IMLebanon

السنيورة: لتحقيق شفاف من لجنة دولية

رأى الرئيس فؤاد السنيورة أن “لبنان أمام مرحلة وجودية”، لافتا الى أن “بعض السياسيين امتهنوا تفسيخ الدولة والتسبب بالمزيد من التشنجات داخل الشعب اللبناني”. وأكد أن هؤلاء السياسيين الى زوال والشباب سيتولون نهوض لبنان”.
وأوضح في حديث الى القناة التلفزيونية السعودية “سعودي 24″، أنه طالب إثر تفجير مرفأ بيروت مع رؤساء الوزراء السابقين “بتأليف هيئة دولية للتحقيق وبشكل منفصل ونزيه في جميع تفاصيل هذه العملية المريبة والتي تثير الشكوك من أجل امتصاص غضب اللبنانيين الذين أصيبوا بصدمة هائلة بنتيجة القصور والتقصير”.

وردا على سؤال عن تفجير مرفأ بيروت، قال: “هي جريمة جرى ارتكابها من خلال عملية نقل مواد متفجرة بشكل مريب، وجرى إلباسها مظاهر وكأنها عملية نقل عادية. وتتمثل هذه العملية بحمولة سفينة كانت متوجهة كما قيل آنذاك إلى الموزمبيق، وآتية من جورجيا على البحر الأسود. وبالتالي طلب من قبطان السفينة أن تحول وجهتها الى لبنان وذلك كان في العام 2013. وعلى أساس انه كان مطلوبا من السفينة ان تحمل حمولة إضافية من لبنان. ولكن عندما وصلت الى لبنان تبين بأن السفينة غير قادرة على أن تحمل حمولة إضافية، وأنها لم تستطع ان تسدد الرسوم المرفئية اللازمة، وبالتالي جرى ايقافها، ومن ثم تبين انها غير قادرة على الإبحار نظرا لتسرب الماء من قعرها، ولذلك جرى تفريغ الحمولة وكل ذلك بتركيبات وتبريرات يقصد منها ان تأخذ الطابع القانوني من اجل ان يصار الى افراغ تلك الحمولة من كميات نترات الامونيوم ذات التركيز العالي 34.7%، وهي المواد المحظور ادخالها الى لبنان نظرا لأن هذا التركيز (concentration) في هذه المادة يجعلها قابلة للاستعمال لإنتاج المتفجرات، وليس من اجل إنتاج الأسمدة الكيمياوية للزراعة.
ومن ثم ضاعت اخبار هذه الكمية الموجودة في المستودع لفترة سبع سنوات، وبالتالي فجأة جرى الانفجار في الرابع في آب 2020، وحيث بدأ يظهر وجود مراسلات داخلية بين الأجهزة وإدارة المرفأ والقضاء. مراسلات من هنا ومن هناك، ولكن دون ان تؤدي تلك المراسلات بين مختلف الأجهزة والادارات المعنية في المرفأ من جيش ومن امن دولة ومن امن عام وقوى جمركية وإدارات قضائية إلى أي نتيجة. اتصالات ومكاتبات ورسائل دون ان يتمخض عنها أي شيء يؤدي إلى إبعاد ونقل تلك الكميات بعيدا عن لبنان أو إعادتها الى صاحبها والذي تبين بعد ذلك انه ليس هناك من صاحب معروف لها. فصاحب تلك المواد شبح، طبيعي هناك صاحب حقيقي ولكنه مكتوم”.

