IMLebanon

باي باي حكومة؟!

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

أخطأ كثيرون حين اعتبروا أنّ بمقدور صانع الكرواسان الفرنسي أن يُجيد التعاطي مع حائِك السجّاد الإيراني، فشتّان ما بين رهافة متذوّقي الجبنة الفرنسية، غير الراغبين في القتال، وبين أركان نظام الملالي، مُصدّري التخريب إلى الدول العربية!

هذه المُقدّمة هي للتأكيد على أنّ إيران، عبر حزبها في لبنان، لم تقبل بأن تُقدّم للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر من استقالة حكومة حسّان دياب، وتسمية مصطفى أديب لتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد وضع فيتوات على عدد آخر من الأسماء. ومُخطئ من يظنّ أنّ إيران وحزبها يُمكن أن يُقدّما حكومة للبنان تبتعد به عن مِحور المُمانعة، وتُنفّذ إصلاحات تمسّ في العمق منابع تمويل “حزب الله” على حساب الخزينة اللبنانية!

بعد أقلّ من أسبوع على تكليف مصطفى أديب تشكيل الحكومة الجديدة، يبدو أنّ الرهانات على ولادة سريعة للحكومة تبخّرت وتلاشت. أولاً، لأنّ إيران غير مستعدّة لتقديم أي أثمان لماكرون العاجز عن أن يُقدّم لها شيئاً، ولأنّها ثانياً تُصرّ على انتظار نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية للتفاوض وتقديم الأوراق للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، أو العائدة بقوة أكبر مع دونالد ترامب.

هكذا أوعز الحزب لحلفائه بتوزيع الأدوار لتعطيل مساعي أديب، فهجم رئيس الجمهورية عبر الإصرار على حكومة تكنوسياسية من 24 وزيراً، وأصرّ الرئيس نبيه بري على الإحتفاظ بالتوقيع الشيعي الثالث في وزارة المالية ليقابله رئيس “التيار الوطني الحرّ” باشتراط المداورة في الحقائب للإستغناء عن حقيبة الطاقة، ما يُعطّل كل مساعي مصطفى أديب “المُبتدئ” في مواجهة خبراء التعطيل.

وفي مقابل المناورات السياسية، تولّى “حزب الله” القيام بـ”عراضاته المُمانعاتية” عبر استحضار حركة “حماس” إلى الساحة اللبنانية، للإيحاء بأنّ الإستعدادات قائمة للمواجهة مع الولايات المتّحدة والدول العربية، وذلك انطلاقاً من لبنان، ما يهدّد كل مساعي الإستقرار، ويُظهر في العمق خفّة الطرح الفرنسي بإيجاد حلول للأزمات اللبنانية، بمعزل عن حلّ جوهر مشكلتها المُتمثّلة في سلاح “حزب الله” والهيمنة الإيرانية!

هكذا، يتأكّد أنّ لا حكومة يُمكن أن تُبصِر النور قبل الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وأنّ شهرين خطرين ينتظران لبنان واللبنانيين، في حال قرّرت إيران الإنتقال من مرحلة الإنتظار إلى مرحلة التخريب، تحت شِعار المواجهة انطلاقاً من لبنان. لكن من يعرف الإيراني جيداً يُدرك أنّه لن يجرؤ على القيام بأي حماقة في المنطقة، لأنّها ستُعطي الذرائع لإسرائيل باستغلال الوقت الضائع الأميركي، وتوجيه ضربات موجعة جداً قد لا تستثني العمق الإيراني، خصوصاً وأن ما حصل في إيران خلال شهري حزيران وتمّوز المنصرمين أرسلا رسائل واضحة إلى نظام الملالي بأنّ الخطوط الحمر سقطت، وهذا ما جعل هذا النظام يبتعد عن أي ردّ.

ماذا ينتظرنا حتى 3 تشرين الثاني المقبل؟ لا أحد يملك الجواب. حمى الله لبنان، وألهم الرئيس المكلّف مصطفى أديب الصبر والسلوان…