IMLebanon

عن معارك عهد “عون – باسيل”!

كتب طوني أبي نجم في صحيفة “نداء الوطن”:

لن يستطيع عهد الرئيس ميشال عون و”التيّار الوطني الحرّ” تصوير معركته السياسية اليوم وكأنّها مع “القوات اللبنانية”. لن تنجح محاولات استعادة صور الماضي المشؤوم، وأدبياته المقيتة في استنهاض شارع كان يؤيّد عون نكاية بـ”القوات”.

معركة عهد عون- باسيل اليوم هي مع الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وليست مع “القوات اللبنانية”، لا بل إن “القوات” متّهمة اليوم بأنّها كانت آخر من انضمّ إلى المطالبين باستقالة رئيس الجمهورية، بعد الكلام العلني لنائب “الجمهورية القوية” بيار بو عاصي مع الزميلة دنيز رحمة فخري.

معركة عهد عون – باسيل هي مع كلّ الطائفة السنيّة التي يُصرّ على مُصادرة دورها وصلاحياتها، عبر خرق الدستور وانتهاكه ببدعة عرقلة الإستشارات النيابية الملزمة للتكليف في انتظار التأليف المسبق للحكومة، في ما يشكّل إلغاءً كاملاً لدور رئيس الحكومة وصلاحياته، كما في عرقلة تشكيل أي حكومة، بانتظار حفظ مصالح رئيس “التيار” وصهر العهد النائب جبران باسيل.

معركة عهد عون- باسيل هي أيضاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أحد ركني الثنائي الشيعي، وهو الذي امتنع عن انتخاب عون في الـ 2016، وقد تجلّت المعركة في محطّات ومفاصل عدّة.

معركة عهد عون- باسيل تتجلّى واضحة مع الحزب التقدمي الإشتراكي وزعيمه النائب السابق وليد جنبلاط الذي يُمثّل أكثرية كبرى في الطائفة الدرزية، وقد وصلت المعركة معه إلى حدّ الإشتباك المباشر يوم حادثة البساتين.

معركة عهد عون – باسيل لا تتوقّف مع تيار “المردة” ورئيسه النائب السابق سليمان فرنجية، واتّخذت أشكالاً مختلفة سياسية وقضائية، والهجمات المتبادلة في الإعلام لا تتوقّف.

ومعركة عهد عون- باسيل مع “القوات اللبنانية” عادت إلى الواجهة بالرغم من كلّ محاولات رئيس “القوات” سمير جعجع تحييد رئيس الجمهورية، وقد عادت بأبشع الصور لتؤكّد أنّ لا اتفاق يصلح مع عون وباسيل، ولا مصالحة!

ولن ينفع القول إنّ كلّ هذه المعارك يخوضها عهد عون – باسيل ضدّ هذه الطبقة السياسية الفاسدة، وإنّه يقاتل بوجهها لتحقيق التغيير والإصلاح المنشودين، لأنّ معركة هذا العهد هي أولاً مع ثورة 17 تشرين الأول والمجتمع المدني، وهذه المعركة هي الأكثر ضراوة التي يخوضها باسيل نيابة عن العهد، لأنّ هذه الثورة عرّته بالكامل، ولا تزال أصداء “الهيلا هو” تصدح في كلّ الساحات.

بعد انقضاء ثلثي عهد عون – باسيل، تأكّد لجميع اللبنانيين أنّه العهد الأسوأ في تاريخ لبنان منذ الإستقلال على كل الصعد، سياسياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وبيئياً، بحيث فشل هذا العهد في تحقيق أي إنجاز ولو يتيم، باستثناء تأمين الحصص اللازمة من جبنة السلطة لأتباع الوزير السابق جبران باسيل. والأسوأ أنّه بعد انفجار مرفأ بيروت وكل ما خلّفه من فاجعة وكوارث لا تُحصى، لا يجد جبران باسيل ما يُفاخر به سوى الإدّعاء بأنّ “محاولة الإنقلاب السياسي على العهد أُحبطت”، فلا يعنيه الوطن والدولة والشعب والمؤسسات والإقتصاد والهجرة، بل كلّ ما يعنيه هو بقاء الرئيس ميشال عون في القصر، ومحاولة تأمين خِلافته لنفسه!

وقبل سنتين من انقضاء العهد، أيقن الجميع أنّ لا تغيير ممكناً ما لم يبدأ برأس الهرم، وتحديداً باستقالة رئيس الجمهورية ومجيء رئيس يُعيد الإنتظام إلى عمل المؤسسات ويتمسّك بالشرعية، عِوض تسليم لبنان إلى “حزب الله” والمِحور الإيراني، ويُعيد البلد إلى حضن الشرعيتين العربية والدولية، ويباشر الإصلاحات في محاولة لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه!

لن تنفع كلّ محاولات استعادة أجواء الـ 1990 لشدّ عصب بائد في مواجهة “القوات اللبنانية”. ومهمّة العهد الحالي في حماية “حزب الله” قد تنتهي قريباً بفِعل التطورات الإقليمية والدولية المُتسارعة، ما قد يُسقط مبرّرات استمرار العهد الذي يواجه جميع اللبنانيين!