IMLebanon

الحكومة قبل زيارة ماكرون.. أم الزيارة إلى ما بعد الحكومة؟

كتب عمر حبنجر في صحيفة الأنباء:

فيما دخل اللبنانيون أمس مرحلة جديدة من الاغلاق جراء التفشي المتزايد لڤيروس كورونا ولمدة أسبوعين، مرة أخرى يتكرر السؤال: هل من حكومة لبنانية جديدة قبل الأول من سبتمبر ـ موعد زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الى بيروت ـ ام بعد الزيارة؟ وثمة سؤال استطرادي آخر: هل يؤجل ماكرون زيارته المقررة ريثما يتفق «اللامسؤولون» في لبنان على البدء باستشارات نيابية؟ في الذهنية الحاكمة ان «الجرجرة» في موضوع الاستشارات من شأنها اشغال الناس عن واقعهم المر، والهائم بين الاجتياح الكوروني المتواصل، دون رادع أو مانع، وبين كارثة الأحياء المدمرة في المرفأ ومحيطه، الى جانب تضييع المسؤولية الرسمية عن فظائع اللامسؤولية التي حلت بالدولة ومؤسساتها المتداعية وليرتها المستباحة، ومصارفها التي بعد أن هرَّبت أموال أصحابها الى الخارج «قبضت» على أموال المودعين.

والى هذا الإلهاء المتعمد، وربما في أساس اصرار الرئيس ميشال عون اجراء المشاورات قبل الاستشارات الملزمة، فمن خلال المشاورات يريد تكبيل الرئيس الذي سيُكلّف بتشكيل الحكومة بشروطه المتصلة بشكل الحكومة ومضمونها، على اعتبار انه بعد صدور مرسوم التكليف تصبح اللعبة الوزارية بيد الرئيس المكلف، ويقتصر دور رئيس الجمهورية على التشاور. وقد حصل هذا اثناء الاستشارات التي سبقت تكليف حسان دياب، بما يكاد يجعل من هذه الوسيلة اللادستورية عرفا وقاعدة، بغياب النص الدستوري الملزم بإجراء الاستشارات النيابية، فور قبول استقالة الحكومة المستقيلة.

المشاورات التي بدأت بزيارة الرئيس نبيه بري الى بعبدا يوم الأربعاء الماضي حاملا اسم الرئيس سعد الحريري على صينية من فضة، توبعت امس بزيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى عين التينة، حامل اختام الرئاسة، ناقلا جوابه على اقتراحات رئيس المجلس.
ولاحظت مصادر نيابية ان الرئيس عون يطلب الى كل من يسأله عن الاستشارات النيابية الملزمة بحث الأمر مع باسيل، الذي يطالب تياره سعد الحريري، بالاعتذار منه، على رفضه السابق للتعاون معه.

ولفتت أمس تغريدة للرئيس ميشال عون اكد فيها انه يسعى لمشاركة كفاءات تمثل صوت الشارع المنتفض في الحكومة الجديدة، وربما يقصد حكومة «تكنوسياسية» جوابا على ترشيح بري سعد الحريري لرئاسة الحكومة.

وبالفعل، بدأت المطابخ السياسية تُسرِّب اسماء مرشحين لرئاسة الحكومة ولعضويتها من شخصية متخصصة في مختلف المجالات، عدا السياسي منها، وقد ورد اسم شخصية بيروتية قانونية معروفة لتشكيل الحكومة وهو د.غالب محمصاني.

الرئيس نبيه بري ابلغ زواره انه سيقول كلمته بدءا من الاثنين المقبل، ما يوحي بأن مساعيه متعثرة.

بالنسبة للرئيس الحريري لا كلام مباشرة في موضوع الحكومة، إنما يفهم من اجوائه أنه اضاف إلى شروطه المعروفة حول «حكومة المهمة المحددة» مجموعة شروط بعضها قابل للتنفيذ كشارع 17 اكتوبر و4 اغسطس وتأليف حكومة من فريق عمل متجانس حسب وجهة نظره مع إطلاق يده في هذه الحكومة، اما الشرط المستحيل او شبه المستحيل فيتمثل بتسليم حزب الله المتهم المدان من قبل المحكمة الدولية سليم عياش والذي هو بمنزلة وضع الانشوطة في العنق من جانب الحزب.

وهنا يقول القيادي في تيار المستقبل د.مصطفى علوش إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان موافقا على المحكمة الدولية وقد كنا عنده في مارس 2006، حيث ابلغنا بقوله: انا بدي المحكمة الدولية، لكن مع اكتشاف الضابط الشهيد وسام عيد لشبكة الهواتف المستخدمة في تنفيذ الجريمة تغير موقفه.

وشارك في لقاء بري وباسيل في عين التينة المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله، الحاج حسين خليل، والمعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل، وكان محور اللقاء بالطبع تكليف سعد الحريري برئاسة الحكومة.

وهنا ذكرت ان الحريري ابلغ بري، بعد لقاء الأخير مع رئيس الجمهورية وقبل اجتماع بري بباسيل، انه قبل رضا الرئيس عون يريد الحريري رضا جمهور 17 اكتوبر و4 اغسطس، والا لن يقبل التكليف.

والشرط الأبرز لدى الحريري ان يكون طليق اليدين في تأليف الحكومة، ما يعني مكررا لا جبران باسيل فيها. واذا رضي حزب الله كان به، والا يستخدم الرئيس المكلف صلاحياته الدستورية ويتعامل مع الحزب ككل مكون سياسي بمعزل عن سلاحه، ويستقيل حال تلمس عرقلة الورقة الإصلاحية التي اعتمدها بمشاورات داخلية وخارجية.

وترى مصادر متابعة ان تبني حزب الله ترشيح سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة غايته احتواء قرار المحكمة الدولية، وبالتالي احراق صورة سعد الحريري في بيئته.

ويبدو ان جزءا من تردد الحزب التقدمي الاشتراكي في المجاهرة بإعلان دعم تكليف الحريري قناعة الحزب بالحاجة الى اسم جديد يحدث صدمة تهز السكون الحاصل، ودرءا لوقوع الحريري في شرك السلطة الحاكمة.

اما القوات اللبنانية فقد رد مسؤول الاعلام والتواصل في القوات شارل جبور تحفظ «القوات» الى قناعتها باستحالة اصلاح الوضع في ظل ثنائية حزب الله ـ التيار الوطني الحر الحاكمة «فهذا الفريق الثنائي لا يمكنه انتاج دولة»، ويقول الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان ـ بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي ـ ان مذكرة «الحياد الناشط» التي أعلنها البطريرك الراعي من اجل انقاذ لبنان تشبه صيغة لبنان.

واضاف «ان ضحايا انفجار المرفأ سقطوا بسبب فشل الدولة المتراكم وجراء عدم تطبيق الدستور والفراغ المتكرر وتفلت الحدود، والمطلوب من حزب الله تسليم سليم عياش وألا تغيب المحاسبة فيفقد المواطن ثقته بالدولة»، وقال ان النيترات التي انفجرت في المرفأ وضعت ايام الفراغ الرئاسي