IMLebanon

إيطاليا تتحرّك خلف الستارة: فرنسا تحمي ظهرنا في لبنان وليبيا

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

لم يكن إنفجار مرفأ بيروت المُدمّر في 4 آب إلا إشارة لانطلاق الصراع الدولي المتعدّد الأبعاد، وقد قالت باريس كلمتها بحزم وباتت في صدارة المواجهة الدائرة إقليمياً.

لن تسمح فرنسا للرئيس التركي رجب الطيب أردوغان أن يتمدّد ويضرب مناطق نفوذها في الشرق الأوسط، لكن أن تصل أطماعه التوسعية إلى ليبيا فلا بدّ من التحرّك الأوروبي، بينما الأخطر بالنسبة للفرنسيين كان محاولة الدخول التركي إلى أرض لبنان.

هبّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لنجدة بيروت المدمرة، وقال كلمته الحاسمة: لبنان بلد يهمنا أمره ولا يمكننا أن نتخلى عنه ولن نسمح لأحد أن يعتبره منطقة نفوذ له، ولن نتركه للتركي أو الإيراني. وأمام كل ما كان يحصل سابقاً وحديث الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله عن التوجه شرقاً ومباركة العهد لهذه الخطوة وإن بحذر، ومباشرة حكومة حسان دياب الإعداد لخطوات التعاون شرقاً، شعر الأوروبيون بالخطر، فهذا البلد الذي يشكل نموذج أوروبا والغرب والتطوّر في الشرق الأوسط تجرى محاولات من قبل أطراف نافذة لتغيير وجهه، وإذا فقدت فرنسا وأوروبا لبنان فقدا الكثير في المشرق.

تحرّك الفرنسي أولاً، وزار بيروت وزير خارجيتها جان إيف لودريان في زمن المقاطعة الشاملة للسلطة اللبنانية، وبعد إنفجار المرفأ لم يعد من مجال أوروبي للسكوت خصوصاً أن التركي أبدى رغبته بالإستثمار في مرفأ بيروت ما يعني وضع اليد على أهم مرفأ على حوض البحر المتوسّط بعدما وصل إلى ليبيا وبات على أبواب أوروبا.

وما التفويض الأوروبي لماكرون للتحرك لمواجهة أحلام أردوغان التوسعية إلا خير دليل على أن الرئيس الفرنسي يقاتل باسم أوروبا، لأنه، وبحسب دبلوماسيين أوروبيين، الأكثر قدرة على المواجهة لأن الدول الأوروبية الأخرى لديها مشاكل ولا تستطيع الوقوف في وجه التمدد التركي، فعلى سبيل المثال ان المواجهة الالمانية قد ترتب مشاكل على برلين لأنه يوجد ملايين الأتراك في ألمانيا وقد يتحرّكون في أي لحظة، أما إيطاليا فتحاول الخروج من كارثة “كورونا”، بينما التركي بات في ليبيا أي على مقربة من إيطاليا وقد يُحرّك خلايا نائمة.

وتؤكّد المعلومات أن روما تعطي تفويضاً كاملاً لماكرون كي يقوم بحراكه في لبنان وليبيا، فلبنان بلد مهم بالنسبة للطليان إذ إن العلاقات التاريخية قديمة جداً وروما تحتضن الفاتيكان، وبالتالي فان هناك بُعداً دينياً في العلاقة بين بيروت وروما.

أما ثقافياً، فالشعب اللبناني متأثر بالثقافة الإيطالية والغربية، وهناك تعاون في مجالات شتى، لذلك فان إيطاليا لا تريد أن تترك لبنان في هذه المحنة، وقد باشرت بتقديم المساعدات فور حدوث الإنفجار، وما زيارة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إلا تأكيد على مدى الإهتمام بالبلاد.

قد لا يكون للإيطاليين مصالح في لبنان مثل أميركا او روسيا أو إيران أو حتى فرنسا، لكن الأكيد أنها تريد الأمن والإستقرار في هذا البلد خصوصاً أنها تُعتبر من أكبر المساهمين في قوات حفظ السلام في الجنوب وأي خضة تؤثّر سلباً على هذه العناصر، لذلك تحرص على أن تسلك التسوية السياسية طريقها وأن تحل مآسي الشعب. ويتذكر الجميع أن روما حرصاً منها على دعم أسس الدولة اللبنانية قد أشرفت ونظمت مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني وهي تستمر بتقديم المعونات العسكرية والإنسانية لهذا البلد.

إذاً، تتحرك إيطاليا بتضامن أوروبي واسع، وإذا كان هناك تفويض أوروبي لماكرون إلا أن روما مستعدة للتدخل لمساندة المبادرة الفرنسية ومع الفاتيكان لتنظيم شبكة أمان حول لبنان وعدم إنجراره نحو مزيد من الإنهيار.