خيبة أمل من الحليف قبل أي طرف آخر: “دفعنا الثمن غالياً. اربع سنوات من عهد عون لنصبح نحن الفاسدين وسبب الإنهيار المالي والإقتصادي وسبب إنفجار المرفأ، ظلم ما بعده ظلم وواقع لم يعد مقبولاً من حليف رضي بإصابة التيار كي لا يزعج حليفه الآخر”.

يؤكد التيار انه كالسيف مع حليفه ولكن “الحلف قائم على دعامتين السلاح الذي نقف معه حتى الرمق الاخير، أما محاربة الفساد فشعور التيار انه خذل من الحلفاء الذين اثبتت التجارب أن مشروع بناء الدولة ليس من ضمن أولوياتهم. وهنا الإختلاف الجوهري. إذاً لهم اهتماماتهم واولوياتهم الخارجية ولنا اولوياتنا الداخلية”.