أضاف: “الذي تبين بعد ذلك ان هناك ثغرات في هذا المستودع تسمح لبعضهم بالدخول إلى ذلك العنبر، وبالتالي ما يتيح لمن يريد سحب كميات من تلك المواد المتفجرة تدريجيا لاستعمالها من قبل صاحب تلك الكميات والمكتوم في الداخل اللبناني أو ربما إلى خارج لبنان. وذلك يعني أن قسما كبيرا من تلك الكميات جرى إخراجها بنتيجة قول الخبراء أن هذا التفجير لم يكن ليزيد عن كميات بحدود ثلاثمائة طن من أصل الكمية الأساسية وهي 2750 طنا.
ومن ثم بدأت تتبين المعلومات بأن الذي استورد هذه الكميات هو الذي كان يشرف بشكل كامل على الاستعمال التدريجي لهذه الكميات.
وهذه الوقائع المريبة تتطلب ان يصار الى ان يكون ذلك محط تحقيق صحيح وكامل نزيه وشفاف بداية من قبل لجنة دولية لتقصي الحقائق بشكل يبين كل الحقائق، ولاسيما وان هذا التفجير قد أودى بحياة أكثر من 170 مواطنا لبنانيا حتى الآن، عدا عن المفقودين. وأدى الى إصابة عدد كبير من الجرحى أكثر من 6000، ومنهم مازال في حالة الخطر، وتدمير جزء كبير من بيروت وأبنيتها، وهذه الخسائر بمليارات الدولارات.
الآن من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة؟ المشكلة الآن هو ان رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية تحاول ان تحصر التحقيق في هذه العملية بالأجهزة وبالإدارات التي كانت هي الموجودة والمسؤولة في المرفأ. وبالتالي، فإن الأجهزة وهذه الإدارات هي التي كانت مطلعة بكل ما يجري من شاردة وواردة في المرفأ بما فيها تلك الشحنة وتلك المواد، وان الموقف الذي اتخذه السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في هذا الصدد، كان حاسما بأنه يجب الاكتفاء بالتحقيق الذي يجريه الجيش او تجريه تلك الأجهزة، وأن رئيس الجمهورية، وكذلك حزب الله وآخرون ممن يلوذون بهما ضد أي تحقيق تجريه هيئة خاصة، وهي التي يجب أن تؤلف عن طريق الأمم المتحدة او عن طريق الجامعة العربية. وبالتالي، وجدنا أيضا أن فخامة الرئيس يصر على حصر هذا التحقيق بجهة معينة بذاتها، وهي أساسا التي كانت المسؤولة في المرفأ، والتي يفترض بها أن تكون على علم تام بكل ما يجري في المرفأ وتحديدا وبما يختص بهذه الشحنة التي كان يجري بكل ما يتعلق بها تحت ناظريها وبمعرفتها.
فكيف والحال هكذا يمكن ان تتولى هذه الجهات هذه التحقيقات من قبل من كان موجودا ويعرف بكل تفاصيل هذه الكميات وكل ما طرأ بشأنها؟ لذلك اعتقد أنه ومن أجل معالجة وامتصاص هذا الغضب العارم الذي يتفاقم لدى اللبنانيين الذين أصيبوا بصدمة هائلة بنتيجة هذا القصور والتقصير وعدم التنبه والتبصر في مآلات هذه الشحنة المتفجرة، والتي وضعت وجرى تخزينها على بعد أمتار من المنطقة السكنية في مدينة بيروت، هذا الامر هو ما جعلنا نحن رؤساء الوزراء السابقين يوم الأربعاء الماضي أن نطالب بتأليف هيئة دولية للتحقيق وبشكل منفصل ونزيه في جميع تفاصيل هذه العملية المريبة والتي تثير الشكوك”.

وتابع: “حتى نكون موضوعيين لا يظهر الآن وبشكل واضح من كان ومن هو وراء هذه العملية. هو يبدو وكأنه شبح. كان يواكب هذه الأجهزة والإدارات وبدون ان يظهر من هو. وبالتالي كان هناك العديد من المراسلات التي بدأت تتكشف الآن. فلان يرسل رسالة أو يحيل الى الجهاز الفلاني وآخر يرسل الى القضاء والقضاء يرد ويعود إلى وزارة الأشغال ومن الوزارة تعاد المراسلات إلى الجمارك وغيرها. وجميعها مراسلات ولكن لا ينتج عنها أي شيء وكأن هذا الشبح، الذي هو صاحب هذه المواد، كان يتحكم بحركة سير كل هذه الاتصالات دون ان تخرج في المحصلة أي نتيجة إلى العلن. وبالتالي إن سأل أحدهم ليعرف حقيقة ما حصل، لا يحصل على شيء.
في هذا الأمر بالتحديد، سألت الرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وأيضا الرئيس سعد الحريري وهم جميعا لم يكونوا على علم ولا جرى اطلاعهم على هذا الامر على الإطلاق.
في المحصلة ما أقوله ان هذا الامر خطير، وهو بمثابة جريمة ضد الإنسانية، وليس حادث سيارة ذهب ضحيته عدد من القتلى. فهذا امر أدى الى تدمير عاصمة لبنان وأدى الى هذه الخسارات الإنسانية وهذه الضحايا البشرية وهذه الخسارات المادية، وهو امر يقتضي ان يصار الى التحقيق فيه بداية من قبل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق تؤلفها الأمم المتحدة. وبالتالي من قبل هيئة تحقيق دولية او هيئة تحقيق عربية حتى يصار الى كشف الحقيقة كاملة، وتحديد المسؤوليات. لأن الذي حصل حتى الآن لا يوحي بالثقة ولن يرضي اللبنانيين الذين نالهم ما نالهم نتيجة هذه التفجيرات. وبالتالي، فإنه لا يمكن لهم أن يسكتوا عن هذا التعتيم الجاري عن حقيقة هذه التفجيرات ولا يرضون بإجراء تحقيقات شكلية تؤدي إلى التعمية على ما جرى. وهم لذلك يرغبون بجهة تحظى بالصدقية التي يمكن ان يطمئنوا لها ويطمئنوا لنتائجها. لاسيما ان لبنان تعرض خلال السنوات الماضية الى عدد كبير من عمليات التفجير والاغتيال والعمليات الإرهابية ودائما كانت تلك الجرائم تحول الى القضاء والى الأجهزة المعنية. وفي المحصلة تضيع المسؤولية وبالنهاية يتبين ان ليس هنالك من إمكانية لتحديد المسؤوليات”.

