IMLebanon

العونيون والحكومة: لا شروط ولا مطالب… إلا إذا

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

سؤال- لغز يختصر كل الحراك السياسي الحاصل على وقع الانخراط الفرنسي في الرمال اللبنانية: إلى أي مدى ثمة تنسيق فرنسي – أميركي في ما يقوم به ايمانويل ماكرون في بيروت؟ هل هو متاح دولياً؟ أم أنّ الممانعة الأميركية – السعودية سرعان ما ستظهر لتعرقل المبادرة الفرنسية وترمي جهود رئيسها في سلّة المهملات؟ وهل هذا ما يفسّر المعلومات المتداولة عن تكليف بلا تأليف سرعان ما سيخرج مصطفى أديب من نادي رؤساء الحكومات قبل أن يدخله مؤلفاً؟

يستند بعض المتابعين للحراك الفرنسي إلى عاملين اثنين للاجابة على هذا التساؤل:

الأول يتصل بالشكل، وتحديداً بالمراسم الاستعراضية التي ترافق زيارة ماكرون إلى بيروت، ليشيروا إلى أنّ الرجل لم يترك باريس ليحرق أصابعه في البركان اللبناني لولا تسلّحه بالحصانة والجدية الكافيتين اللتين تجعلانه يضع كل ثقله في سبيل انجاح مهمته على الرغم من صعوبتها ودقّتها، وهو مدرك تماماً أنّ كلفة الفشل ستكون عالية جداً أمام الرأي العام الفرنسي وأمام الأوروبيين خصوصاً وأنّ مبادرته تحمل بصمات ثقافية، سياسية وحتى استراتيجية حملت عنوان العقد السياسي، ما يؤكد أنّ رحلاته المكوكية إلى بيروت ليست من باب السياحة أبداً!

الثاني يتصل بالمضمون، اذ يؤكد المتابعون أنّ الإدارة الفرنسية تعرف لبنان عن ظهر قلب، بعلله وألغامه وأفخاخه، وحين قرر ماكرون خوض هذه المغامرة فهو كان متيقناً مما سيواجهه من عراقيل وصعوبات بات عمرها سنوات من الممطالة. كما أنّه يدرك تماماً الحساسيات الأميركية السعودية تجاه الملف اللبناني وتفاصيله. وبالتالي إنّ انخراط الرئيس الفرنسي شخصياً بالمستنقع اللبناني ووحوله من خلال توليه الاتصالات بشكل مباشر ومكثف (منذ زيارته الأولى)، يثبت أنّ ما يقوم به ليس موّالاً موسمياً سرعان ما سيضعه جانباً، لا سيما وأنّ ما يقوم به هو جزء مفصّل من مشروع فرنسي استراتيجي في المنطقة يرتبط بالنفوذ التركي الآخذ في التمدد وبالعلاقة الجيدة التي تربط باريس بطهران، وبخريطة المتغيرات التي ستحلّ في المنطقة خلال الأشهر المقبلة.

وعليه، يعتقد المتابعون أنّ تسمية مصطفى أديب لم تكن فلتة شوط، رغم “عورات” هذا التكليف وضعفه، وهو الذي كان نتاج مشاورات الساعات الأخيرة التي لم تحسم إلا بدفع من الرئيس الفرنسي بنفسه. ويشيرون إلى أنّه كما أنّ صندوق النقد الدولي بات ممراً إلزامياً لفك عزلة لبنان المالية، كذلك فإنّ مؤتمر سيدر هو مفتاح الفرج المالي، ولذا تقصّد ماكرون أن يكشف عن استعداد إدارته للتحضير لمؤتمر جديد يعوّض المساهمات التي تراجع أصحابها عن تعهداتهم المالية، والمقصود بها بطبيعة الحال الخليجية.

هكذا، يقول هؤلاء إنّ مهلة التأليف ليست مفتوحة وهذا ما ألمح إليه ماكرون أمس حين قال إنّه “لا بدّ من تشكيل الحكومة بسرعة وإصلاح قطاع الكهرباء ومكافحة الفساد وإصلاح معايير التعاقد الحكومي والنظام المصرفي”. ويشيرون إلى أنّ المؤشرات ستظهر خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة. إما تقتنع القوى السياسية بضرورة تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف فتلاقيه إلى منتصف الطريق من خلال “التعفف” عن مطالبها وشروطها، وإما يعود الرجل إلى بيته.

حتى الآن، لن يتبيّن خير الحكومة العتيدة من شرها، إلا بكونها صغيرة (لن تتعدى العشرين وزيراً)، وقد تكون أقرب إلى توليفة حسان دياب ولكن بإلتزامات أقل من مكوناتها. إلا أنّ ما هو أهم من شكل الحكومة وتركيبتها، هو جدول الأعمال المتفق عليه بين باريس ومختلف القوى السياسية المتعاونة، وهو مؤلف من حوالى 20 بنداً أساسياً، منها: الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، التدقيق الجنائي، قانون الشراء…

وبانتظار أن يقدم رئيس الحكومة المكلف رؤيته للحكومة التي سيترأسها، يُطرح السؤال: هل ستسري قواعد التأليف ذاتها؟ هل ستعكس الحكومة توازنات مجلس النواب كما كان يحصل خلال الحكومات الأخيرة؟ ماذا عن الفيتوات المعطلة؟

يقول أحد نواب “تكتل لبنان القوي” إنّ “التيار الوطني الحر” سيكون متساهلاً إلى أبعد حدود، مؤكداً أنّ القاعدة التي ستسري على بقية القوى ستحكم علاقة رئيس الحكومة المكلف بـ”تكتل لبنان القوي”. ولهذا يرفض العونيون الحديث عن تمسك بأي من الحقائب أو بعدد معين أو بحصة محددة كما كان يحصل في الجولات السابقة. ولكن في المقابل، “إذا تبيّن للتكتل أنّ رئيس الحكومة خصص فريقاً آخر بأي استثناء أو امتياز، فسيكون لنا كلام آخر”.