IMLebanon

قنّاص استهدف قلب الفتى حسن غصن… وخلدة في مهب الغضب

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

على بعد أمتار من موقع الاشتباكات التي شهدتها منطقة خلدة مساء الخميس، شيّعت أمس عائلة الفتى حسن غصن (14 عاماً)، ابنها الذي قتل. وحلّ الغضب والحزن في المنطقة التي تحكي فيها الحرائق وآثار الرصاص بعضاً مما جرى، فيما تظهر جنازة غصن حجم الألم الذي سببته لعائلته وأصدقائه المفجوعين. وحمّلت العشائر وأقرباء غصن “حزب الله” مسؤولية ما حدث، من دون أن تخلو المواقف من عتب على الجيش لأنه كان حاضراً في لحظة اطلاق النار وسقوط الفتى غصن. وتنظر عشائر العرب في خلدة إلى ما جرى على أنه كمين نصب لها، مرجحة أن يكون الهدف منه قتل الشيخ عمر غصن الذي أصيب خلال الإشتباكات.

ألم الفراق

صباح أمس، اجتمع المعزون أمام منزل ذوي الفتى حسن غصن الذي قتل مع مسنّ من الجنسية السورية بعد إطلاق النار عليهما. ويؤكد عدد من أقرباء غصن لـ”نداء الوطن” أن قناصاً تواجد على سطح “سنتر شبلي” تعمد إطلاق النار على قلبه فأرداه. تزيد هذه القصة من غضب وتأثر المعزين، فتنهمر الدموع من أعين نساء ورجال وشبان من جيل حسن. فيما شبان آخرون يروون ما رأوه. في العزاء ارتفع الخطاب المطالب بالثأر وبتسليم القتلة. وصل جثمان حسن ليخفت خطاب الثأر ويعلو صوت البكاء والنواح. فيدخل النعش إلى الغرفة حيث والدة وقريبات حسن كي يتمكنّ من وداعه للمرة الأخيرة. دقائق لا تكفي الأم الثكلى كي تتمكن من استيعاب ألم فراق ابنها الذي انتزع منها. ومجدداً انتزع النعش من الأم والنسوة اللواتي لم يفارقنه بسهولة. فنقل النعش إلى سيارة الإسعاف وسار المشيّعون خلفه. وعلا صوت الرّصاص الذي أطلق بكثافة في المنطقة وعلى طول الطريق، من منزل العائلة وصولاً إلى المكان الذي أطلقت منه الرصاصات باتجاه صدر حسن. وأطلق المشيعون الغاضبون النار باتجاه المبنى الذي كانوا قد أحرقوه في الليلة السابقة.

يروي عمّ الضحية أنّ ابن شقيقه قتل غدراً عندما تعمّد قناص إصابته في قلبه بالقرب من منزله، “مشكلتنا مع المدعو علي شبلي وكل من معه، فقد نشر 5 قناصة على سطح المركز التجاري الذي يملكه والفيلا القريبة منه. وأطلق القناص رصاصتين أصابتا قلب حسن”. ووفق العم فإن مسؤولاً في “حزب الله” اتصل به ونفى علاقة “الحزب” بالحادث، “في كل مرة يدعون أن لا علاقة لهم بالإشكالات، فليسلموا شبلي أو سنحضره نحن”. ويضيف: “حزب الله” يعمد في كل مرة إلى افتعال إشكال ومن ثم وضع الجيش في الواجهة”. وينفي العم أن يكون للحادث بعد طائفي او مذهبي مؤكداً أن مفتعل الإشكال إعتاد على افتعال الإشكالات منذ سنوات.