وقال: “عبر البعض عن رفضهم على أساس ان ذلك فيه افتئات على السيادة اللبنانية. هل الاستعانة بفريق من الخبراء مؤلف من قضاة وخبراء في هذه الحقول فيه افتئات على السيادة؟ إن الذي يتباكى على السيادة الوطنية أليس من الأجدر به أن يتباكى على خرق هذه السيادة من قبل “حزب الله”، ومن خلال السلاح الذي يحمله الحزب والذي كان في الأصل، وهو يفترض به أن يكون سلاحا موجها ضد إسرائيل، وإذا بنا نجده قد تحول، وهو قد أصبح بالفعل موجها إلى صدور اللبنانيين وبعد ذلك وأكثر من ذلك إلى صدور السوريين والعراقيين واليمنيين. قل لي يا سيدي، أليس في ذلك افتئات على السيادة اللبنانية وعلى السيادة العربية؟ كيف يمكن لنا ان نبرر هذا العمل، وان ليس في ذلك خرق للسيادة ونقول في المقابل ان الاستعانة بفريق من اجل التحقيق هو امر فيه افتئات على السيادة؟ ألا يكون التدخل في شؤون الدول العربية مخالفة لعلاقة لبنان مع هذه الدول العربية؟ بالتالي أليس في هذا افتئات على السيادة اللبنانية؟ هذا هو ما يسمى الكيل بمكيالين أو ما يسمى double standard”.

وردا على سؤال عن “وجود لبنان الذي أصبح مهددا اليوم”، أجاب: “هذا صحيح. فإن هذا الوضع في لبنان الآن قد أصبح يشكل خطرا وجوديا على لبنان نتيجة استمرار استيلاء الدويلة على الدولة اللبنانية، وأعني بذلك سلطة “حزب الله” على الدولة اللبنانية. وهذه الدويلة تعمد إلى مصادرة سلطة الدولة اللبنانية، وذلك بالتعاون مع الأحزاب اللبنانية التي تشكل غطاء لـ”حزب الله”. أي أنه وبالفعل، فإن هناك نوعا من تبادل المنافع والخدمات بين “حزب الله” وتلك الأحزاب. “حزب الله” يؤمن لها المنافع من خلال وجودها في مواقع في بعض السلطات والوزارات والإدارات، وهي تقدم له التغطية لسلاحه غير الشرعي. ولقاء ذلك هو يحتفظ بقدرته على تسيير الأمور في لبنان، وفي معظم الإدارات والأجهزة، ويكون وضعه كمن يلعب بالدمى. هذا هو الوضع الذي وصلنا اليه، وهو ما يمكن “حزب الله” من السيطرة الكاملة على الأوضاع السياسية والأوضاع العامة بما فيها الاقتصاد والمال والنقد والاجتماع ومستوى المعيشة. وكل ذلك نتيجة استيلاء تلك الدويلة على الدولة. وانت تعلم أن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: “لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا”. فمن المعروف أن الدولة هي التي يجب ان تحتكر حمل السلاح واستعماله عند الاقتضاء. وهذا الأمر ليس حاصلا في لبنان. والدولة في المبدأ هي التي يجب أن تحتكر السياسة الخارجية وهذا ليس حاصلا في لبنان. وهذه بالتالي هي أبسط القواعد وابسط الشروط لوجود الدولة في الأساس. وهي أن تحتكر حمل السلاح واستعماله عند الاقتضاء، واحتكارها أيضا للسياسة الخارجية، وهذا غير متوفر. ناهيك عن ذلك، فإن الدولة هي التي يجب أن تسيطر على المرافق الأساسية للدولة اللبنانية والتي تشكل المصادر الأساسية لجباية المال والضرائب والجمارك في لبنان لصالح الخزينة اللبنانية. وكذلك هذه صفة من الصفات التي عادة تحتكرها الدولة، وهي الصفات التي أصبحت غير متوفرة في لبنان بسبب هذا التسلط على الدولة اللبنانية من قبل “حزب الله”. هذا الامر الذي قلت لك انه يؤدي الى خطر وجودي على لبنان”.

