IMLebanon

“الحزب” يتعرض لحصار.. فكيف يمكن ان يفلت منه؟

في المشهد السياسي العام، يبدو حزب الله منتصرا مزهوا بإنجازاته واحكام قبضته على الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها الدستورية من رئاسة الجمهورية نزولا حتى موظفي الادارات العامة، وقد جاء حكم المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليضيف الى رصيده، على الأقل شعبياً، مع تبرئة ثلاثة من المتهمين وادانة سليم عياش فقط، خلافا للتوقعات وآمال البعض. غير ان ما يطفو على واجهة المشهد لا يعكس المضمون الحقيقي لوضع الحزب، بحسب ما تقول اوساط سياسية معارضة لـ”المركزية” فالظاهر شيء والباطن شيء آخر.

ليس الحزب في احسن حال، لا بل في الاسوأ على الارجح، وما يدور على الساحة اللبنانية ليس سوى بداية تفكيك منظومته لولوج التسوية السياسية الكبرى المقبلة على لبنان والمنطقة، توضح المصادر، فلا تسوية مع السلاح غير الشرعي ولا تسوية مع الاغتيالات الارهابية ولا تسوية مع السلاح المنتشر في بيئة طائفية، والتسوية آتية لا محالة لاعادة بناء الدولة القوية، في استعادة لسيناريو نهاية الثمانينات، ولئن بصيغة مختلفة.

وليست مواقف امين عام الحزب السيد حسن نصرالله الاخيرة بما انطوت عليه من تحذير وتهديد مباشر للقوى التي تحاول المس بمراكز قوة الحزب في السلطة وهي رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، بعدما اُسقطت حكومته برئاسة الرئيس حسان دياب، واتهام من يتعرض الى هذه المواقع او يستهدفها بتنفيذ مؤامرة خارجية على لبنان بايعاز من السفارات، والتهديد بأن الحزب لن يقف مكتوف اليدين حيالها، سوى محاولة لابعاد نار التسويات عنه. تضع الاوساط مجمل المواقف والتهديدات هذه في سياق الخوف، مع حكومة غير سياسية اوغير تقليدية، من فقدان موقعه السياسي الحالي القائم على الامساك بقرار السلطة من خلال الحكومة. ذلك ان خسارته الحكومة تفقده ورقة ضغط اساسية يستخدمها عند الحاجة، خصوصا مع حكومة مطواعة على غرار حكومة دياب، من هنا، يمكن فهم اتهامه القوى المطالبة بالتغيير من خلال تقصير ولاية الرئاسة ومجلس النواب واجراء انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة بالتآمر على لبنان، وهو سيكمل مشواره النضالي بهدف الوصول الى تشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة اوسع تمثيلا سياسية مطعمة باختصاصيين شبيهة بحكومة دياب.

غير ان الظرف الذي أمّن وصول دياب ليس هو نفسه بعد انفجار المرفأ ورسو الاساطيل الغربية قبالة شاطئ لبنان، وعلى الارجح ان الحزب اكثر مَن فهم رسالة الاساطيل، تضيف الاوساط. وللغاية ، رفع نصرالله سقف خطابه السياسي واستنفر بيئته  بالقول “اصبروا قد نحتاج الى قوتكم لاحقا”.

ان حزب الله يتعرض راهنا الى اوسع حصار شعبي وسياسي واداري واقليمي ودولي، فكيف يمكن ان يفلت منه؟ توضح الاوساط ان مقود السلطة يخرج عن سيطرته تدريجا بعدما باتت صورته مهشمة بانفجار المرفأ وبالحكم الدولي والضغط الخارجي والخسارات الاقليمية في سوريا والعراق واليمن، ولم يعد امامه من سبيل سوى فرملة اندفاعه الاقليمي والعودة الى كنف الدولة ليحمي رأسه، والا فإنه سيرتطم بجدار الانهيار الضخم، وما الرهان على المماطلة الى ما بعد الانتخابات الاميركية في تشرين المقبل سوى خسارة بخسارة، تختم الاوساط، لان “زمن الاول تحوّل” والتسويات الاقليمية الكبرى على الابواب، بدءا من ترسيم الحدود الجنوبية والشرقية للبنان، ولا عودة الى الوراء…