كمين للعشائر

وفي حديث إلى “نداء الوطن”، يرجح الإعلامي علي الشاهين، إبن عشائر عرب خلدة، بأن يكون ما حصل أمس الأول كميناً أعدّ للعشائر من قبل شبلي، مالك مبنى “سنتر شبلي” في اليوم نفسه الذي تمت فيه الصلحة بينه وبين العشائر في مخفر عرمون، بعد الإشكال الذي وقع بين الطرفين منذ حوالى 10 أيام على خلفية تعليق يافطة، يقول البعض بأنها تحمل صورة لسليم عياش المتهم باغتيال رفيق الحريري. “إذ أصرّ شبلي تزامناً مع صدور حكم المحكمة الدولية في اغتيال الحريري على تعليق لافتة. تحدث إليه شبابنا بهدوء فتحدّاهم وحصل تدافع بين الطرفين، فاستحضر شبلي 15 عنصراً إلى المبنى، حوصروا وتعرضوا للضرب وانتهت الأمور عند هذا الحد. بعد يومين من الإشكال رفضنا التفاوض معهم، فكلف رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط أحد الشبان بصفته الحزبية والعشائرية، بالجلوس مع مخابرات الجيش في المنطقة. تمّ الاتّفاق على عدم تعليق اللافتات من قبل الطرفين وعلى منع الاستفزازات ورفع الغطاء عن الجميع. بالأمس عقدت صلحة في مخفر عرمون، لكن شروطها لم تعجب شبلي إذ قضت بأن لا تعلق اللافتات من قبل الطرفين. وهي صيغة معتمدة أصلاً منذ حوالى 5 سنوات”.

وعن كيفية اندلاع الاشتباك مجدداً نهار الخميس، يتهم الشاهين شبلي بتعمد الاعتداء على أحد سائقي الأجرة من أبناء العشائر في الموقف المحاذي لمبنى شبلي. “طرد السائق وضربه وحطم سيارته، فخرج الرجل مجروحاً وروى ما حصل معه، عندها وقع الإشكال بين شبان العشائر وشبلي، وتبين لنا أن الاعتداء على السائق هدف لاستدراجنا إلى المكان، حيث كان القناصون على استعداد وبدأوا بإطلاق النار فاندلع الاشكال. أطلقوا النار على منزلين فاستشهد حسن غصن أمام منزله، واستشهد مسنّ من الجنسية السورية كان يدخن النرجيلة، كما جرح اثنان من بينهم الشيخ عمر غصن، الذي نعتقد أن شبلي افتعل الإشكال لقتله”.

وفي حين بدا يوم أمس يوماً للتشييع والغضب في خلدة، يكشف شاهين أن اتصالات حصلت لتهدئة الوضع بعد اندلاع الاشكال، من ضمنها اتصال بين النائب طلال ارسلان ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا. ويبدو عتب العشائر على الجيش كبيراً جداً بل يصل حد اتهامه بالانحياز الكامل لـ”حزب الله”. ويؤكد شاهين أن الاشتباكات استمرت ساعات عدة لم يتدخل خلالها الجيش بانتظار الاتصالات السياسية. وأثناء حديث الشاهين إلينا يحكي الشبان المتواجدون بانفعال عما جرى، وعن الطريقة التي تعامل بها الجيش معهم. ويؤكد أحدهم بأنهم وأثناء قيام القناصة بإطلاق النار عليهم أشاروا للجيش إلى مكان إطلاق النار وإلى مطلقي النار، “كان جوابهم أن لا أوامر لديهم وبأن مطلقي النار محميون ولا يمكن توقيفهم”. كذلك يتهم هؤلاء الجيش بتأمين خروج مطلقي النار من المبنى.

ولم يلق بيان الجيش رضى العشائر العربية والذي تحدث فيه عن “اشكال بين أشخاص من عرب خلدة وعدد من سكان المنطقة” وكأن هؤلاء ليسوا من سكان المنطقة. ويؤكد الشاهين أن عرب خلدة شريحة لبنانية موجودة في المنطقة منذ العام 1580م، ويدعو المشككين لقراءة مؤلفات الأستاذين الجامعيين في التاريخ حسان حلاق وعصام شبارو.