وسئل: ما الذي جعل حزب الله يسيطر ويهيمن ويتحكم على كل مفاصل الدولة اللبنانية بهذه السهولة؟ يعني عندما نتحدث عن ميليشيا ضمن دولة كيف استطاعت هذه الميليشيات أن تسيطر على دولة كاملة بكل مؤسساتها ومقدراتها وخيراتها؟
أجاب: “هناك أمران يجب التركيز عليهما: الامر الأول، وهو الامر الأساس الذي تعود اليه معظم المشكلات التي يعاني منها لبنان، وهو الاحتلال الإسرائيلي واستمرار جزء من لبنان محتل من قبل إسرائيل. فحزب الله عندما تأسس في مطلع الثمانينات وكان ذلك بعد الاجتياح الإسرائيلي وبعد قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان المنطق والتبرير لوجود حزب الله ولسلاحه هو العمل على طرد إسرائيل وإخراجها من لبنان. وهذا الامر استمر ومنذ العام 1982 الى عام 2000 عندما انسحبت إسرائيل من لبنان. وبالتالي انتفى المبرر لاستمرار هذا السلاح بعد انسحاب إسرائيل. لكن الذي جرى بعد ذلك هو التآزر بين “حزب الله” والنظام السوري، وبالترتيب بينهما، بأن يصار الى عدم مساعدة لبنان على اثبات ملكيته لمنطقة مزارع شبعا. وبالتالي، وقع لبنان في ازمة ومفارقة خطيرة وكبيرة والقصد منها ليس الا تبرير استمرار وجود السلاح في يد “حزب الله” خارجا عن سلطة الدولة. وبالتالي وبما يعني أن تكون هناك ثنائية في السلطة في لبنان.
مزارع شبعا هي مزارع لبنانية لكن سوريا تدعي أن هذه المزارع هي ملكها وتابعة لسيادتها. “حزب الله” يقول في المقابل أن هذه المزارع لبنانية وانا أقول انها لبنانية، وفي ذلك اختلفنا مع سوريا. وبالتالي هذا الامر استغلته اسرائيل لاستمرار احتلالها للبنان. فهي عندما تقول ان لسوريا فإنها تدعي عندها أن احتلالهما لتلك المزارع يعود للمشكلة ما بينها وبين سوريا وهي لا تنسحب من تلك الأراضي، بينما لبنان، وحسب القرار الدولي 425، وكذلك حسب القرار الدولي 1701، فإنه يفترض بإسرائيل أن تنسحب من جميع الأراضي اللبنانية. ولكن سوريا من جهتها لا تقبل بترسيم الحدود بينها وبين لبنان، ولا بتحديد الحدود ولا تأبه أيضا لإعطاء هذه التأكيدات لا للدولة اللبنانية ولا للعالم بأن مزارع شبعا لبنانية. وبالتالي هذا الامر وضعنا بمشكلة مقصود منها ان يظل التبرير قائما لاستمرار وجود السلاح في يد حزب الله وخارجا عن سلطة الدولة اللبنانية”.

