IMLebanon

المهلة الفرنسية قاربت النفاد… وأديب لا يزال يناقش العموميات

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

من مقر إقامته في اوتيل “لاهويا” في بيروت، يجري رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب مشاوراته الحكومية ويستقبل المعنيين في التشكيل. لم يعد يملك متسعاً من الوقت ومهلة الأسبوعين التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شارفت نهايتها، ورغم ذلك فالتشكيل لم يتجاوز المربع الاول بعد. اتصالات ومشاورات ورسائل “واتس اب” تشتغل على خط التشكيل وكل من لديه نصيحة يسديها للرئيس المكلف القادم من عالم الديبلوماسية التي يتقن صنعها ويجعلها مفتاحاً لبلوغ معرفته بالآخرين.

يؤكد المعنيون ان البحث في تشكيل الحكومة لا يزال يتمحور حول العناوين الرئيسية من دون الدخول في التفاصيل. يحاول الرئيس المكلف تكريس ثوابت حكومته وعناوينها الرئيسية والتمثيل السياسي وحجمه والتوازنات الداخلية. كلها امور لم تحسم بعد للعبور الى مربع الاسماء والوزارات. فالبحث الاولي عدديا لا يزال يتأرجح بين 14 وزيرا و24 او 20 كحل وسط، ومثل هذا البحث يخضع لصحة التمثيل الطائفي والسياسي. وهذا يعني ان اسماء كثيرة باتت في التداول كوزراء محتملين تفتقر الى الدقة.

يتشارك اديب في جهوده لتشكيل حكومته مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وثالوث “أمل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” من خلال لقاءات مباشرة واخرى غير مباشرة. التقى الخليلين مراراً وهو حريص على اشراك الحريري بتفاصيل مشاوراته يومياً بلقاء ليلي مطول يجمعهما في بيت الوسط. وتنفي مصادر مطلعة المعلومات التي تتحدث عن دور للرئيس السابق نجيب ميقاتي الموجود في الخارج بالتأليف، وتقول ان البحث في تركيب الحكومة يتولاه الحريري مباشرة مع اديب، وحتى الساعة لم يصل البحث الى لحظة نضوج لصيغة معينة ولو ان قنوات التواصل قائمة وايجابية بمجملها.

وخلال استقباله اطلع رئيس الجمهورية ميشال عون الرئيس المكلف على “القواعد الجديدة لعمل الحكومة العتيدة وأهمية ان تكون منتجة”، في حين يلتزم رئيس مجلس النواب الصمت فيؤثر عدم التعليق سلباً او ايجاباً تاركاً للخليلين مهمة البحث مع الرئيس المكلف. وخلافاً لكل التسريبات فان بري لم يسلم الرئيس المكلف اسم اي مرشح لأي مقعد وزاري. جل ما في الامر ان الثنائي الشيعي وبري خصوصا لا يزال يعتبر ان حقيبة المالية وبناء على اتفاق غير مكتوب تم التوصل اليه في الطائف يمنح الطائفة الشيعية سلطة التوقيع من خلال وزارة المالية لتكون شريكاً فعليا في قرارات الدولة وماليتها العامة. وعملاً بذلك فإن مبدأ المداورة في الوزارات لا يشملها. مسلمة تدعو الى التنبؤ بوجود مشكلة تعتري المشاورات وتعيق تقدمها وقد تكون سبباً لمطالبة جهات حزبية اخرى بالتمسك بالوزارات التي كانت تشغلها. لكن المواكبين للمشاورات عن قرب يجزمون بان مقاربة الموضوع لا تتم من هذه الزاوية وان اي خلاف من هذا النوع لا أساس له بعد.

وفيما تردد ان اديب التقى الى الخليلين، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، جزمت مصادر “التيار” بان اي لقاء لم يجمع الرئيس المكلف مع باسيل باستثناء الاجتماع الذي جمعهما خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة “واذا لم يطلب اللقاء فلن يحصل وإن لم يأت الينا فنحن لن نأتي اليه”. ويكرر “التيار” عزمه على تسهيل مهمة أديب وعدم التدخل، ويدحض كل الشائعات التي تتحدث عن تعرض الرئيس المكلف لضغط من قبل باسيل المصر على التمسك بوزارة الطاقة لتجزم بان اي تدخل من اي نوع كان ليس صحيحاً وليس لنا اي مقاربة لموضوع الحكومة، وانه بإنتظار ما سيعرضه عليه الرئيس المكلف كي “يبني على الشيء مقتضاه” بمعزل عن قراره المشاركة من عدمها.

وإذ تؤكد مصادر “التيار الوطني” لقاء الخليلين مع باسيل اللذين نقلا اليه تفاصيل اجتماعهما مع أديب، يلاحظ البعض وجود مقاربة مختلفة بين التيار وحلفائه، فالتيار لم يحسم بعد مسألة مشاركته في الحكومة فيما أمر مشاركة الثنائي الشيعي محسوم وقد شرع في بحث تفاصيل هذه المشاركة ومقتضياتها. ما يعمل عليه الثنائي هو الاتفاق مع أديب على تشكيل حكومة مختلفة عن الحكومة الماضية وخالية من اي تمثيل مستفز لكن مع مراعاة التمثيل السياسي والطائفي وبحث مستفيض للفرق بين التمثيل السياسي والاكاديمي.

يحرص “التيار” في هذه الفترة على الا يخطو دعسة ناقصة مع الفرنسيين ويصر على عدم صد اي مبادرة يطرحها الرئيس المكلف. وتؤكد مصادره “تسهيل تشكيل الحكومة ونجاح مهمتها”، وتقول: “ملتزمون بما التزمنا به على الطاولة مع الفرنسيين ولو لم يحسم وضعنا بالمشاركة من عدمها بعد، واذا عرض علينا امر ما ندرسه من باب الإنفتاح لكن لغاية اليوم لم يطلب منا او يعرض علينا اي صيغة معينة”. متمسكاً بالدستور ومنطلقاً منه يقارب “التيار الوطني” موضوع الحكومة من ناحية كونها شراكة بين رئيسي الجمهورية والحكومة وبهذا المعنى فإن رئيس الجمهورية لن يوقع على اي صيغة حكومية لم تُعدّ بالتشاور معه طبقاً لما ينص عليه الدستور. اما “الحزب التقدمي الاشتراكي” فيقف رئيسه وليد جنبلاط حائراً بين التزام قدّمه للرئيس الفرنسي بعدم العرقلة وتريث في الاجابة على سؤال المشاركة قبل الإطلاع على نتائج المشاورات الحكومية ليبني على اساسها.