IMLebanon

غسان سركيس: “التيار” إنتهى وحلّت مكانه الباسيلية

كتبت ريتا ابراهيم فريد في “نداء الوطن”:

أثار الفيديو الذي نشره المدرّب غسان سركيس ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق فيه هجوماً عنيفاً على الرئيس ميشال عون والعهد، وعلى “التيار الوطني الحرّ” ورئيسه جبران باسيل ومناصريه، علماً أنّ سركيس كان في سنوات سابقة من أشدّ المناصرين لـ”التيار”. سركيس الذي شارك في صنع بطولات كرة السلة في عصرها الذهبي، يشير في حديث لـ”نداء الوطن” الى أنّ كرة السلة قدّمت أمجاداً للبنان عجزت كل الطبقة السياسية عن تقديمها، كما يؤكّد بكل صراحة وجرأة على شعار “كلّن يعني كلّن” من دون أي استثناء.

لو عدنا بالزمن الى الوراء، ماذا كان يرى غسان سركيس في العماد ميشال عون؟

كنت أرى في العماد ميشال عون رجلاً من الشعب، يتكلّم بلغة الشعب ويشعر معهم.

قاد حرب تحرير لبنان حين كان الجميع مستسلماً ومتواطئاً، ودعمناه حينها. بعدها قاد حرباً ضدّ الميليشيات، ودعمناه أيضاً لأننا كنا نعتبر أن التخلّص من تسلّط الميليشيات كان أمراً ضرورياً. فوجدنا في هذا الشخص أملاً، وظننا أنّ وصوله الى الحكم سيؤدي الى تغيير إيجابي، لأنه كان يتمتع بالجرأة والإيمان بأنّ كل شيء كان يسير في الطريق الخطأ.

واليوم، ماذا بات غسان سركيس يرى في الرئيس ميشال عون؟

الجميع يسألنا لماذا انقلبتم ولماذا غيّرتم؟ أنا لم أنقلب، فأنا ما زلتُ في الخطّ نفسه وما زلتُ مؤيداً للتغيير والإصلاح الجذري. لكن اليوم، وكما قال الاعلامي هشام حداد، تبيّن أن العماد عون هو “بائع أوهام”. فمنذ وصوله الى قصر بعبدا حتى اليوم، خلف بكلّ وعوده ولم نشهد أيّ تحسّن. وفي حين كان يقال إننا تيار ينتخب رئيسه، لكن ما حصل أنّه تمّ تعيين هذا الرئيس وقد قام العماد عون بتجيير “التيار” الى صهره، وعاد وجيّر العهد له لأنه يحبه. وأنا منذ أربع سنوات، وحتى قبل أن يستلم باسيل رئاسة “التيار”، قلتُ إنه سوف “يأكل لحم كتافه لعون”، وهذا ما حصل فعلاً.

أريد أن أسأل العماد عون سؤالاً: لو كان لا يزال في الرابية، وكان الرئيس سليمان لا يزال في بعبدا وارتفع الدولار الى الـ1700 ليرة، ولن أقول الى الـ8000، ماذا كان ليفعل العماد عون؟ والى أي درجة كان سيستشيط غضباً؟

لكن عندما وصل الى الحكم وحصل ما حصل، ها هو يعتبر أنّ البعض “ما خلّوه”، في وقت كان يهاجم الآخرين من دون أن يعتبر أنّه من الممكن أن يكون أحدٌ ما “ما خلّاهن”.

كان يقول إننا لا نريد رئيساً ضعيفاً، واعتبرنا أنه الرئيس القوي. ثم قال إنه يريد كتلة نيابية قوية، فقمنا بانتخاب مرشّحي “التيار” كي نؤمّن له تكتّلاً قوياً. لكننا رأينا اليوم ما فعله بالبلد، هو والتكتل القوي وحلفاؤه والأجهزة الأمنية، ومن هنا نقول إنه بائع أوهام.

لو فصلنا شخص الرئيس عون عن “التيار الوطني الحرّ” ككلّ، ما هي مآخذك على “التيار”؟

“التيار” بدأ بالتآكل بعدما خرج منه عدد كبير من الذين كانوا يؤمنون بالتغيير والإصلاح الحقيقي، وليس أصحاب التبعية العمياء للزعيم. واليوم أرى أنّ “التيار” انتهى وحلّت مكانه الباسيلية. ولا شك بأنّ عدداً من الناس لا يزالون مغشوشين بباسيل، كون العماد عون هو من عيّنه. لكن الباسيلية هي مجموعة ضمن مصالح، فباسيل هو صهر العهد وهو الآمر الناهي، ولا يمكن لأيّ كان أن يصبح نائباً أو وزيراً إلا إذا كان باسيل راضياً عنه.

أنا أجد أن مستقبل “التيار” قاتم وكثير السواد، ففي “أيام العزّ” تبيّن أنّهم كاذبون، فتخيّلي ماذا سيحلّ بهم حين يخرج العهد من يدهم، وماذا ستفعل الناس بهم، وماذا سيفعلون ببعضهم البعض. هذا الكلام للتأريخ، وستتذكرون ذلك: سنكون أمام انشقاقات بالجملة، لسبب واحد هو أنّ باسيل لا يمكن أن يكون قائداً. في المقابل، يوجد عدد كبير من الناس كان يمكن أن يقودوا هذا “التيار” أفضل من باسيل، وهؤلاء لن يسيروا وراءه عندما يسقط السيف من يده.

نشرت مقطع فيديو توجّهت فيــــــه بعبارات نارية وقاسية جداً. كثيرون تساءلوا: لمَ هذا “الحقد” على الرئيس وعلى جبران باسيل؟ علماً أنك كنت تستطيع أن توجّه انتقادك من دون اللجوء الى هذا الهجوم العنيف.