أضاف: “من جهة أخرى، كانت هناك مصالح: “حزب الله” يريد ان يحتفظ بسلاحه وعون يريد أن يصبح رئيس جمهورية. وبالتالي، فإن هناك حاجة لتبادل المصالح. وهذا الامر دفع بـ”حزب الله” الى ان يستفيد من رغبة الجنرال عون في ان يصبح رئيسا للجمهورية وبالتالي لعب الحزب على هذا الموضوع وعمل على توقيع الاتفاق في كنيسة مار مخايل في العام 2006 من اجل تمكين الرئيس العون بأن يصبح رئيسا للجمهورية وتمكين “حزب الله” من الاستمرار في الاحتفاظ بسلاحه. ومن ثم كانت هذه العلاقة المبنية على مصلحة للجنرال عون في ان يصبح رئيسا لجمهورية وهذا ما مكنه من ان يصبح بعد ذلك رئيسا للجمهورية، وذلك بعد أن أصر على تعطيل سدة الرئاسة لمدة سنتين ونصف. وبالتالي أن تستمر هذه العلاقة غير الصحيحة وغير الدستورية. وبالتالي، إعطاء الحزب هذه الصلاحية عندما يقول الرئيس عون ان الجيش اللبناني هو غير قادر على حماية لبنان وإننا بحاجة الى سلاح “حزب الله” وبالتالي بحاجة الى هذه الازدواجية التي ذكرتها لك. إنه بذلك يفتئت حزب الله على الدولة اللبنانية وعلى سيادتها. وبالتالي ينتقص من ما يسمى الاستقلال والسيادة اللبنانية بوجود هذا السلاح”.

وعن دور إيران في لبنان، وكلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله ان “معاشاته ومصاريفه كلها تأتي من إيران”، قال: “أنت ذكرت أن رواتب ومعاشات الحزب، وكذلك أوامره أيضا تأتي من إيران. وبالتالي تظهر وجوه الاستغراب والتناقضات. إذ انه من المستغرب ان أولئك الذين يدافعون عن هذا السلاح لا يلفتهم أن في ذلك افتئات على الدولة اللبنانية وعلى السيادة اللبنانية. ان هذا الامر قاله السيد حسن نصر الله وكرره مرارا وتكرارا. وهو كان يقول ذلك وما زال يقوله. المشكلة ليس فقط أن هناك افتئات على الدولة اللبنانية وعلى السيادة اللبنانية. بل أكثر من ذلك، فإن ما يجري هو أيضا افتئات على علاقات لبنان مع العالم والعالم العربي. وبالتالي هناك خطيئة ترتكب في حق لبنان، إذ أن لبنان أصبح يستعمل منصة للتهجم على عدد من الدول العربية وبالتالي التهجم على علاقات لبنان مع العالم، وأدى بلبنان الى الوقوع في هذه العزلة التي أصبح يعاني منها.
بعبارة أخرى هناك من يضع لبنان ويحمله ما لا يحتمل بل ويضعه على ممرات الافيال الإقليمية والدولية وبالتالي يصبح لبنان أشبه ما يكون بكرة تتقاذفها تلك الافيال، وهو لا يستطيع ان يتحمله بسبب ظروفه ومن ناحية تكوينه، ولا يتحمله أيضا بسبب طبيعته وتنوعه وأيضا بسبب أن مصادر رزق أبنائه هي في قسم كبير منها مع الأشقاء العرب. فلبنان لا يتحمل ان يكون في مثل هذا الوضع. ولذلك كان دائما هناك هذا الاختلاف في المقاربات، والتي كان الحزب يحاول ان يستفيد من تلك الخلافات ومن وهج السلاح الذي ما تورع في مرات عديدة عن استعماله كأداة للتهويل والتهديد في الداخل اللبناني وهو عندما قام بتلك الهجمة على اللبنانيين في السابع من أيار عام 2008، والتي قال عنها يوم ذاك السيد حسن نصر الله بأنه يوم مجيد، تصور أن يقال هكذا!”.

وفي موضوع استقالة الحكومة، أشار الى أن “حكومة الرئيس حسان دياب كانت قد وصلت الى نهاية عمرها الحقيقي قبل فترة من الزمن، وهي بالفعل كانت تعيش على التنفس الاصطناعي. المهم انها الآن قدمت استقالتها”.
وقال: “الآن، حسب ما ينص الدستور اللبناني، فإن الحكومة تصبح حكومة تصريف اعمال. وتصريف الاعمال في الحد الأدنى يفترض وحسب الدستور ان يبادر فورا رئيس الجمهورية الى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة. وبالتالي ينبغي على الرئيس أن يبادر إلى دعوة النواب الى الاستشارات النيابية الملزمة فورا.
فخامة الرئيس، وفي ما خص هذه الحكومة التي ترأسها دياب قام بالتلكؤ والتأخير في إجراء هذه الاستشارات الملزمة 50 يوما لإجرائها. وهذا مخالف للدستور وليست هذه المرة الاولى التي يخرق فيها رئيس الجمهورية الدستور، ولاسيما أن الدستور اللبناني يضع رئيس الجمهورية في الوضع المميز إذ يجعله الساهر على حماية الدستور اللبناني واحترامه. وهذا ما يعطيه دوره المميز، وذلك ما أخفق فيه رئيس الجمهورية في القيام به، وبالتالي هو آنذاك، بادر الى ما يسمى بإجراء مشاورات التأليف قبل التكليف والذي ايضا يظهر الآن ان فخامته سوف يأخذ وقته في عمليات المشاورات قبل التكليف، وهذا أمر مخالف للدستور. وهذا الأمر يجري في الوقت الذي يفتقر لبنان إلى ذلك الترف في التأخير، فأوضاعه الوطنية والاقتصادية والمالية والنقدية لا تسمح له بهذا التكليف”.

