IMLebanon

أي تداعيات للرسالة الأميركية بشأن تشكيل الحكومة؟

كتب عمر البردان في “اللواء”:

جاءت العقوبات الأميركية التي فرضتها وزارة الخزانة على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فينيانوس، بما تشكل من رسالة بالبريد السريع إلى الرئيس نبيه بري والنائب السابق سليمان فرنجية، في لحظة سياسية بالغة الدقة، حيث يسارع الرئيس المكلف مصطفى أديب الخطى من أجل تجاوز العقبات التي تعترض مهمته، لتأليف الحكومة وفق المعايير التي وضعها عند تكليفه . وفي الوقت الذي تشير المعلومات المتوافرة إلى حزمة جديدة من العقوبات مرجحة الأسبوع المقبل، ستطال أكثر من شخصية لبنانية داعمة لـ«حزب الله»، فإن تساؤلات عديدة طرحت عن توقيت إصدار هذه العقوبات غير المسبوقة بحق سياسيين، في ظل انشغال داخلي بتشكيل حكومة جديدة، انطلاقاً من مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإنقاذية التي تريد إخراج لبنان من أزماته الاقتصادية والمالية. فأي تداعيات محتملة لهذه العقوبات على مشاورات التأليف؟ وكيف سيرد «الثنائي الشيعي» والحلفاء على هذا الاستهداف الأميركي النوعي؟ وأي رسالة أرادت واشنطن إرسالها إلى هذا الفريق وفي هذا التوقيت بالذات؟.

برأي أوساط سياسية مراقبة، فإن «الرسالة التي أرادت واشنطن إرسالها في هذه اللحظة بالذات، هي القول بأن المبادرة الفرنسية لحل الأزمة الحكومية لا تعني مطلقاً رفع العقوبات أو الحصار عن «حزب الله»، وأن مسار التهدئة الحكومية المالية لا يعني أبداً، أنه يمكن تخفيف الضغط على الفريق السياسي الذي يتحمل مسؤولية إثارة القلاقل على مستوى المنطقة. وبالتالي فإن الإدارة الأميركية أرادت أن تقول لكل من له علاقة ارتباط بحزب الله، أنه مهدد وأن مصيره على مستوى السلطة أيضاً مهدد، الأمر الذي يفرض على هذه القوى أن تختار ما بين أن تكون على لائحة عقوبات تمنع عليها أن تكون في أي موقع سياسي، ويمنع عليها السفر إلى الخارج، ما سيعرضها لمشكلات عديدة، وإما أن التحالف مع السلطة».

العقوبات تصعيد كبير تجاه العهد و8 آذار في سياق مسار سيتسع ولن يتوقف

وتشير، إلى أن «رسالة العقوبات الأميركية، تشكل بداية تفكيك منظومة «حزب الله»، باعتبار الأخير منظومة متكاملة تجمع القوى التي توفر له الغطاء السياسي، إضافة إلى منظومته العسكرية والأمنية. وهذه هي أول رسالة من نوعها على هذا المستوى، باعتبار أن الرسائل السابقة كانت تتصل برجال أعمال وأشخاص غير معروفين، في حين أنها المرة الأولى التي يرفعها مستواها باتجاه سياسي، ما يعتبر تصعيداً كبيراً باتجاه كل فريق الثامن من آذار والعهد، بعدما جرى استهداف الرئيس بري والنائب السابق فرنجية»، مؤكدة أن «هناك تكاملاً بين الأميركيين والأوروبيين، بعدما بدا واضحاً أن واشنطن نجحت في دفع الدول الأوروبية تباعاً باتجاه تصنيف «حزب الله» بأنه منظمة إرهابية، وهذا المسار لن يتوقف وسيتعمم ويتوسع. فإذا كان هناك قرار دولي بعدم سقوط لبنان في مستنقع الفوضى والحرب، فهذا لا يعني إطلاقاً إعطاء فرصة للمنظومة التي تصنف إرهابية من جانب المجتمع الدولي».

ولا ترى الأوساط، أن «هناك تداعيات سلبية للعقوبات على مسار تشكيل الحكومة، وإنما هي تأكيد للمؤكد لناحية ضرورة تشكيل حكومة خارج أي تزوير لهذه المنظومة، ما يعني حتمية ألا يكون هناك أي نفوذ له علاقة بقوى الثامن من آذار، وأن تكون حكومة اختصاصيين مستقلين وحيادية، وبالتالي أي خروج عن هذا التوجه، سيؤدي إلى عزل الحكومة التي ستشكل، وسيكون مصيرها كمصير حكومة حسان دياب. ويمكن القول أن لبنان دخل في مرحلة جديدة، ولا مصلحة أساساً لهذا الفريق أن يرد برفض تأييد هذه الحكومة، لأن الرئيس الفرنسي قد يسحب مبادرته إذا شعر أن هناك من يحاول الالتفاف عليها، كون هذه المبادرة تشكل خشبة الخلاص لهذه القوى في ظل غليان شعبي وأزمة مالية وحصار خارجي، ما يجعلها بحاجة إلى هذه المبادرة من أجل أن يستطيع إنقاذ نفسه والبلد».

وتشدد الأوساط، على أن «الرئيس المكلف الذي يخوض مواجهة واضحة المعالم في ظل انزعاج فريق السلطة من أدائه لأنه يرفض التشاور معهم، يتمسك بالمواصفات التي يريدها لحكومته بالتنسيق مع الإدارة الفرنسية، لا يمكن أن يعتذر وهو مستمر في مهمته، حتى تشكيل الحكومة التي يريد، وهذا ما يدركه الفريق الآخر الذي لا يمكن إلا أن يستجيب للرئيس المكلف، ولذلك فإن سيتخلى عن شروطه ويقبل بما سيعرض عليه من حقائب، وهذا ما يدفع للاعتقاد أن الحكومة ستتشكل في وقت قريب، لأن فريق الثامن من آذار لا يستطيع أن يضع نفسه في مواجهة الفرنسيين ورئيسهم، في ظل الأزمة التي يعانيها، توازياً مع مرحلة عقوبات شديدة اللهجة. وكل ذلك سيقود إلى ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن، ووفقاً للتصور الذي يعمل عليه الرئيس أديب»

ولهذا فإن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تسريعاً في حركة المشاورات لإنضاج الطبخة الحكومية التي بدأ البحث فيها في الأسماء المرشحة للاستيزار، وهي من أصحاب الكفاءة والمشهود لها بالاختصاص والكفاءة، على أن لا تتجاوز العشرين وزيراً، استناداً إلى ما تم التوافق عليه بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف الذي بدا أكثر قبولاً لفكرة الحكومة العشرينية التي يتوقع أن تبصر النور في مهلة أقصاها مطلع الأسبوع المقبل.