أنا خرجتُ من “التيار” منذ أربع سنوات تقريباً إثر الخلاف الذي وقع على خلفية انتخابات كرة السلة، حيث شعرتُ أن هؤلاء الأشخاص يقولون شيئاً ويفعلون عكسه ولا يضعون الشخص المناسب في المكان المناسب. أنا لستُ حاقداً على “التيار”. أنا حزين على نفسي وعلى نضال أربعين سنة. فمنذ أن كان العماد عون قائداً للّواء الثامن، كنتُ مؤمناً به، فشعرتُ اليوم أنّ كل هذه السنوات ذهبت سدى. وأؤكّد على أنّ كلّ اللبنانيين يجمعون للمرة الاولى على أنه أسوأ عهد في تاريخ لبنان.

الرئيس سليمان لم يعدنا بشيء. كان رئيساً ضعيفاً وانتقدناه. لكنّ العماد عون وعدنا بأن يسلّم البلد الى خلفه أفضل مما كان. ماذا سيسلّم؟ بيروت دُمّرت، ولم يكلّف نفسه عناء النزول الى الشارع والسير بين الناس لتفقّدهم بعد هذه الكارثة. حتى البطريرك، أيعقل انه لم ينزل الى شوارع بيروت المنكوبة؟ من هنا نقول “كلّن يعني كلّن”، وأعني بكلامي كل الأطراف السياسية لأن الفساد يطال جميع الزعماء السياسيين.

يقال إنّ نقمتك اليوم على “التيار” هي بسبب خلاف شخصي مع الوزير باسيل. ما صحّة هذا الموضوع؟

بكلّ صراحة، رأيتُ جبران باسيل مرّتين فقط: الأولى عندما اجتمعتُ معه، والثانية خلال الانتخابات حيث أرسلوا لنا دعوة الى حضور ندوة في البترون. الخلاف بدأ حين تدخّل في انتخابات اتحاد كرة السلة بأسلوب سياسي فاضح، بعدما دعم شخصاً غير مناسب، فبدأ الخطأ من هُنا. أنا دعمتُ وقتها شخصاً آخر علماً أنه ينتمي الى “القوات اللبنانية”، لأنه مناسب أكثر لهذا المنصب. عندها تلقيتُ اتصالاً من مركزية “التيار” يقولون لي إنني مدعو الى لجنة تحقيق حزبية لأنني خالفتُ قرار الحزب. عندها شتمتهم وشتمتُ جبران باسيل لأنه حاول أن يدوس على كرامتي. هكذا بدأ الخلاف معه وأنفي نفياً قاطعاً أن يكون الخلاف شخصياً. أنا لم أطلب منهم أيّ منصب أو أية خدمة شخصية، كل ما طلبته هو الدعم المادي لنادي الشانفيل أسوة ببقية الأندية التي تدعمها الاحزاب، وهذا ليس أمراً سيئاً، إنما السوء في تدخّل السياسيين في القرارات الرياضية.

يصفك البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بأنك “بلا مبدأ وقليل وفا”، كيف تردّ؟

هل كلّ من خرج من التيار “قليل وفا”؟ شامل روكز “قليل وفا”؟ الوفاء بالنسبة اليهم عبودية. هناك أشخاص يعبدون الزعيم في لبنان، وهذا الأمر ليس مقتصراً فقط على “التيار”. قيل أنني غضبتُ عندما رفض باسيل طلبي بتعييني وزيراً للشباب والرياضة، وأنا أجزم بأنني لم أطلب منه شيئاً. وأكثر من ذلك، إذا عرضوا عليّ اليوم أن أستلم هذه الوزارة في ظلّ هذا العهد، سيكون جوابي أنني أفضّل أن “ألمّ الزبالة” في الجمّيزة مع الأهالي، فأنا لا أتشرّف بأن أكون وزيراً في هذا العهد.

هل تؤيّد الحركة التي يقوم بها العميد شامل روكز؟

طبعاً، فشامل روكز شخص نظيف، وقد ضحّى من أجل لبنان في كل الحروب التي مرّت علينا. أنا أدعمه من باب الصداقة، وأستطيع أن أصرّح له برأيي بتجرّد. وكنتُ قد دعوته كي يستقيل قبل أن ينزل الى الساحة. واليوم أدعو الثوار الى النظر في موضوع شامل روكز، وألا يعتبروا أنّه يؤدي دوراً تمثيلياً ما كونه متزوّجاً من ابنة الرئيس، بل أؤكّد لهم على أنّ روكز مؤيّد للثورة بكل قناعة، وأنّ تصوّره للبنان أكبر بكثير من التصوّر الطائفي الضيّق البغيض.

كيف ترى وضع الثورة التي عاد واشتدّ زخمها إثر انفجار بيروت؟

الثورة شعلة موجودة في قلوب كل الشباب، والجيل الجديد هو من سيبني لبنان. أدعوهم الى إلغاء الطائفية والى الجلوس مع الطرف الآخر للتوصّل الى إيجاد قواسم مشتركة. وأقول للجيل الجديد الذي نزل الى الشارع كي ينظّف بيروت: أنتم جيشنا وأنتم القوى الأمنية. أنتم حكومتنا ورئيس جمهوريتنا. أنتم السلطة الجديدة التي ستنقذ لبنان. أيام الزعماء الحاليين أصبحت معدودة، ولا بدّ لقيادة شبابية جديدة أن تستلم الحكم وتأخذ لبنان الى برّ الأمان.