واعتبر أن “المشكلة ليست فقط بالحكومة، التي هي أمر زائل، وهي قد استقالت الآن”، لافتا الى أن “المشكلة هي في من هم وراء الحكومة أكان ذلك بالنسبة لفخامة الرئيس، وفي أسلوبه ومقاربته ونهجه وأدائه في العمل، والذي هو كله مخالف للدستور”. وقال: “السلطة التنفيذية والصلاحية الحقيقية حسب الدستور اللبناني هي للحكومة وهي صاحبة القرار لكن هذه الحكومة التي تألفت جاءت نتيجة انصياعها إلى معاندة رئيس الجمهورية والى تعليماته. وكذلك فإن رئيس الحكومة ومن هم وراء هذه الحكومة الذين اختاروا أولئك الأعضاء ليكونوا اتباعهم، وهي أشبه ما تكون بحكومة الدمى التي يجري تحريكها من الخارج من قبل تلك الاحزاب الطائفية والمذهبية. ولذلك، فإن جرى تغيير هذه الحكومة بما معناه أن يجري فقط تغيير الأشخاص واستند إليهم بالإتيان بأشخاص يتبعون التعليمات نفسها، فإن الأمور لن تتغير. وهذا الوضع لا يتغير ولا يؤدي الى أي جديد ان لم يتغير الاسلوب والنهج والمقاربات وبالتالي التصرفات من قبل رئيس الجمهورية و”حزب الله” حتى تستطيع الحكومة ان تمارس دورها في الحكم في لبنان”.

وعن بقاء رئيس مجلس النواب في منصبه منذ العام 1992، قال: “هذا الموضوع نتيجة أنه لا يترشح أي شخص آخر بديلا عن الرئيس بري من الطائفة الشيعية. وبالتالي ينجح الرئيس بري في كل مجلس نواب يصار الى إعادة انتخابه التالي. هذا الامر هو نتيجة اللعبة الديمقراطية والبرلمانية هذا ليس امر طبيعيا ابدا ان يبقى المسؤول في ذات الموقع لمدة 28 سنة لرئيس مجلس نواب ولكن هذا حق النواب في ممارسة ما يريدونه في انتخاب من يريدون كرئيس للمجلس”.

وسئل عن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت وحديثه مع المسؤولين اللبنانيين، فقال: “هناك قول في لبنان يقول “ما الذي احوجك الى المر قال الذي هو أمر منه”. وهناك ايضا حديث للرسول صلى الله عليه وسلم “ولا يسبن الرجل اباه قال وكيف يا رسول الله قال ان يسب المرء آباء الاخرين فيسبوا أباه”. ما معنى هذا؟ معنى هذا الكلام أنه لو أن لبنان واللبنانيين والمنظومة السياسية في لبنان قامت بدورها لما كانت هناك حاجة الى ان يأتي رئيس الجمهورية الفرنسية الى لبنان ويوبخ اللبنانيين والسياسيين في لبنان ورئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة والسياسيين وغيره.
لا أقول هذا الأمر دفاعا عن الرئيس الفرنسي وقبله عن وزير الخارجية الفرنسي، ولكن يحزنني أن أولئك السياسيين لم يقوموا بما عليهم أن يقوموا به ما استدعى الطرف الأجنبي أن يكون لاذعا في التعليق على تصرفاتهم”.

