IMLebanon

“الوطني الحر” خارج البازار الحكومي… وهذا ما سيُعلنه باسيل الاحد

كتب أنطوان الاسمر في صحيفة “اللواء”:

ثمة الكثير من التقية السياسية في المقاربة الحكومية المعتمدة، مرد تلك التقية رغبة طرف حزبي، وهو تيار «المستقبل» على وجه التحديد، في إبقاء التداول في التشكيلة بعيدا من متناول باقي الأفرقاء. الذريعة المعلنة هي حماية المولود الحكومي، المرتقب بداية الأسبوع، من أي تشويش داخلي نتيجة خطوط حمر من هنا ومطالب من هناك، فيما حقيقة الأمر أن ثمة من يريد الحكومة الجديدة إنتقاما له تعويضا عما لم يستطع تحقيقه شخصيا، لذا هو يحمي المداولات برمش العين الى حين تحقق الولادة الموعودة.

ما حصل في اليومين الأخيرين نتيجة العقوبات الأميركية المزدوجة على من يعتبرهما تيار «المستقبل» صلة الوصل بينه وبين الثنائي الشيعي ومع قوى خارجية، أثار لدى قيادة «المستقبل»، كما لدى نادي رؤساء الحكومات السابقين، مروحة من علامات الإستفهام المعطوفة على بعض من الهلع:

1- هل قررت واشنطن تعطيل مسار المبادرة الفرنسية التي يراها مجموع هؤلاء أو يستعملونها منصة للإنتقام من العهد ومن التيار الوطني الحر، بإعتبار حكومة مصطفى أديب النسخة الحكومية الفضلى التي لم يستطع رئيس «المستقبل» تحقيقها نتيجة إخراجه من السباق بالفيتو المسيحي المزدوج؟

«النأي بالنفس» الردّ الأنسب على تمنع الرئيس المكلف اللقاء مع التيار العوني وانتظار جلاء العاصفة

2- هل الموقف العربي، والخليجي على وجه التحديد، متماهٍ مع التوجّه الأميركي الذي لا يزال يعتبر أن حزب الله هو لب المشكلة وأن لا إستقرار لبنانيا من دون التخلص منه؟

3- ما السبيل الى حماية المبادرة – وسيلة الإنتقام- من دون إثارة المزيد من الغضب الخليجي الذي منع في الأصل رئيس تيار «المستقبل» من تحقيق رغبته في العودة الى رئاسة الحكومة؟

4- ماذا لو قرر المستهدَف من العقوبات الانقلاب على التفاهم السرّي الحكومي – السياسي غير المعلن، وقلب الطاولة والعودة عن الإلتزامات وتبادل الخدمات التي نُسجت لتسهيل ولادة الحكومة؟

5- ماذا لو قرر الثنائي الشيعي الرد على العقوبات الأميركية عبر التمسّك بإحتكار تسمية وزير المال، بما يغيّر في بنيان حكومة المهمات، وإستطرادا يتهدد بإجهاض المبادرة الفرنسية؟ ومن يتحمّل المسؤولية في كل ذلك؟

6-في هذه الحال، هل في الإمكان تمديد مهلة الخمسة عشر يوما التي تنتهي الثلاثاء، أم تسقط فيعتذر الرئيس المكلف في اليوم نفسه، وتنتهي الفرصة السانحة للإنتقام؟

7- ماذا لو قرر الرئيس المكلف تنفيذ الالتزام الباريسي، فقصد رئيس الجمهورية وأودعه مشروع حكومة وفقا للمواصفات الفرنسية القائمة على المداورة في الوزارات الرئيسة وعلى إختيار الوزراء– المفاتيح من غير الحزبيين أو حتى المقرّبين من الأحزاب؟ ما الذي سيكون عليه موقف الرئيس من التشكيلة؟

بانت جلية تلك التساؤلات في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، على شاكلة اتصالات مع الخارج، وخصوصا مع باريس، في موازاة تكثيف التواصل الداخلي لتفادي تعثر حكومة مصطفى أديب.

الثابت الوحيد حتى الآن أن التيار الوطني الحر يضع نفسه خارج كل هذا البازار. وهو أبلغ المسؤولين الفرنسيين بموقفه المسهّل، وأنه غير معني إطلاقا بأي نقاش حكومي، سواء رغب الرئيس المكلف باللقاء أم إستمر على موقفه المتمنّع. واتاح له قرار التسهيل، بما يحمل من بعد إستراتيجي، إحباط الغاية السياسية من الحصار الذي فُرض عليه في الأسبوع الأخير نتيجة منع أو تمنّع الرئيس المكلف عن التشاور معه. وتتمثل تلك الغاية برغبة محلية في إستجرار المزيد من الضغط الدولي على قيادة التيار ورئيسه بما يتلاقى مع مسار العقوبات الأميركية.

ومن المقرر أن يعلن رئيس التيار جبران باسيل الموقف المسهّل بلا حدود في كلمة يوجهها قبل ظهر  الأحد، يضمنها موقفه الحكومي الى جانب تطرقه الى المسائل السياسية الراهنة.

ولا يُخفى أن التيار يتجه الى منح الحكومة العتيدة الثقة النيابية طالما هي تحمل مشروعا اصلاحيا طالما نادى به وتعثّر نتيجة الممانعة التي واجهته بها القوى السياسية التي لا تزال تعتبر الإصلاح إستهدافا لمكتسباتها وضربا لإستمراريتها، وهي التي إعتادت تغذية خزناتها عبر السطو على المال العام، وتوسعة نفوذها من خلال الاستناد الى النموذج الاقتصادي والاجتماعي الريعي الهشّ الذي أدخل لبنان دوّامة قاتلة أوصلته في أقل من 3 عقود الى الموت السريري الذي يعانيه اللبنانيون راهنا ويقضي عليهم وعلى احلامهم، تباعا وتدرجا، جوعا وهجرة!