IMLebanon

لا شراكة في ظل السلاح والتهديد

كتب صفوح منجّد  في “اللواء”:

تزدحم التحركات والأجندات الدولية والإقليمية على الساحة اللبنانية في الساعات القليلة القادمة، وفي الأيام المقبلة، وفي مقدمها إعلان قرار المحكمة الدولية في لاهاي في ما يتعلق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ومعاونيه وعدد من المواطنين في العام 2005، وكذلك في ما يتعلق بجرائم اغتيال بعض قيادات وشخصيات 14 آذار، وهو القرار الذي ينتظره اللبنانيون بعد تعليق الإعلان عنه بُعيد التفجير في مرفأ بيروت إلى 18 الجاري، وما قد يكشفه من مستجدات ونتائج ووقائع وإنعكاساتها على الساحة اللبنانية في الظروف المأساوية الراهنة.

ويتزامن ذلك مع عجقة جيوش وبوارج وحاملات طائرات في شرق البحر المتوسط في أعقاب تداعيات جريمة العصر في مرفأ بيروت، حيث من المتوقع أن يقوم الرئيس الفرنسي ماكرون بزيارة جديدة إلى لبنان كما وعد في الأول من شهر أيلول المقبل، وفي غضون ذلك تترقب الأوساط ما قد يصدر عن الأمم المتحدة من قرارات تتعلق بالتجديد لليونيفل في جنوب لبنان والتوسّع في تفعيل دورها، كل ذلك وسط التكهنات بإصدار النتائج الأولية للتحقيقات التي يجريها الفريق اللبناني بخصوص جريمة المرفأ.

ولفت المراقبون إلى احتدام الصراع الدولي حول لبنان والذي بات يستحضر التاريخ من أطماع توسعية تستهدف السيطرة على لبنان في إطار الإحتلالات المختلفة التي تعاني منها معظم بلدان الإقليم من سوريا إلى العراق، فالخليج وصولا إلى ليبيا بالرغم من الموقع الذي يمثله لبنان على الصعيدين العربي والدولي، وبنتيجة واقعه الديموغرافي وتعدد طوائفه إضافة إلى علاقاته التاريخية مع العديد من دول العالم التي تسعى إلى إدخاله إلى غرفة العناية الفائقة لتزويده بالأوكسيجين وبالأمصال الكفيلة بإبقائه على قيد الحياة بعد تراكم المآسي التي عانى ويعاني منها البلد منذ عقود من الزمن.

وتؤكد الأوساط أنّ رُعاة الحل في لبنان من دول عربية وغربية باتوا على يقين بأنه لا بد من تدخّل حاسم لإخراج لبنان من أزماته وفق حلول تبدأ بتحييده عن أزمات المنطقة ووضع حد لتفرّد حزب الله بالسلاح خارج إطار الدولة اللبنانية ووقف التدخلات الإيرانية وسواها، والقيام بسلسلة إجراءات عملية في هذا الإطار تبدأ بإجراء إنتخابات نيابية جديدة بإشراف الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وتشكيل حكومة حيادية مستقلة ووضع كل الأسلحة بتصرف الجيش اللبناني وتفويض هذا الأخير بضبط المعابر الحدودية إضافة إلى متابعة تنفيذ القرارات الدولية بشأن الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

وأشارت الأوساط المحلية بصورة خاصة إلى أنّه لم يعد من المقبول تحت أي حجّة ولأي سبب أن يستمر حزب الله بالاستقواء بسلاحه في كل الشؤون الداخلية بحجّة التصدّي لإسرائيل، بما في ذلك تهديد كافة المكوّنات اللبنانية وإلصاق تهمة العمالة بها، بحيث أصبح من المطلوب وبكل جدية وإصرار عقد ميثاق جديد بين اللبنانيين يستشرف الحاضر والمستقبل وينقي الساحة المحلية من الشوائب التي طرأت على العمل الوطني، على قاعدة أنّ لا شراكة في ظل الاستقواء بالسلاح والتهديد به واستخدامه في حالات عديدة شهدها لبنان في السنوات الأخيرة داخل العاصمة وخارجها.

وفي هذا الإطار، تُجمع الأوساط المطلعة على أنّ وضع حزب الله في المرحلة الراهنة وفي ضوء أحداث المنطقة وخاصة في سوريا والعراق، ليس في أفضل حالاته كما ينعكس ذلك على إنهيار شعبية التيار الوطني في العديد من مناطق نفوذه في ضوء التطورات اللبنانية الأخيرة وما يصرّح به رئيس التيار من مواقف لإستنهاض عناصره والموالين له وفق الإسلوب نفسه الذي اتبعه أمين عام حزب الله في خطابه الأخير، كما بات العديد من اللبنانيين وفي المناطق المتضررة من التفجير المجرم يرفضون تلك” الأبوّة” ويشيرون في مجالسهم إلى أن كل إنسان له أب واحد وأم واحدة يقومان برعاية أبنائهم لا بيعهم وجعلهم “وقودا” في حرائق المنطقة.