أضاف: “الواقع الذي رأيناه هو كما يقولون “ليس رمانة بل قلوب مليانة” وهو ناتج عن تراكمات. الحقيقة أن هناك استعصاء مزمنا على الإصلاح في لبنان. كما جرى انقلاب كبير في توازن القوى الذي حصل في المنطقة وفي دور إيران. وهذه بمجموعها أدت إلى تدهور كبير في الأوضاع اللبنانية والوطنية والداخلية وايضا جرى التلاعب بالتوازنات الداخلية والتوازنات الخارجية، وفي علاقة لبنان بالعالم الخارجي والعربي والآخرين، وهذا ما أدى إلى ما يسمى بالابتعاد عما هي عليه مصالح لبنان في علاقته مع العالم العربي. وبالتالي أدى الى هذا التدهور بالثقة. ولقد فاقم تلك الأمور التدهور الكبير الحاصل على الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية، وبالتالي أدى إلى الانهيار في الثقة، وإلى انهيار في العملة اللبنانية، وإلى تدهور الأوضاع في لبنان. لبنان اليوم يطلب مساعدات من صندوق النقد الدولي، ولكنه يستمر في الاستعصاء على القيام بالإصلاحات التي طال انتظارها. بعد ذلك أتى وزير الخارجية الفرنسي الى لبنان ليقول للبنانيين: “عليكم ان تساعدوا انفسكم حتى نستطيع ان نساعدكم”.
من جهة أخرى، أنت تعلم أيضا أن هناك علاقة تاريخية بين لبنان وبين فرنسا. ولكن، وعندما حصل هذا الانفجار في المرفأ اضطر الرئيس الفرنسي الى أن يأتي الى لبنان، وهو فعليا اول ما قام به بعد هبوط طائرته في لبنان انه نزل الى الاماكن التي تضررت من الانفجار. وبالتالي اجتمع إلى الناس واستمع إليهم وتجاوب معهم وهم كانوا صريحين جدا معه، وبالتالي كان لقاؤه بعد ذلك مع الرؤساء والسياسيين في جو اللقاء المحتدم الذي نقل لهم ما عبر عنه اللبنانيون الذين قابلوا الرئيس ماكرون. وبناء على هذا الواقع، قد طلب منهم، وقال لأولئك المسؤولين أيضا انه يحب لبنان ولكن أنتم لا تمارسون هذه المسؤولية كما ينبغي وانا سآتي مرة ثانية في الاول من ايلول لكي اشهد على ما قمتم به من إصلاحات من أجل تصويب الأمور في لبنان. نعم اعطاهم مهلة شهر تقريبا بعدها استقالت الحكومة. وهو اختار الاول من أيلول، أي بعد عشرين يوما، وهو التاريخ الذي يصادف يوم الإعلان عن لبنان الكبير الذي جرى في العام 1920″.

وأوضح أن “حكومات الوحدة الوطنية في الانظمة الديمقراطية أمر يحصل عادة عندما تحدث احداث معينة هامة وخطيرة تتطلب جمع جميع القوى السياسية في حكومة وحدة وطنية. مع نهاية تلك الاحداث ينتهي هذا النمط من الحكومات”. وقال: “هذا النمط من الحكومات أدى بالنهاية في لبنان إلى أن يكون هناك أسلوب غريب يؤدي بالفعل الى حال من تبادل الفيتوات ما بين المكونات لتلك الحكومات. وبالتالي أصبح من العسير ان يصار الى اتخاذ القرارات. وبالتالي كان نتيجة ذلك صعوبة التوصل إلى توافق دائم وفي كل أمر كان هناك مشكلة. بينما في النظام الديمقراطي حيث تحكم الأكثرية دون إلغاء الأقلية او تهميشها تكون اللعبة الديمقراطية صحيحة ويسهل ذلك في عملية اتخاذ القرارات الصحيحة.
ما زاد الأمور تعقيدا أنه في العام 2018 جرت الانتخابات النيابية في ظل نظام اتفاق الدوحة، وهو ما أدى فعليا إلى زيادة حدة الانقسامات والخلافات النيابية والتشنجات الطائفية والمذهبية. ليس ذلك فقط، فقد جرت في أحيان عديدة مخالفة اتفاق الدوحة وجرى تحقيق الغلبة لصالح فريق على الفريق الآخر”.

وسئل: دولة الرئيس انت كنت ايضا شاهدا، كنت رئيسا للوزراء اثناء اقتحام “حزب الله” لبيروت واقتحامها وحصار السرايا الحكومي وبالتحديد اصحاب القمصان السود الذين يتبعون حزب الله وكانت محاوله لإجبارك على الاستقالة وانسحب الكثير من وزراء “حزب الله” آنذاك من الحكومة في تلك الفترة، فكيف تعلق على هذه الحادثة؟
أجاب: “الاعتصام حصل خلال حكومتي الأولى، حين قام حزب الله وحركة أمل بتقديم استقالاتهم بعد ان جرى اغتيال الوزير بيار الجميل. دعني هنا أوضح لك إني وفي كل المراحل التي مررت بها في تلك الفترة كنت حريصا جدا على احترام الدستور اللبناني. وعندما استقال بعض الوزراء ومطالبة الأكثرية بأن تشمل هذا الاغتيال سلطة المحكمة الدولية التي كانت قد تمت الموافقة عليها في جلسة الحوار الاولى التي جرت في آذار من العام 2006 وبحضور السيد حسن نصر الله بالذات، وأيضا في حضور الرئيس بري وغيرهم وجميعهم فقد تم التوافق على إقرار المحكمة الدولية لكنهم لجأوا الى الاستقالة لتعطيل عملية إنشاء المحكمة الدولية، والتي أقرت بعد ذلك على أساس الفصل السابع، ولم تشمل محاكمة قتلة الوزير السابق الشهيد بيار الجميل.
في شأن استقالتهم، فإن الدستور واضح بشأن كيفية تأليف الحكومة، والتي يجب ان تكون محترمة لكل المكونات التي يتألف منها لبنان. اما عندما نأتي الى موضوع الاستقالة، فإن الدستور واضح بأنه يشترط لكي تستقيل هذه الحكومة عدة شروط وأحد هذه الشروط هو ان يستقيل ثلث اعضاء الحكومة. والذين استقالوا آنذاك كانوا اقل من ثلث اعضاء الحكومة وبالتالي انا الذي سعيت آنذاك ان لا اقبل تلك الاستقالة وبذلت المستحيل لأن يعودوا إلى الحكومة. وسعيت إلى أن تجري محاسبة الحكومة في المجلس وهو المكان الصحيح لمحاسبة الحكومة، ولكنهم عطلوا المجلس لأنه لم تكن لديهم الأكثرية. وهم بذلك عطلوا النظام الديمقراطي. والحقيقة أقولها مرات ومرات انه خلال فترة الاعتكاف وخلال فترة الاعتصام الذي مارسوه في تلك الفترة، كان هناك بعض من الوزراء يحضرون ويمارسون الاعمال الوزارية وهم مستقيلون وكانت استقالتهم لم تقبل. وبالتالي انا الذي اقوله انني حريص على احترام الدستور ولذلك انا اعتبر ان الحكومة التي ترأستها وفي فترة اعتصامهم، كانت حكومة دستورية بكل ما للكلمة من معنى. وبالتالي هذا الامر هم لجؤوا الى استعمال القوة آنذاك وحصل ما حصل في السابع من ايار من العام 2008 وقاموا باحتلال بيروت ولجأوا إلى استعمال القوة”.

وعلق على كلام الامين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، قائلا: “أنا أسمع الشيخ صبحي الطفيلي من وقت لآخر، ولكن هذا الخطاب لم اسمعه. ولكن عندما يهاجم الشيخ صبحي الطفيلي حزب الله، فإن هناك الكثير ممن يؤيدونه في كلامه. فهو قد قام وبشكل مباشر وعبر عن رأيه دائما وهو عادة يهاجم الحزب ويتهمه بالمسؤولية عما جرى. أنا لا أستطيع الآن ان أوجه أي اتهام مباشر لحزب الله في ما خص التفجير الذي جرى. انا ما أقوله إن ما جرى يؤكد على وجود ريبة وشكوك كثيرة بشأن تلك المواد المتفجرة. وهذا الأمر يستدعي المبادرة فورا إلى الاستعانة بهيئة مستقله نزيهة وحيادية وبدءا بلجنة دولية لاستقصاء الحقائق ولتجري التحقيقات وعليها ان تتمتع بالنزاهة والحرفية من اجل تحديد المسؤوليات ومعرفة كامل ما جرى. ليس لدي الآن ولا أستطيع ان اقول ولا بإمكاني ان اوجه التهم ولكن هناك ما يسمى بمعطيات خطيرة يجب التحقق منها وهي تستند إلى وقائع بشكل او بآخر، لكن هذا الامر ليس كافيا وصالحا من اجل توجيه التهم بشكل كامل. ولكن انا احترم موقف الشيخ صبحي طفيلي وانا أدرك لماذا هو يتكلم بهذا الاسلوب”.